الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اريد وطن (2)

رعد موسى الجبوري
(Raad Moosa Al Jebouri)

2019 / 11 / 1
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


- الهوية الوطنية ونشؤ الدولة الوطنية
نشأت الدولة الوطنية العراقية في بداية القرن العشرين وهذا انتج أيضا ظهور "هوية وطنية" وليس من خلال ترسيم الحدود الإقليمية فقط، ولكن أيضًا من خلال التمييز (القانوني) بين سكان العراق وبين سكان الدول الأخرى. وتطور "شعور" مشترك تم إنتاجه من خلال استناده إلى اللغة و الدين و التاريخ المشترك و إلى الرقعة الجغرافية المشتركة. كما تم تنظيم الانتماء إلى الدولة بشكل واضح عن طريق أوراق الهوية الوطنية وشهادات الجنسية واصبح جواز السفر دليلاً على الجنسية وبالتالي على انتماء أعلى من جميع الانتماءات الفرعية.
- الثقافة الوطنية
ولا يقتصر موضوع الهوية الوطنية على "تعريف" الجنسية فقط، فالدول الوطنية حريصة على خلق "ثقافة وطنية" تجعل "شعب الدولة" يظهر ضمن دولة متجانسة ثقافياً. فيتم تعزيز اللغة الوطنية، ويتم سن نظام التعليم والخدمة العسكرية والذين يعززان هذا التجانس. فتشكيل "شعور" مشترك مهم لترسيم الحدود إلى الخارج وكذلك تأكيد الولاء والانتماء للداخل.
- الوطنية والقومية
الوطنية هي أحد أشكال الهوية الجماعية التي تشمل المجتمع. وليس بالضرورة أن تتطابق الوطنية مع القومية. فالوطنية والقومية لا يمكن أن تُنسب إلى صفات معينة معطاة من الطبيعة، على الرغم من أن العديد من الدول ( وخاصة المبنية على العقائد القومية) تتذرع بهذه الأساطير عن المنشأ والاصل المشترك وتحاول بذلك السعى لدعم روابطها المشتركة والخاصة مع الإقليم المكاني. وإذا سئلوا عن، ما هية "القومية"؟ فغالبًا ما يشيرون إلى دين أو ثقافة أو لغة مشتركة. اما في العلم الاجتماعي فيتم التأكيد على ان بناء الأمة يتمثل "بمجتمع افتراضي" ويتم الحفاظ عليه وقبل كل شيء من خلال إرادة المؤسسة والنظام السياسي المهيمن. و طريقة أبسط لتعزيز فكرة "القومية الموحدة" هي توجيه التركيز على ماهو ليس "القومية"، فعلى سبيل المثال، يتم تشكيل مجموعة من "آخرين" مختلفين أو صنع مشكلة تهديد "الهوية القومية الخاصة" من قبل "الغرباء".
- الهوية الوطنية
تختلف الهوية الوطنية عن الهوية القومية. فنجد في سويسرا مثالا واضحا، فتلعب هناك الهوية الوطنية دورًا رئيسيًا في تطور الدولة السويسرية الفيدرالية. فسويسرا "كوطن نشأ بارادة شعبها" لا تشترك مكوناتها في اللغة ولا تشترك جماعاتها بعقائد دينية متجانسة أو اصل عرقي واحد. وبدلاً من ذلك، اصبح عدم التجانس هذا بالتحديد، والمعبّر عنه في تعدد اللغات و النظام الفيدرالي، هو الجانب المهم في "الثقافة والهوية الوطنية". ولكن يبقى تعريف الحدود تجاه الخارج مهم أيضاً. وفي هذا السياق، تتم الإشارة في كثير من الأحيان إلى "الأجنبي" والتمييز عن "الأجنبي غير السويسري". وتقوم الكثير من الدوائر الشعبوية اليمينية بترديد حجج ترسيم الحدود هذه وأعلنت أن "الهوية السويسرية" مهددة بوجود "الأجانب".
- الهوية الوطنية والثقافة الوطنية
لا يمكن بتاتا لجميع افراد الشعب ان تتطابق ماهية ثقافتهم مع الثقافة السائدة في الدولة أو الدولة الوطنية بشكل متساوي. فهناك فقط جزء من السكان يتطابقون ويعرفون انفسهم بتعريف ثقافة الدولة السائد، وهؤلاء يمثلون الاغلبية، وهذه الأغلبية تدعي أنها تجسد المواطن وبذلك يتم استبعاد آخرين من هذا الوضع. إن فكرة الأمة المتجانسة ثقافيًا تؤدي دائمًا إلى ظهور الأقليات. في عام 1998، صدقت سويسرا على الاتفاقية الإطارية لحماية الأقليات القومية لمجلس أوروبا. تنص الاتفاقية على حماية الأقليات - على سبيل المثال من المجتمعات اليهودية أو السفر - ولكن مع تعزيز والحفاظ أيضا على الأقليات اللغوية الوطنية المركزية.
كثير من الدول الأخرى تشكل موطنا لعدة مجموعات عرقية، ولكل منها هويتها الخاصة ويمكن أن تشكل أغلبيات أحيانا أو أقليات أحيانا اخرى. وتستخدم الهوية العرقية غالبًا كمعرف مركزي بالإضافة إلى الهوية الوطنية. ويتم التأكيد بشكل خاص على الهوية العرقية عندما تقاتل هذه الجماعات من أجل الاعتراف بحقوقها أو للحصول على الموارد وتقاسمها.
- في العراق
لم يستطيع النظام القومي ولا النظام الديني الاسلامي القائم حاليا من دمج الهويات الفرعية في هوية وطنية مركزية سائدة. بينما قام النظام الوطني في الفترة من 14 تموز 1958 وحتى حدوث الانقلاب القومي الدموي في 8 شباط 1963 ببرهنة تجربة وطنية ناجحة شملت جميع اطياف الشعب العراقي.
- اسباب لضمان الهوية الوطنية هي:
1- عدم قيام نظام قومي، فهذا يستند على اساس هيمنة افكار القومية ويسعى لتذويب جميع الهويات والاعراق الغير تابعة للقومية السائدة في هوية قسرية وحتى ولو بالقمع الدموي يسموها القومية كما يريدون تغيير الحدود الجغرافية تحت شعارات الوحدة القومية والتي هي محض افتراض وغير واقعية. ( مثال الافكار القومية العربية والكردية والتركمانية...الخ)، ولدينا في انظمة حزب البعث القومي التي سادت تجارب مريرة.
2- وعدم قيام نظام على اساس ديني، على اساس فرض شريعة اسلامية والذي سيكون بشكل طائفي بالضرورة، لتعدد المرجعيات واختلاف الفقه الاسلامي مما يؤدى الى قمع الحريات الدينية لغير المسلمين والى اشتعال الاختلافات والصراعات الطائفية والمذهبية، كما نجده في العراق وايران مثلا.
3- أن قيام نظام ديموقراطي وطني لامركزي سيعزز من الهوية الوطنية ويعطي المجال للهويات الفرعية الحرية والحياة ضمن حماية الهوية الوطنية الجامعة، ولا يتم ذلك ألا بشرط توزيع الثروة والرفاه بشكل عادل بين المناطق والفئات الشعبية المختلفة من العراق، وايضا من خلال العمل على تطوير الاقتصاد الوطني المستدام بشكل متساوي ومتوازن.
4- وفي الجانب الاقتصادي يجب بناء بنية تحتية جيدة للنقل والمواصلات تشمل جميع رقعة العراق الجغرافية وليس الارتكاز على طرق السيارات فقط بل على السكك الحديدية والنقل المائي ايضا.
5- تطوير نظام تربوي وتعليمي حديث يضمن تربية روح التسامح والتعلم من تاريخ العراق الحديث والمعاصر وتشجيع الرياضة بين الشباب وحب الوطن والارض.
6- تشجيع الادب والثقافة وتطوير اللغات القومية وتعلمها في العراق والكتابة والتأليف فيها.
7- خلق جيش وطني شامل وبقيادة مركزية وبعقيدة وطنية فقط.
8- اعطاء المحافظات خصوصيتها وحريتها في تطوير مناطقها من الناحية الاقتصادية والتربوية والثقافية مع تشجيع التعاون بينها.
9- اضافة مجلس اتحادي، يوازي ويكمل البرلمان العراقي الاتحادي، يكون التمثيل فيه لجميع محافظات العراق، لغرض التعبير عن مصالح المحافظات في اتخاذ القرارات المركزية المشتركة. كما هو موجود في جمهورية المانيا الاتحادية وفي سويسرا فهناك البرلمان الاتحادي، البوندس تاغ، والمجلس الاتحادي، البوندس رات، الذي تتمثل فيه الولايات جميعها.

- انتفاضة تشرين اول 2019
اندلعت الانتفاضة في بداية تشرين اول وعبرت مطالب الشباب عن ضرورة تحقيق عيش كريم ولائق في بلدهم ولكنهم مع استمرار الانتفاضة سرعان ما ادركوا ان مطامحهم لا يمكن ان تتحقق الا بتغييرات سياسية جذرية ولكن وعيهم تطور وتجاوز ذلك وتوصلوا الى ضرورة تحقيق الهوية الوطنية فهتفوا : نريد وطن.
وطالبوا بتغيير الدستور(العقد الذي يربطهم ببعض كعراقيين) ليحقق هذا الهدف الهوية الوطنية. واصبح تحقيق هذا المطلب حاجة لتطور العراق الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
وشاهدنا في التظاهرات ولادة وممارسة هذه الهوية الوطنية الجامعة فوق الهويات الفرعية، فالعرب والاكراد والسنة والشيعة والمسيحيين والمسلمين والصابئة المندائيين وغيرهم من الهويات الفرعية العراقية ساهمت بفاعلية وقدمت الشهداء في كفاحهم من اجل الوطن والهوية الوطنية.
وهذا اثبات عن الحاجة الموضوعية والمادية لتحقيق الظروف والبيئة والمناخ السياسي لتطور الهوية الوطنية والتي بدونها لايمكن اقامة دولة تضمن التطور والازدهار والرفاه لابناء العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيرات اليمين المتطرف في فرنسا لطرد المسلمين


.. أخبار الصباح | فرنسا.. مظاهرات ضخمة دعما لتحالف اليسار ضد صع




.. فرنسا.. مظاهرات في العاصمة باريس ضد اليمين المتطرف


.. مظاهرات في العديد من أنحاء فرنسا بدعوة من النقابات واليسار ا




.. خلافات في حزب -فرنسا الأبية-.. ما تأثيرها على تحالف اليسار؟