الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش

محمود عباس

2019 / 11 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


تدمير القوى الكردية للدولة الإسلامية المزعومة هدمت الكثير من مصالح مؤسسيها. وتصفية قياداتها منذ حروبها في مدينة الأسطورة كوباني، وعلى مشارفها، وفي الرقة وعلى أطراف أخر معاقلها باغوز، أو في مناطق شمال العراق، طعنت في القوى التي تعادي الكرد، وخاصة المحتلة لكردستان. فلا غرابة فيما إذا كان الكرد وعلى مر التاريخ أكثر الشعوب حاضرة في الواجهة أحيانا، وفي العتمة أحيانا أخرى، فلا حلول وسطية، ذوي صيت مقابلها عداوة لا حدود لها من جهات عديدة، فكلما خدمنا البشرية تأذينا كأمة، والتاريخ يشهد على هذا، فهل نحن سذج، أم الأخرين خبثاء في السياسية، والسياسة تعدم الضمائر؟
غياب هذه المنظمة عن الساحة مؤلمة للعديد من الدول وبينها الكبرى، مثل كارثية وجودها وصعودها على شعوب المنطقة دون السلطات، والأنظمة المهيمنة. هناك أنظمة تحاول أنعاشها من غيبوبتها، وتطعيمها بإسماء جديدة وتغيير الواجهة، التمثيلية واضحة؛ من خلال تجميع البقية الباقية من خلاياها العابثة في المناطق العديدة، ومن بينها جغرافية سوريا والعراق.
كإيران وحاجتها إليها لمواجهة ما يجري الآن في شوارع المدن العراقية، والحصار الأمريكي. والسلطة السورية لتقارن ذاتها بجرائمهم أمام العالم الحضاري، لنفس السبب لم تعترض عليها يوما منظمات المعارضة السورية المسلحة.
ولكن أهمها وأكثرها دعما لهم هي السلطة التركية، الأردوغانية الإسلامية الراديكالية، والتي جمعت فلولها الهاربة من سوريا والعراق، تدربهم وتدعمهم لوجستيا، وتنظمهم تحت أسماء مختلفة، كالجيش الوطني السوري المتشكل حديثا وجيش السلطان مراد، أو العمشات، أو الجيش السوري الحر، وغيرها من الأسماء، وجميعهم من فلول داعش والقوى التكفيرية الأخرى الهاربة من سوريا إلى حضانة السلطة التركية، وهي الآن توجههم إلى المنطقة الكردية، شرق الفرات، وقبلها إلى عفرين. هذه المنظمات الخالية من الشرائح الوطنية، لعدة أسباب؛ منها:
1- الوطني لا يبيع وطنه للمغتصب.
2- الوطني لا يعتدي على أبناء الوطن الواحد إرضاء للمعتدي.
3- الوطني لا يعيد تجارب سلطة بشار الأسد الإجرامية من حيث التبعية للخارج وقتل المدنيين والشعب السوري الآمن.
تركيا بقدر ما تضررت من ضمورها، استفادت من فلولها، وعلى بعدين: لأنها كانت حربتها بالقضاء على القضية الكردية، بعدما كانت قد تأثرت إحدى أهم مبرر هيمنتها على المنطقة، بعدما كسبت من وجودها بأكثر من اتجاه، من تهديد الكرد بشكل غير مباشر، وتهديد أوروبا بالمهاجرين وفي الواقع يقصد الإرهابيين المغروزين ضمنهم، وكذلك تهديد أمريكا والمنطقة من خلال فتح مطاراتها وموانئها لهم بالتدفق متى ما أرادت. والان تسخرهم للهيمنة على شرق الفرات، وعن طريق المجموعات التي غرزتها في عفرين احتلت كل شمال حلب، وبالتعامل معهم اجتاحت مدينة الباب دون أن يسقط داعشي واحد قتيلا، ولا جندي تركي، والبشرية تعلم مدى وحشية القوتين، العسكرية التركية وتاريخها أكثر من معروف في عالم الإجرام، وهي تحمل إرث أسوداً تعود إلى ما قبل الإمبراطورية العثمانية، وسمعة مجرمي داعش ومجموعاتها الإرهابية تجاوزت كل الأبعاد، لأن معظمهم اختيروا بدقة من قبل أولياء أمر المنظمة.
فلا عجب من تصريحات الكراهية والحقد العديدة ضد الكرد، ولا غرابة أن تتكرر المؤامرات ضدهم وخاصة من عرابي داعش، فهم والعالم يعلم، أن الشعب الكردي هو الوحيد الذي سخر كل طاقاته للقضاء عليها، وناضل بجهد منقطع النظير لتدمير الدولة الإسلامية المزعومة. فبقدر ما تآذت منها أمتنا بكل أطيافها، ناضلت من أجل تدميرها، وبقدر ما تم توجيهها نحو شعبنا الأمن من قبل الأنظمة المحتلة لكردستان، ضحت حركتنا بأبنائها لإنقاذ الأمة من شرورها، وفي الواقع من شرور القوى المتربصة بكردستان، الذين وضعوا القضية الكردية في موازين الوجود أو عدمه مع المنظمة، كأحد أهم مخططاتهم العدائية ضد شعبنا، على الأقل في هذه المرحلة.
والأكثر ألما وربما ليست غرابة، هي مواقف القوى الكبرى أمريكا وروسيا ولربما أوروبا إلى حد ما، فرغم ما قدمه الكرد من خدمة لهم وللعالم أجمع، وفي الوقت الذي كانت تظهر هذه الدول عدائها لهذه المنظمة في الإعلام، وتقديم كل المساعدات والخدمات الإستراتيجية للكرد في حروبها للقضاء عليها، تخلت عنهم في أحد أهم مراحل الصراع، وهي القضاء على الفكر الذي خلفه المنظمة، ومخططات الدول الإقليمية والتي لا تزال تجاهد لإعادتها. علما أن إستراتيجيي الدول الكبرى يدركون تماما أن المنظمة بإمكانها أن تعود إلى الساحة بكل سهولة، لعدة أسباب، منها:
1- أن القوى التي تدعمها لا تزال في حاجة إليها، ومنها تركيا وقطر وإيران وسلطة بشار الأسد، وجلهم يحالون أحيائها، بشكل منفرد أو جمعي.
2- أجهزتها الدول الكبرى الفضائية ترى كيف أن خلاياها الإرهابية لا تزال تجول المنطقة.
3- تدرك أن تصفية القيادات المزروعة من قبل القوى الإقليمية المستفيدة منها لن تسد الفراغ الحاصل بعد عملية التخلي عن الكرد، ونحن هنا نعني التخلي الأمريكي والروسي معاً.
وعلى الأغلب لضغط هؤلاء الإستراتيجيين المدركين لمدى فداحة الكارثة الناتجة من تخلي ترمب عن القوة الكردية التي دمرت الدولة الإسلامية، وتأثير الانسحاب من شرق الفرات سلبا على مصالح أمريكا وسمعتها، والتي قد تؤدي إلى احتمالية عودة داعش، بمساعدة دول كتركيا وإيران، إلى جانب تأثير التخلي عن حليفهم الكرد على حملته الانتخابية سلبا، أعاد الرئيس ترمب النظر في قراره، ولا يستبعد أن يكون عودة الأمريكيين إلى شرق الفرات مبنيا على قرار البقاء طويلا، علما أن صدمة التخلي كانت شبه كارثية على الشعب الكردي وقضيته في سوريا، ومؤثرة على الشارع الأمريكي أيضاً.
وللتخلص من أثار هذه الكارثة، والتي سبقتها، ككارثة ما يجري في عفرين، لا بد من العمل على التخلص من سذاجتنا إن كنا كذلك، والأساليب عديدة وأهمها وأسهلها هي إجراء حوارات كردية -كردية ومنها موسعة لدراسة كل هذه الإشكاليات، فالظروف التي نمر بها، كشعب كردي وكردستاني (الصفة التي تنغص بشار الأسد وشرائح من المعارضة السورية) وتمر بها القوى السورية الوطنية، المعزولة في كل المحافل الدولية الخاصة بمستقبل سوريا، تدفع بنا جميعا إلى تناسي خلافاتنا لبعض الوقت والعمل معا، على الأقل لنلتقي على النقاط التي تتقاطع عليها مصلحة أمتنا.

الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
30/10/2019م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله يعلن تنفيذ هجوم جوي على قاعدة إسرائيلية جنوب حيفا


.. من واشنطن | صدى حرب لبنان في الانتخابات الأمريكية




.. شبكات | هل قتلت إسرائيل هاشم صفي الدين في غارة الضاحية الجنو


.. شبكات | هل تقصف إسرائيل منشآت إيران النووية أم النفطية؟




.. شبكات | لماذا قصفت إسرائيل معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسو