الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دانيال ايقونة محبة

ياس خضير الشمخاوي

2019 / 11 / 2
الصحافة والاعلام


المطب الذي يقع فيه البعض في تحليل شخصيات نموذجية مثل شخصية الكاتب الناقد السينمائي يوخنا دانيال، هو عدم التفريق بين اتجاه تلك الشخصيات في محاربة الأفكار الراديكالية الفاسدة لا محاربة حق الإختلاف وسننهِ الكونية.
غالبا ما ننظر الى القضايا موضع الجدل الفكري والفلسفي بحيادية عندما لا تمس تلك القضايا منظومة معتقداتنا وميولنا. مثال على ذلك: عندما اعلم مسبقا أنّ يوخنا مسيحي يناقش هندوسي في معتقداته الدينية، فأنا محايد ليس لأنني أؤمن بمبدأ الحياد؛ بل لأنني مسلم لن يثير عواطفي السجال الدائر بينهما، وبكل تأكيد سوف ينصب تفكيري على أسلوب الحجاج وطرق استدلاله والأفكار المطروحة فيه بعقلانية.
ولكن سرعان ما نخرج عن موضوعيتنا وعقلانيتنا الى انحيازاتنا العصبية، فتتحول احكامنا الى قضية شخصنة في تحليل صاحب الخطاب، لا تحليل الخطاب نفسه- الذي كان ينبغي أنْ يكون هدف العقلاء المحايدين في التشريح- أي اننا نخرج عن تلك الموضوعية والحيادية في الحجاج والطرح عندما يمس الخطاب مزاجاتنا ومرجعياتنا الفكرية، وخصوصا تلك المزاجات الدينية.
ما أريد قوله، انّ يوخنا ونظرائهِ من المحللين، ينظرون الى الخطاب كمادة علمية بتجرد عاطفي، وهذا التجرد لن يفهمه اصحاب العقول الضيقة احيانا، أو الذين لديهم حساسية مفرطة تجاه نقد تابوهات معيّنة، خصوصا نقد المقدس الديني، لذلك ينهالون بالشتم والسباب عليه بدلا من محاورتهِ.
قد اشكِلُ على ردود افعال يوخنا العنيفة احيانا عندما يُستفز من قبل احدهم، وإنْ كانت تلك الردود معظمها طبيعية لمّا تقع ضمن إطار المماحكة الجدلية في مناخ الصراعات النفسية والإجتماعية والسياسية، خصوصا في أجواء محمومة بالتوتر في مشهدها السياسي، الديني، الإجتماعي، التواصلي والإتصالي. إلخ.
الروح الإنسانية لهذا الرجل، مفعمة بالمحبة، فهي أوسع أثرا، وأكثر فصاحة من لسانهِ الحادِّ في الرّدِ على خصومهِ. وهذا ما جعله محبوبا بين اصدقائهِ الذين يغضّون الطرف عمّا يثلبهُ في الحوار؛ لأنهم فضلوا أنْ يفتّشوا عن حلمِ الإنسانِ الشرقي المولود في رحم أنسنة الأفكار والأشياء. نعم كل الأشياء.
علينا انْ نستمرَ في البحث عن صورة وحلمِ دانيال ايقونة المحبة، وترياق التحدي ضد سموم التطرف، وفوبيا التعايش والإندماج مع الآخر وسط هذا الكم الهائل من صناعة الكراهية والإنقسام المجتمعي.
ياس الشمخاوي/ كاتب عراقي
الثاني من نوفمبر 2019








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب