الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهمشين متنازع عليهم في الصومال

خالد حسن يوسف

2019 / 11 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


# مهمشين متنازع عليهم في الصومال.

أهالي محافظات سناج،صول ومديرية بوهودلي،مقارنة مع باقي محافظات الصومال،لا يجدون نصيبهم من ميزانية الحكومة الصومالية، منذ أن سقوط الدولة في عام ١٩٩١، إنتهت لسنوات بمعزل عن مستحقات تصل تلك المناطق بسبب غياب مؤسسات الدولة والحكومة، وهو ما شمل عموم البلاد.

إلا أن المحافظات التي كانت تسيطر عليها الحركة الوطنية الإسحاقية،الجبهة الديمقراطية لإنقاذ المجيرتين،مؤتمر الهويي الموحد، أصبحت أفضل حال من ناحية حصولها على مداخيل أكانت داخلية ممثلة بعائدات من حركة الطيران رغم محدوديتها،ضرائب الموانئ،ضرائب على المنتوجات الزراعية،حصولها على بعض المنح الخارجية، ومنها على خلفية أمنية محاربة القوى الدينية المتشددة والإرهابية، منح من قبل منظمات الإغاثة الخارجية.

ظلت تلك المداخيل تغطي بعض حاجات تلك القوى والمحافظات التي سيطروا عليها، وصولا إلى فترة حكومة الرئيس عبدالقاسم صلاد حسن، في حين أن محافظات سناج،صول،بوهودلي، لم تجد مثل تلك العائدات المالية، وذلك بعد استثناء بعض الدعم الإغاثي من الوكالة الصومالية للإغاثة والتطوير SDRA والتي كانت تقدم المعونات الألمانية إلى سكان تلك المناطق.

أما على صعيد الإستفادة من مرافئ محافظة سناج، فقد إنتهت إلى خروجها من الخدمة واستعاض عنها تجارها التقليديين بميناء بوصاصو، و بذلك أصبحت مناطق هامشية، حيث عمل كل من الحركة الوطنية الإسحاقية والجبهة الديمقراطية لإنقاذ المجيرتين وكانتوناتهم عن سابق تصور، لدفع تلك المحافظات في هذا السياق، حتى يتسنى لهم السيطرة على قرار السكان، والنزاع المشترك عليهم.

الإسحاق والمجيرتين يجدون ميزانية من الحكومة ودعم المجتمع الدولي ولاسيما منذ عام ٢٠٠٠، إذ أصبحت الحكومة كقناة لإيصال الدعم الخارجي الموجه لبعض الكانتونات، وفي المقابل فإن كانتونات الإسحاق والمجيرتين، عملت خلال الفترة ١٩٩١١٩٩٨، على رفع قوائم احتياجتها التنموية والمالية إلى الجهات الخارجية، وقد أدرجوا في دائرتهم الجغرفية سناج،صول،بوهودلي، بينما على مستوى الواقع، لم يكن لتلك الكانتونات أي حضور في واقع وحياة السكان الذين أدعوا تمثيلهم وتنازعوا عليهم.

مستحقات سناج،صول وبوهودلي، تسلم من قبل الحكومة والمجتمع الدولي إلى الإسحاق والمجيرتين، وعلى صعيد تمثيل الحكومات الصومالية المؤقتة والتي تلتها، ظلت بدورها تتعاطى مع سكان المناطق المهمشة بحالة تجاهل واستبعدتهم من المشهد العام، لكونها بدورها لم تكن تمثلك الآليات لبسط سلطتها على جمهورية الصومال.

ونظرا لذلك أصبحت تتعامل مع كانتونات محدودة وقفت كحاجز أمام التواصل بين الحكومات والسكان المهمشين، وهو ما نتج عنه أن تعاملت الحكومات مع الكانتونات كجهات مسؤولة عن تلك المناطق التي أطلق عليها بالمتنازع عليها، بين الإسحاق والمجيرتين.

وشمل الأمر أيضا المجتمع الدولي والذي أصبح يتعامل مع الكانتونات بوصفها بنى وقوى لا محال من التعاون معها ودعمها حتى على المستويات الأمنية والعسكرية، وقد إستثمر كل من الحركة الإسحاقية وجبهة المجيرتين منذ مطلع عقد التسعينيات تواجد ميليشيات الاتحاد الاسلامي الصومالي، في مدينة لاسقري وجبال ساليد المحيطة بها والواقعة في محافظة سناج.

وانطلاقا من ذلك نالوا مشروعية سياسية خارجية، في حين أن سكان المنطقة هم من واجهوا فعليا تلك الميليشيات على أرض الواقع وأخرجوها من أرضهم، بينما تم مكافأة الكانتونات على ذلك الاستحقاق لمجرد كونهم قوى منظمة، ومع ذوبان حزب ذولباهنتي- ورسنجلي، مع كانتون جاروي، أصبح المجتمع الدولي يتعامل مع تلك المحافظات من خلال كانتونات الإسحاق والدارود، بحكم النزاع عليها ونظرا لكونها تضم مكونات ذات صلة اجتماعية قبلية وسياسية مع كلا الكانتونين.


الحكومة الصومالية تردد أن لها مستحقات على بعض الدول والهيئات الخارجية التي أشرفت على بعض الشأن الصومالي، كالعائدات من المجال الجوي والعقود مع شركات نفطية وغيرها، وأهالي سناج،صول وبوهودلي، لديهم مستحقات متراكمة على الحكومات التي جاءت بعد سقوط الدولة الصومالية.

إن تعاطيها مع الشأن الداخلي ركز على ثلاثة قوى الأولى ممثلة ببقايا مؤتمر الهويي الموحد في مقديشو ومحيطها، ثانيا وثالثا كانتونات جاروي وهرجيسا، هؤلاء تم تسليمهم مقدرات سكان غالبية محافظات الصومال، وأصبح المجتمع أسرى لصراعاتهم.

وبفعل الضغوط الخارجية قامت الحكومات بتسليمهم مستحقات الكثير من المحافظات، وفي المقابل لم تصل إلى السكان المحليين والذين بلغوا الفقر المدقع،والتجهيل وتعطيشهم وزعزعة أمنهم واستقرارهم، ناهيك عن العمل على التمدد على أراضيهم.

أما يصل أهالي محافظات سناج،صول وبوهودلي من قبل الإسحاق والمجيرتين، يأتي في شكل عدة حرب وشراء ذمم، فتلك المناطق إنتهت كمسرح حرب بين هذه الأطراف، في حين أصبحت نخبة هؤلاء السكان كشراذم توزعت ما بين الكانتوين والحكومة الصومالية، أما الغالبية منهم فأصبحوا على قطيعة مع الشأن الصومالي وفضلوا أما الهجرة أو العمل لحسابهم الخاص.

الحروب من قبل الإسحاق على السكان مستمرة منذ عام ١٩٩١ وعلى خلفية أنهم أدرجو في جغرافيا رسمتها بريطانيا عند احتلالها لصومال، ومن قبل المجيرتين مواجهة الإسحاق عسكريا على خلفية حماية القبائل الشقيقة ممثلين في ذولباهنتي وورسنجلي، بينما هناك عدد من القبائل الأخرى التي تقطن تلك المناطق وينظر لها كلا الجانبين أنها تشكل مجرد تحصيل حاصل.

القائمين على كانتونات هرجيسا وجاروي، يرغبون بالمزيد ولا يكفيهم ما يصلهم، يطلبون من الأهالي ضرائب وكأنهم يشكلون بنى مؤسساتية، بينما هم أقرب إلى مجاميع من اللصوص والمتسولين، إذ تجدهم حريصين على الجباية، لم يضيفوا شيئا لحياة السكان، مدن هرجيسا وبرعو بعد عام ١٩٨٨ إنتهوا كاركام بعد المواجهات بين الجيش الصومالي والحركة الإسحاقية، وتم تعميرهم من مستحقات أبناء سناج،صول وبوهودلي، بينما كانت مدينة جاروي أشبه بقرية كبيرة تتجنب الشاحنات الوقوف فيها، ومع عام ١٩٩٨ أصبحت مدينة ذات نمو مستمر وذلك يشمل مدن جالكعيو وبوصاصو، وما هو حتمي أن جزء كبير من الموارد التي شيدتها تعود إلى المحافظات التي تم تهميشها.

في ظل الحكومات المركزية كانت تلك المحافظات مهملة، ومع قدوم كانتونات السقوط إنتهت كمهمشة، وفي حين ردد الإسحاق والمجيرتين أن هناك مركزية في مقديشو قد سلبتهم حقوقهم، بدورهم فرضوا ذاتهم كمركزيات على السكان الذين مارسوا تهميشهم في سناج،صول وبوهودلي.

وحاليا بالتعاون مع دولة الإمارات يعملون على نهب الموارد الطبيعية في سهول سناج وجبال عالمدو، والمفارقة أن الجميع بلغوا واقع التذمر من أحوالهم الرديئة كل أكانوا من دارود أو الإسحاق الذين ظلوا يتماهون مع ادارة كانتونهم في هرجيسا ويشمل ذلك غيرهم من السكان، فالجميع أدركوا أنهم يمثلون مهمشين، وأنه للحصول على العمل،التعليم العالي،الرعاية الصحية عليهم التوجه إلى تلك الكانتونات.

إن سر قوة الكانتونات والمهمشين يكمن في بنية الدولة الصومالية المنهارة، فتلك المحافظات لم تجد الخدمات التي كان من شأنها الرفع من حياة سكانها، فتوجه الكثير من أبنائها إلى مقديشو،هرجيسا،بربرة،برعو للحصول على واقع حياة أفضل، وقد ذكر البروفيسور محمد سعيد جيس، في إحدى مقالاته عن وجود ٥٠٠ دار لأبناء قبيلة ورسنجلي في مدينة هرجيسا وحدها وصولا إلى عام ١٩٩١ وتعددت تلك الملكية كنتيجة لنشاط تجاري أو عائدات للمغتربين في المهجر، فالقياس على ذلك ويشمل غيرهم.

كما أن محافظات كانتونات الإسحاق والمجيرتين بحكم وقوعها في الشريط الحدودي الدولي ما بين الصومال وإثيوبيا، إذ شكلت مراكز فرق عسكرية في الجيش الصومالي، وتواجد المرافئ الرئيسية تحت قبضة الكانتونات، ومع سقوط الدولة تم الاستيلاء على فائض القوة من قبل حركة الإسحاق وجبهة المجيرتين، واللذين طوعوا تلك المقدرات في صراعاتهم مع الصوماليين عموما والمهمشين المشار إليهم، ناهيك عن ذلك استفادتهم من تجاربهم في المعارضة قبل سقوط الدولة تنظيميا وسياسيا، وتلك المعطيات لم تتوفر للمهمشين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز