الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من جسر الجمهورية حتى سيارة الاسعاف

رائد شفيق توفيق
ِ Journalist and writer

(Raid Shafeeq Tawfeeq)

2019 / 11 / 3
الادب والفن


كان واقفا قرب الجدار العازل بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشعب على جسر الجمهورية
كان يحمل بيديه قناني البيبسي وخلطة من الخميرة يستخدمها الثوار لمكافحة الغاز المسيل الدموع وتخفيف تاثيره ، كان يسعف كل شخص يعاني من حالات الاختناق من تاثير الغازات بعد ما اطلقت اكثر من 10 قنابل غاز في وقت واحدَ وسط عدد كبير من المتظاهرين السلميين ؛ بقي واقفا وسط الدخان وعيونه محمرة ونفسه يضيق شيئا فشيئا لكنه كان يتحامل على نفسه ويسعف الحالات التي كانت تمر به وهو يركض هنا وهناك نحو المصابين يسعفهم ناسيا انه وسط هذه الغازات القاتلة لكنه آثر اخوته الثوار على نفسه ففي قرارة نفسه انهم اولى بالاسعاف فهو ما زال واقفا وما زال عنده وقت كاف لاسعاف نفسه وفق تقديره وانه يستطيع التحمل وقتا اطول وسط الابخرة والغازات الخانقة الكثيفة حتى اشتدت حدة الغازات بسبب كثافة القنابل التي بدأت تتزايد ونفذ منه ما كان يحمله من الببسي ومحلول الخميرة فسقط ارضا مغمى عليه يعاني حالة الاختناق التي كان يعاني منها اخوته الثوار لاسيما انه يعاني من الجيوب الانفية المزمنة ولم يبق من حواسه سوى اذنيه يسمع بهما اصوات الثوار فيما يستجدي قليلا من الهواء النقي وفي اثناء ذلك شعر بان ايد رحيمة احتوته بكليته ورفعته من دون معرفة من الذي حمله ..لونه ، عرقه ، طائفته ، دينه ، لكن المؤكد لديه ان هذه ايد عراقية جل همها انقاذه وضعته الايد الطيبة في العربه الهندية الصغيرة ( الُتك تُك ) واحس بان هناك شخصا بجانبه يعاني الاختناق مثله بينما طار بهما (التك تك) كبساط الريح واصوات منبه العجلة التي لم تتوقف تختلط بصوت سائقها الذي يصرخ باعلى صوته وبشكل جنوني (افتح الطريق) ليتفريق الناس يرددها من دون توقف .. من نبرة صوته عرف انه فتى بين الخامسة عشر والسادسة عشر من العمر ليصل بهما الى سيارات الاسعاف .
لم يكن في العجلة سوا هؤلاء الثلاثة الفتى سائق العجلة والمسعف المختنق والمتظاهر الذي يعاني الاختناق ويئن من شدة اصابته في اثناء ذلك وبينما العجلة تسابق الريح والزمن ، امتدت يد الى المسعف تنفث في فمه من جهاز صغير بخاخ طبي وتعطيه جرعات تساعده على التنفس بشكل منتظم كل عشر ثوان ، اخذ المسعف يسأل نفسه من هذا الذي يفعل ذلك ويساعدني وليس هناك سوى ثلاثة في العربة السائق ونحن نعاني من الاختناق بعدها انسحبت اليد وتوقف الانين ؛ وعند وصولهما الى سيارات الاسعاف نقل المصاب الثاني الذي كان بجانبه الى المستشفى فورا بسيارة اسعاف لوحده من شدة خطورة الحالة لانه كان فقد الوعي تماماً ، والشخص الذي وضعه في سيارة الاسعاف عاد اليه ليعالجه بعد ان استطاع ان يفتح عينيه ويستعيد تنفسه الطبيعي وجلس على الرصيف والمعالج وضع جهاز الاوكسجين على انفه وفمه ويتكلم معه ليتاكد من عودة الوعي الكامل اليه وقال له : زميلك فقد وعيه بشكل كامل وحالته خطيرة جدآ والطبيب يقول انه كان يستطيع معالجة نفسه فقد كان معه بخاخ يساعد على ازالة الاختناق لكن لا ادري لماذا لم يستعمله؟ واراه جهز البخاخ الصغير ، حينها عرف انه كان يحتضر لكنه آثره على نفسه وبعد ان استعاد وعيه كاملا اخذ علبة البخاخ هذه واحتفظ بها كذكرى لايمكن التفريط بها ابداً.
هل سمعتم يوما بهكذا بطولات ومثل هذا الايثار؟ ا
ذلك هو العراق وحب العراق الذي صنع ويصنع المعجزات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع