الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنفيون الليبيون

بشير زعبيه

2019 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


«كان كرنفالا من الدماء مملوءا بالفظاعة والمذابح والجنون»، هكذا يصف الصحافي الإيطالي باولو فاليرا حمي القتل التي حركت قوات الغزو الإيطالي بعد هجوم الصد المضاد الذي شنه الليبيون على القوات الغازية في معركة الهاني وشارع الشط في 23-26 أكتوبر 1911، وتحولت بذلك نزهة الـ «بضعة أيام» لخمسة وثلاثين ألف عسكري إيطالي في ليبيا إلي أكثر من عشرين سنة، لم ينقطع فيها دفاع الليبيين المشروع عن أرضهم وعرضهم وعروبتهم، كما لم ينقطع شلال الدم وكوابيس الاعتقال والتشريد والنفي حين اكتشف الغزاة أن «شاطئهم الرابع» الموعود كان جحيما مفتوحا ينتظرهم.
الصحافي الإيطالي فاليرا كان شاهد حينها.. وحينها أيضا كتب مؤرخا ومتنبئا أن «تلك الأيام من أكتوبر قد نقشت على الرخام والنحاس وأنها قصة ستتناقلها الأجيال»..
بعد معركة الهاني وشارع الشط، أي بعد حوالي ثلاثة أسابيع من نزول القوات الغزو الإيطالية على شاطئ طرابلس، وبعد الهزيمة التي فاجأتها على أيدي المقاومين الليبيين، لجأت القوات الإيطالية إلى عملية انتقام كبرى، بدأت بمسلسل قتل عشوائي استهدف السكان العزل، بمن فيهم الشيوخ والنساء والأطفال، فكانت مجزرة وحشية ذهب ضحيتها 400 ليبي، حسب المصادر التاريخية ثم بدأت تلك القوات بمحاولة تفريغ شامل للسكان، اعتمدت فيها على زج المواطنين الليبيين من رجال ونساء وأطفال في معسكرات اعتقال جماعية وحشرهم في سفن شحن، ومن ثم نفيهم إلى جزر الجنوب الإيطالي، لتنتظرهم هناك معسكرات وسجون الاعتقال والموت والمستقبل المجهول، المصادر التاريخية سواء الأجنبية منها أم تلك التي صدرت عن ركز المحفوظات والدراسات التاريخية الليبي قدرت عدد الذين شملتهم عمليات النفي بأكثر من 5000 شخص، بدأت يوم السادس والعشرين من شهر أكتوبر 1911 واستمرت بشكل متواصل طوال سني الاحتلال الإيطالي.
وتشير مصادر مركز المحفوظات والدراسات التاريخية الليبي إلى أن أولى عمليات النفي جاءت بعد برقية بالخصوص وجهها رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك جولييتي إلى الجنرال كانيغا الذي قاد عمليات القتل في طرابلس يقول نس البرقية:
«ت 27979 ـ روما ـ 24 أكتوبر 1911ـ الساعة 16.45: من برقيتك لم يكن واضحا كيف يتطور القتال الذي كلف خسارة الضباط والجنود الذين ذكرتهم أنه من الضروري لنا أن نحصل علي معلومات دقيقة وكاملة لتنع انتشار الأخبار الخاطذة في إيطاليا وفي الخارج حيث يمكن اعتبارها هزيمة لنا وهو الواقع الذي ينزع الثقة منا.. بالنسبة للمتمردين المعتقلين يجب ألا ينفذ إعداهم هناك سأرسلهم إلى جزيرتي تريميتي في البحر الأدرياتيكي مع أولذك الموجودين تحت الإقامة الجبرية يمكن توجيههم إلى هناك مباشرة معإعلامي بمغادرتهم وأن جزرية تريميتي تستطيع استقبال 400 سجين إني مرسل إلى هناك مفتشا من الأمن العام لإعداد إقامتهم».
ثم يضيف جوليتي برقية لاحقة يأمر فيها كانيغا بإرسال أي عدد من الليبيين: «مستعجل إلى سعادة الجنرال كانيغا القائد العام بطرابلس اعتقد أنه من الأحسن الإضافة إلى برقيتي أنه بالإمكان وضع أي عدد من العرب حتى وإن كان يبلغ عشرات الآلاف في جزر تريميتي وقافينيانا وأوستيكا وفنينونتيبي وغيرها».

وكان نفي السكان الليبيين حسب شهود عيان بمن فيهم إيطاليون يتم في ظروف غاية في المأساوية ، إذ ينقل المنفيون من سفن الشحن إلى شواطئ الجنوب الإيطالي بواسطة شباك صيد السمك، ويقول أحد الشهود الذي نشرت شهادته صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية في 24/9/1911 أنه تمكن من ؤية عدد من المنفيين يدفنون وهم أحياء فور وصولهم إلى أحد موانئ الجنوب الإيطالي، ويشير إلي أن عددا أكثر مات فور وصوله الميناء، وجرى توزيع المنفيين فيما بعد على أكثر من ستة وعشرين سجنا بمختلف جزر الجنوب الإيطالي، من بينها ، تريميتي ، وفافاينيانا ، وأوستيكا، وغابيطا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه