الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شتّانَ ما بين الحثّ والتوعية.. والتحريض والتأجيج // التظاهرات العراقية الراهنة نموذجا

رواء الجصاني

2019 / 11 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


التظاهرات العراقية الراهنة نموذجا
شتّانَ ما بين الحثّ والتوعيـة.. والتحريض والتأجيج
* رواء الجصانــي
----------------------------------------------------------------------
... وإذ تستمر الاحتجاجات الشعبية في بغداد العراق، والعديد من مدنه، وخاصة الجنوبية منه والفراتية، تتزايد اشكال التعبير، بشأن تلكم الاحداث، الداعمة لها بلا قيد وشرط احياناً، أو مع بعض التحفظات عليها، احيانا اخرى، ولكل من الطرفين رؤى واسانيد، حريصة في الغالب الأعم، وما علينا بغيرها.. ومن بين أشكال التعبير تأتي الكتابات المُبحرة، أوالعجول: آراء وتحليلات وقصائد وصورا ولوحات وتعليقات واستنتاجات ومتابعات، وما الى ذلك، دعوا عنكم الاخبار غير الموثقة والاشاعات وسواها، والتي تبرر احيانا تحت مقولة "ناقل الكفر ليس بكافر" ونرى- بمثل هذه الاحداث الراهنة – انه : كفر مضاعف، لانها تتسبب في اثارة فتنة كريهة، بل وحتى مآسٍ احيانا..
ولربما يمكن ان تُحدد تلكم الكتابات واشكال التعبير بمنحيين رئسيين، اولهما الحثّ والتنوير، وثانيهما التحريض والتأليب، وهما طريقان سالكان ما دام المعنيون بذينك الاسلوبين يعتقدان – بتقديرهما على الأقل- بأن ما يمارسونه يسندُ تلك الاحتجاجات الشعبية حين تطالب بحقوق المساواة والعيش الكريم، وملاحقة رموز وشخصيات وسلطات الفساد والقمع .. ولربما هناك في بعض الاحيان تشابك متلاحم بين "التنوير" المزعوم، و"التحريض" المدعى..
وفي ضوء متابعة اشكال التعبير التى تتزايد حول الاحتجاجات والمتظاهرين، وتحركاتهم، دعونا نتوقف عند بعض خلاصات واجتهادات حول شؤون ومجالات "التوعية" و"التحريض" التي ترافقت – وتترافق – مع تطورات الاحداث، ولعلّ ثمة ما يفيد في سبـر تلك الوقفات، وهو أن الوتائر تتصاعد بشل متسارع، مما "قـد" يودي الى تداعيات مؤلمة أكثر مما حدث، ويحدث، ويتطلب أحترازا من وقوع المزيد من الضحايا والدماء البريئة الغالية، اللا ضرورية، امام وقائع وأوضاع وموازين القوى الراهنة: الداخلية والاقليمية والدولية... ومما نريد ان نتوقف عنده سريعا، وبرؤوس اقلام ليس إلا:
1/ التأكيد بأن التوعية ليست حالاً عجول، ويعرف اصحابها او متبنيها انه تحتاج لفترات زمنية تطول وتقصر حسب ظروف الواقع، لكي تأتي بنتائجها المطلوبة.. اما التحريض فيريد به اصحابه، وهم مقتنعون، استعجال الامور وان شابت النتائج اغلاط وعواقب، وبعضها وخيمة..
2/ وفي ذلك الاطار تركز التوعية - التنوير على اسس معرفية بسيطة او عميقة، مع الحرص على توفير امثلة وملموسيات رصينة، لكي تكون ثابتة النتائج، وافرة الفائدة .. اما خلاف ذلك فيأتي تحريضاً، ولا يهم أن كان مبالغاً في نقل الاحداث او اجتزائها، وحتى التدليس عند تطلب الحاجة التي يريدها ذلك المحرض او غيره، ولأسباب سنأتي على ذكرها تاليا..
3/ وبينما "حبل" التوعية وثيق وأمين، يجئ التحريض مناقضا بالتمام والكمال، ينكشف صحيحه عن خطله بمرور الوقت، وحالما يجري التيقّـن منه، والتبحر فيه.. وفي التأسيس على ما تقدم نستطيع وبكل بساطة معرفة حجوم وقيّم كلٍ من شخصيات "المنورين" رواد التوعية من جهة، والقسم الثاني الذي نعنيه - اي "المحرضين" .. وكلا الجانبين يعلنان الحرص، والدعم والاسناد الضروريين.. خاصة وانهم يرون بأن العديد من الجهات والشخصيات التي يواجهها المحتجون: قتلة وفاحشين وفاسدين ..
4/ وللتأكيد هنا مجددا نوضح بأن مايراه البعض" تحريضا" يراه آخرون "تنويرا" والعكس صحيح تماما، فأولئك "يحرضون" ضد التظاهرات المشروعة، بشكل أو آخر، ويحسبونه "تنويرا"... وبالمقابل ثمة من "ينـوّر" المحتجين، كما يرى، بينما يحسبه آخرون " تحريضا" يقود للخنوع والامتهان وقبول أمر واقع، ملئ بالمظالم والظلمات ..
5/ وان كانت الفترات السابقة تسمح بمرور سهل وسريع للأقتباسات والشائعات والاخبار و"التحليلات" التحريضية، فأن رواهن اليوم وعبر الثورة المعلوماتية، ووسائلها، تكشف الغثّ من السمين وبثوانٍ معدودات ليس ألا.. بينما تترسخ منارات التوعية في الاذهان ، قبل العواطف، ولو تطلب ذلك بعض الوقت والصبر..
6/ كما ان كلاً من "مدعي" التنوير- التوعية، والمحرضين، يستهدفون جماهير ومتلقين يختلفون عن بعضهم البعض احيانا .. وفي تفاصيل أزيد نقول: ان الجمهور الذي يتوجه اليه المنورون، بشكل مباشر، هو جمهور واعٍ لا يقبل بسهولة ان تُمرر عليه الشائعات والاخبار المجتزأة او الشعارات المبهرجة.. بينما يعتمد المحرضون ويتوجهون الى جمهور عام، يتلقف كل ما قيل ويقال، دون تمحيص ولا حسابات، والكثير من اولئك قليل المعرفة والتعليم والتجربة، مما يسهل المهمة (او المهمات!) امام دعاة التحريض ..
7/ ومما يمكن رصده في وقفاتنا هذه بشكل واضح: ان اهداف بعض "المحرضين" تكمن في الرغبة العجول والضرورية في التأثير على الاحداث (كما يتصورون !) اضافة لكسب شهرة سريعة، ولربما مآرب شخصية، ودون حساب ما يترتب على ذلك من تداعيات عامة... اما الدعاة "المنورون" فهم يَحسبون الف حساب وحساب لكل عبارة يقولونها، او جملة يكتبونها، أو عطاء ثقافي ينشرونه..
8/ ومن يتابع ويرصد - ولو ببعض جهد – سيتضح له، وبالملموس، الفارق في اللغة والاسلوب الذي يعتمده كل من الجانبين، : "المنورون" الذين يحرصون على الابتعاد عن الشتائم والاتهامات والبهرجات اللفظية.. و"المحرضون" الذين يستخدمون حتى الكلام الخادش، ويبررون ذلك بأن هناك مفكرون وفلاسفة كبارا قد نهجوا ذلك الطريق، ناسين او متناسين ان لكل جيل وعهد ثقافته ومتلقيه واساليبه، ولا يمكن قياس الذات عند قامات رواد وعباقرة نوادر ..
9/ ومن مبررات "لمحرضين" ايضا في وسائل تعبيرهم واشكالها ان "الغاية تبرر الوسيلة " لأن الاهداف المتوخاة سامية، بظنهم الصادق أو المُدعى .. فيما يبتعد "المنوّرون" عن مثل تلك المقولات، فالكلمة والرأي امانة وضمير، ويترتب عليها حتى خسائر جلّى حين لا تكون ضرورية، وفي مكانها وظرفها ودقتها ..
10/ ثم تبقى، بل ولربما في المقدمة، اهمية التوقف عند انواع، واصناف "المنورين" من جهة، و"المحرضين" من جهة ثانية .. فالأولون، فرادى كانوا أو مجموعات، مثفقون واعون، وفلسفتهم ان يسعة لأشاعة التوجهات والافكار والادوات والجهود، لما تحتمه عليهم رؤاهم ومعتقداتهم.. اما المحرضون، فلربما يمكن توزيعهم على اشكال شتى، ومن ابرزهم: المقتنعون بما يكتبون وينشرون ويدعون اليه، بحسب مداركهم ومعارفهم وتجاربهم .. وثمة ايضا "محرضون" سائرون وفق توجيهات وقناعات ومفاهيم سياسية، أو بسبب ارتباطاتهم بأطر تنظيمية، تلزمهم بأن ينفذوا ما يُراد منهم، ولو كانوا غير مقتنعين به ..
11/ وارتباطا بالفقرة السالفة، نتجاهل عن عمد هنا اشكالا اخرى من العاملين (الموظفين) في مجالات "التوعية والتنوير" الصالحة بحسب البعض، والطالحة وفقا لبعض آخر ..وكذلك هي الحال بالنسبة للمحرضين (الموظفين) الذين ينفذون واجبات عملهم، الخفي منها أو المعلن ..
يقيناً ان وقفات مثل هذه التي نحن عندها في هذه الكتابة تحتاج لمزيد ومزيد من التفاصيل، وحتى الامثلة الملموسة، وعسى ان يسمح الوقت والظرف لاتمام ذلك، خاصة وأن الكاتب قد نشط طوال سنوات في مجالات كالتي يتحدث عنها، وهو شاهد عيان في حالات عديدة، ومنها "تحرضية" بحسابات البعض، او "تنويرية" بالنسبة لبعض آخر، ووفقا لمدارك ووعي ونزاهة أولئكم "البعضيّن" وغاياتهم ونفوسهم، دعوا عنكم صدقية الضمير، وهو الامر الاهم كما أحسب، والتاريخ شاهد عدل عزوف عن الرياء!!..
-------------------------------------------------- رواء الجصاني : 2019.7.11.7








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ