الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصراحة.. لا غير..

وديع العبيدي

2019 / 11 / 7
سيرة ذاتية


أودّ أن أوضح للقارئ، أن موقفي من الغرب والحداثة والتنوير، وكل ما يشتمل عليه عنوان (الحضارة الغربية الحديثة) قد تغير هيكليا وكليا في العقد الأخير، وتبلورت حيثياته وأدواته في العام الماضي، في كتابي:(في علم اجتماع الجماعة)، المنشور في موقع الحوار المتمدن مشكورا، بوصفه التسلسل/2، بعد كتابي: (في علم اجتماع الفرد).
ولكي لا أدعي فضلا، أعترف أن حياتي في الغرب منذ بداية التسعينيات، ومعايشتي الحثيثة للأفكار الغربية وتطبيقاتها على أرض الواقع والعلاقات اليومية، هي التي فضحت مدى زيف الغرب في مزاعمه الفكرية عموما، والتي لم يسبق للعرب وضعها موضع الامتحان المقارن، وما أعنيه تحديدا، هو القاعدة العنصرية والشوفونية للفكر والثقافة الغربية، والمعروفة تقليديا بحركة (الاستعمار الحديث)، وصولا إلى سقوط البراقع والأقنعة، في سياسة دونالد ترامب وطريقة معاملته للعالم أجمع، والعرب والمسلمين تحديدا.
وفضلا عن خلافاتي وتقاطعاتي مع أصدقائي الغربيين، وجدت لدى نقاد الغرب من بين أبنائه، خلاصات منسجمة مع أفكاري واستكشافاتي الناتجة من نزيف الواقع. وهو ما أعتبره العمق الأكاديمي لموقفي الفكري الشمولي من الوجود والتاريخ.
لذلك أستسمح القارئ، لقبول تعدد وجهات النظر، والنظر اليها من باب الاطلاع، مهما بدت عليه من غرابة وسذاجة في منظوره/ ومهما أصرت على مخالفة المألوف والسائد محليا وغربيا. فأنا أؤمن بالفرد المبدع المتميز، وهو من أتجه إليه في حياتي وكتاباتي، مع شديد الاعتذار، للحديث عن ذاتي، وغاية قصدي التنويه والتوضيح!.
(2)
رأت الفلسفة الغربية في (الدارونية) و(الفرويدية)، ذروة تألق العقل العلمي الغربي، وهو ما جعل هربرت سبنسر يعيد النظر في جماع حركة العلوم والمعارف من منظور البيولوجيا وعلم النفس السلوكي. لكن حركة العلوم البيولوجية والنفسية، استمرت من بعد سبنسر[1820- 1903م]، وأسفرت عن مدرستبن في مجال علم السلوك.
المدرسة الغريزية ورائدها النمساوي كونراد زاكارياس لورنتس [1903- 1989م] في خلاصة ابحاثه/(1966م).
المدرسة السلوكية ورائدها الأمريكي بوريس فردريك سكينر[1904- 1990م] في خلاصة أبحاثه/(1961م).
والاثنان قاما بابحاث بيولوجية راقبا خلالها سلوك الاسماك والطيور وردود فعلهما عند التعرض لتهديد خارجي، وذلك للخروج بفرضية عن طبيعة العنف وأصوله الذاتية والموضوعية. وقد توصل الاثنان الى نتائج متشابهة تقريبا، ولكن سكينر أضاف، بامكانية التأثير في السلوك باستخدام أدوات وأساليب مدرسية اجتماعية. بينما توقف النمساوي في نقطة مركزية الغريزة في دوافع السلوك الحيواني.
ومع اتفاق الاثنين في أن العنف هو في مجال الدفاع عن الذات أو الطعام؛ فأن شدة العنف الدفاعي قد تكون أكثر من شدة العنف الهجومي. هذا الاستنتاج من تجارب الطيور والأسماك، يجري اسقاطه على الانسان مباشرة بغير تزويق أو مراجعة/(فعل الاحتلال ومقاومة الاحتلال)، وينتهي لمحصلة علمية تنسب العنف والوحشية لطبيعة الانسان الغريزية. أما السؤال الآخر، فهو عن مبرر هكذا ابحاث وتجارب واستنتاجات، تنتهي بمشروع الحداثة والتنوير، لاعتبار العنف والوحشية، ظاهرة طبيعية أو غريزية في البشر. ففي متاحف الغرب ومكتباته تفتخر بلدان الاحتلال والغزو بقادتها من العسكر وادارات الاحتلال، بينما يوصف فخر البلدان فرائس الاحتلال بقادتها من العسكر والمقاومة الشعبية، تمجيدا للعنف والعدوان والارهاب.
هاته الأبحاث والنتائج والخلاصات المريبة، هي موضع نقد وجدل لدى الانسانيين، وهي تتناقض وتنقلب على جملة مشروع الحداثة والتنوير الذي نظر للانسان والمستقبل من مبدأ الارتقاء الوجودي والسمو الخلقي، وليس الانحطاط والدونية التي تخلط بين مخرجات دينية سقيمة وبين دعاوي القرصنة الكلونيالية التي ترفع العنصر الأوربي الأبيض- (شعب مختار معاصر)- فوق شعوب أسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، التي عليها أن تخضع للسيد، وسياساته وبرامجه لكي تتطور وتتحسن في مجالات التفكير والسلوك والمعيشة.
وهذا هو المتحقق حاليا، في المرحلة الثانية، بعد الانتقال من الكولونيالية التقليدية الانجليزية والفرنسية، إلى الامبريالية الرأسمالية الوحشية، القائمة على نظام الصدمة وبرامج الدمار الشامل/(تفكيك القواعد والهياكل والثوابت المادية والاجتماعية)، على أمل البدء في إعادة تأهيلها، بما يؤكد سيادة الأقلية الغربية، وتبعية الأغلبية لسيد البيت الأبيض بوصفه هيكل الاله الأعلى.
ان وقوع البيولوجيا وعلم النفس السلوكي بيد النخب الرأسمالية الغربية، وتسخيرها لخدمة أطماعها وتأمين سيادتها المطلقة، ارتد رجعيا لفضح الأسس العنصرية والفاشية لكل مشروع النهضة والحداثة والتنوير والتمدن الأوربي، الذي كانت الدول والدساتير وانظمة الحكم العربية والاسلامية، من ثمار مرحلته الكلاسيكية/(الاستعمارية)، والتي يعاني المجتمع العربي والمسلم اليوم، من صعوبة تجذيرها وشرعنتها، أو تعديلها بما ينسجم مع مصالح شعوبها وتطلعاتهم القومية في الحياة الحرة الكريمة المتطورة.
ما يجري في مصر، ما يجري في السعودية، ما يجري في العراق، ما يجري في تركيا... حتى نهاية القائمة، هي أمثلة لاختناق المجتمعات المحلية والحكومة في عنق زجاجة غامض، تشد على كل منها قبضة الرأسمال الغربي المسلح والاستبداد العنصري.
حكومات عربية ومسلمة تشمت الواحدة منها بالأخرى، كلما ألمت بواحداتها ضائقة، وتنسى أنها جميعا تشرب من نفس الكأس. كيف يشمت عربي ومسلم مما جرى لتركيا في 14 يوليو 2016م، أو مما حصل ضد سوريا وحكامها [2011- 2017م]، وكأن الآخرين معصومون من مثله، أو هم أفضل من حكام سوريا أو نظامه المبرمج أصلا من قبل الغرب. أم ثمة دولة أو حكومة عربية ولدت من ضمير مجتمعها، وأثبتت سيادتها واحترامها وعضويتها في المنظمات الدولية من غير تزكية العدو الحليف.
تصريح ترامب البسيط: إن لم يدفع لنا السعوديون ما نريد، فسيفقدون الحكم خلال اسبوعين.صفعة مهينة على الملأ.
شعار ترامب المريض، الذي يردده في كوابيسه باستمرار: (عليهم أن يدفعوا)!. يدفعوا ماذا؟.. يدفعوا لأكي تحتلهم وتسرقهم وتذلهم. ما هذا الخنا يا أعراب.. يا منافقون؟.. هل هذا ما ورثتموه من تاريخ العروبة، أو تعليم (محمّد)؟.. من الذي يدفع الجزية اليوم وهو صاغر؟.. السعودية تدفع للامريكان وهي صاغرة، وهي تحمل عنوان (حامي الحرمين)؟.. والعراق يدفع الجزية لايران، ويتباهى بالغيرة وأمجاد سومر؟.. مصر تمرغ نفسها في وحل الامبريالية والبنك الدولي، وتشحذ من أهل الخليج، وترفع صوتها بالمركزية المصرية وقيادتها العرب؟.. هل هناك شحاذ يقود، أم ثمة مهزوم لا يستحي. مصر تعتبر السادات بطل، ومبارك بطل، وبصوت أخفض تذكر عبد الناصر.. مصر والعراق والسعودية وقطر وتركيا، يتنابزون ويتقافزون من غير وعي أو عقل، لمجرد التفافهم حول عجلات البيت الأبيض.. والبيت الأبيض يقر أنه بلا أصدقاء.. وين العقل يا عرب؟.... شوفو تحت رجليكم..
دافع ترامب السلوكي، هو الغيرة والحسد: هؤلاء السعوديون/(البدو/ هساسين/ حشاشين) يجنون يوميا الملايين!/(من غير تعب)، ونحن نعمل ونتعب ونبني، ولدينا بطالة. عليهم أن يدفعوا لنا، لنقوم بايجاد فرص عمل للعاطلين عندنا.
هل يوجد منطق أو قانون أو مبدأ أخلاقي أو سياسي أو ديني، لطرح هزيل ومخزي كهذا. أين هي المنظمات الدولية والأمم المتحدة والمحكمة الدولية ومنظمات حقوق الانسان، لمراجعة الانحرافات والتعديات على مبادئها. هاته المنظمات ليست غير نكات مهينة، لا تختلف عن جثمان الجامعة العربية التي أسسها الانجليز، لتوفير فرص عمل وعمالة - للمصريين-، تؤمن تسلطهم على المحيط السياسي العربي، وفي خدمة الناظر الانجلوميركي الراعي الأعلى للعالم العربي/ الجامعة العربية دائرة من دوائر الخارجية المصرية، خاضعة لوزير الخارجية/(نظيرها منظمة العالم الاسلامي الخاضعة للارادة والتوجيه الأمريكي المياشر).
(3)
ما الذي أوصلنا إلى هاته الدرجة من الخنوع وقبول المهانة المباشرة، وعدم الجرأة على الردّ، أو تنظيف كرامتنا من دنس السفه؟. وما هو المبرر، ما هو الثمن؟.. هل هو الطمع في الحصول على منتجاته التكنولوجية والالكترونية المهينة؟.. هل هو من أجل تأمين الأسلحة والانظمة الدفاعية لتكميم الشعوب وارهاب المعارضين واذلال الجماهير؟.. أم من أجل الحصول على قروض وصفقات غذائية تزيد ذلنا ذلا ومهانتنا الانسانية امتهانا؟..
ماذا أفاد العرب والمسلمون بكل بلدانهم من التكنولوجيا والحداثة والأسلحة، سوى مزيد من البطش والاستبداد، وصولا لمستنقعات الفساد والانحطاط الدمقراطية؟.. ماذا أفادت مصر من -ما تسميه- مساعدات غذائية وانسانيه، بضمنها أجهزة التعذيب وأنظمة السجون والأمن الرهيبة، التي حولت الفرد المصري إلى روبوت، يغني للحكومة ويصفق لأمريكا، ويشبع من السخرية والذل والجوع والتشرد؟.. دون أن يختلف حاكم عن سواه وحكومة عن سابقتها، إلا بتمادي الفساد والاستبداد والاذلال، وهذا ما ينطبق على كل البلدان قليلا أو كثيرا..
وانظر إلى مهزلة الكارثة في العراق، التي يعجز عن الخروج منها، فلا هو قادر على التقدم لمرحلة تالية، ولا هو قادر على التراجع لما كان عليه من قبل. حالة العبودية البهيجة، أو السجن السعيد التي سبق لمصر المرور بها وتطبيعها. ومن قبل اكتشف بعض الكرد، ان بقاءهم تحت حكم صدام كان أرحم وأفضل مما جرى لهم على يد الاقطاع العشائري والاستبداد المخابراتي المسلح الذي يحظر أي نقد أو تململ من الوضع الجديد..
أما عراق السقوط، ففي كل زقاق ومحلة تنتشر سيطرات ومليشيات وحواجز كونكريتية، لا يعرف السكان أن يتنفسوا أو ينظروا إلى وجوه الحرس الملثمين، وماذا يريدون، ومن وراءهم؟.. ولماذا يستمر وجود ملايين المسلحين والملثمين في الازقة والشوارع والمدن والقصبات العراقية، دون وجود عدو خارجي حقيقي أو عدود داخلي حقيقي، سيما بعد مزاعم تصفية داعش!.
يومها، قال شاعر عراقي مهجري، ان الدستور العراقي الجديد يجب أن يحظر وضع صور الحكام وتماثيلهم. واليوم تزدحم جدران البيوت والشوارع والساحات والبوابات بفوضى من الصور والمصورات المبتذلة، لا تستطيع العين أن تستوعب كثرتها.. هل هذا عراق أم معرض بائس لصور الخائبين الخائنين؟.. هل يعرف العراقيون ما معنى الصورة والتمثال، عندما كانت توضع.. انتقلت صراعات الساسة واالحكومة ورجال الدين والعشائر إلى مستوى الصور، واحتلال الساحات والأحياء بدلالة الصورة وأكاذيب التدين والمليشيات التي ظهرت بعد انسحاب الاميركان. مليشات تعترف علنا وبكل صلافة بدفاعها عن ايران ضد العراق، وخضوعها المطلق للولي السفيه. قادة المليشيات الخونة والعملاء هم الذين يقذفون الجيش العراقي وقادته بالخيانة، ويعملن على سحب الثقة والسلاح منه، تمهيدا لاحلال الحشر الشعبي الايراني ، جيشا مجوسيا بدلا عنه، لمقاتلة أهل العراق، كما فعل إمامهم الأكبر، في معارك الجمل والخوارج وصفين ولم ييرفع سيفه مرة لمحارية الأعداء والكفار؟.. اشكالية العراق اليوم، تعود جذورها لأربعة عشر قرنا، ولا حل لها، بغير نبش وتصفية آثار الخيانة من جذورها التي تحتل عقول البشر.
احتلوا كل مكان وكلّ شيء، بما فيها عجلات النقل البائسة التي قاد صفقتها حمّار الحكيم، ولكنهم خسروا الوطن.. قتلوا الوطن.. باعوا الوطن للعدو وارتاحت ضمائرهم!. والآن.. هل يوجد وطن في العراق.. عراق يضيق بأبنائه، وينفتح/ ينفشخ على أبناء الجيران والأخوة المزيفة.
لا يوجد بلد عربي.. وطن عربي اليوم. حراس الحدود وضباط المطارات العرب، أكثر وحشية ونكاية في معاملة العربي والمسلم، من معاملة اصحاب الجنسيات غير العربية والمسلمة، سواء أمريكان وأوربيين، أم هنودا وأوكرانيات.
هل سمعتم بدمقراطية من غير معارضة، وهل رأيتم اجتماع الشورى والإستبداد؟ هل حصلت عبادة الحاكم وتنزيهه، في بلدان تسودها عقائد لا تقبل الشرك، وتقتل العلماني والملحد والمتهم بازدراء الأديان، بينما تمنح الحاكم صفات الجلالة؟.. ليس ثمة أجمل من المهزلة الكوميدية التي يقدمها المحيط العربي الاسلامي على اعتاب القرن الواحد والعشرين.
في حديث نبوي ما معناه: ان البيع والشراء، يذهب الحياء!..
أين حياء العرب اليوم، ولا أقول أين الكبرياء؟.. فقد لخصها الرصافي الكبير:(عبيد للأجانب همْ ولكن.. على أبناء جلدتهم أسودُ)..
ماذا يعني أن تكون عربيا أو مسلما.. كثيرون يكرهون أنفسهم، ويعبرون عنه بازدراء أخوتهم.. أليس هذا ما أراد العدو الغربي دفع العرب اليه، كراهة واحتقار والخزي من الذات والتراث والتاريخ، وحتى الوطن. كل ما يرد هنا واقع يومي يواجهنا منذ عقود.. ليس ادعاء أو اتهاما.. وعرب اليوم أكثر تبعية وخنوعا وتباهيا بالخنوع للغرب.. ليس للعرب أعداء اليوم.. أعداؤهم هم أنفسهم، وأعداء الحكومة، الشعب البائس والمخنوق!..
ليس للعرب هوية اليوم، ولا خطاب ولا رؤية ولا شجاعة من أجل الوجود.. اسلامهم بلا لون ولا رائحة ولا جوهر.. نفاق وتمثيل وعبادة قبور وطواطم موتى عجفاء نتنة.. شجاعتهم الوحيدة ضد بعضهم، وجرأءتهم هي لمزيد من الخاية والعمالة لكل أنواع الأعداء..
(4)
في العام الماضي.. قمت باختبار ذاتي عسير.. انقطعت عن كل العالم.. وفصلت من حياتي كل شيء. عشت مع نفسي، في عزلة أو خلوة أو هروب، وفي صمت وصوم، ومحاولة تفريغ الذهن، ونفي الاهتمامات والحاجات على طريقة الاختلاء الهندوسي.
ألغيت فكرة الطعام والشراب.. الغيت أي شيء يتعلق بالعناية والرعاية والحماية.. عندما يهصر الجوع أحشائي، أتحامل وأصطبر وأعمل على تعويض نداء الغريزة بتحويلها إلى فكرة ثم فلسفة الفكرة، وصولا لاحتقارها وازدرائها.. وضعت قدح ماء في مكان بعيد غير مرئي.. عندما تستعصي غريزة الجوع، تتحول إلى غريزة عطش.. وليس مصير هاته أفضل من تلك.. وهكذا دواليك، حتى تعود الدائرة من جديد.. جوع .. فكرة.. ازدراء.. عطش.. فكرة.. ازدراء..
خلال ذلك لم أفكر بالنوم.. ولا بلوازم النوم.. عندما ينهك الجسد، أستلقي على الأرض، عندما يداهمني البرد، أضع على نفسي قطعة شرشف.. تحت رأسي كدس كتب، مغطى بمنشفة يد أو شال..
عندما وصلت إلى هناك كنت منهكا.. لذلك نمت.. وحاولت أن أنام أكثر وأكثر.. الجوع والفراغ والانهاك، جعلني أنام وأنام وأصحو لكي أنام، لأني لم أعد أقدر على رفع جسمي عن الأرض.. وصلت مرحلة الخوار.. خلا ذهني تماما من أي شيء.. صار ذهني مثل مرآة صافية خام.. لا يكاد يخطر عليها شيء.. لا شيء .. ولا الطعام أم الماء.. التغت حاجة المرحاض أيضا.. ثمة متسع للنظر إلى السقف.. تأمل السماء من مكاني عبر فراغ النافذة.. قليل من السماء.. الشمس تدور على هواها.. قليل من الشمس يعبر النافذة..
أنا الآن غير موجود.. غير كائن.. غير متحقق.. لا يوجد نشاط.. لا حركة.. لا كلمة.. لا فكرة.. لا.... ولكنني أحلم.. الغريب أن الحلم لم ينقطع.. أنام .. أحلم.. رأيت ناسا كثيرين.. قدماء.. موتى.. صار الحلم هو واقعي.. حياتي أعيشها في الحلم.. حين أنام.. حتى الطعام والشراب أجده على سعة في الحلم.. أبي الذي لم أره منذ عقود ثلاثة.. هو حميم وقريب جدا.. أستدعيه فيحضر عفوا.. الحلم أغراني بمعاودة النوم كلما استيقظت..
لا أفكار.. لا حاجات.. لا مشاعر.. لا جوع.. لا عطش.. لا برد.. لا حرارة..
عندي طلاقة تامة في التقاء والدي.. كل ما هناك دفع فردة النافذة لأراه في حجرته جالسا يأكل أو يحادث شيئا أو يبحث عن شيء.. وعندما يراني.. يدعوني للطعام معه، يحادثني.. أنه اكثر شبابا الآن، من آخر مرة رأيته فيها..
خطر لي الآن أن أسجل بعض الأحلام.. بعض الأشخاص.. ارادة الكتابة منحتني قوة بدنية على الحركة.. في مكان ما يوجد جهاز كمبيوتر قديم.. جربته فاشتغل.. النافذة عادية ولكنها قديمة.. فتحت الوورد فاشتغل هو الآخر.. قربت الكرسي من الكمبيوتر.. أنا خفيف جدا.. لا ثقل بتاتا..
توزع وقتي بين النوم وبين الكتابة.. لا يوجد جدول ولا استبداد.. الجسم ينظم نفسه.. أستطيع معاودة الحلم المقطوع واستكماله مثل فيلم فيديو.. ازددت اقتناعا بأن شركائي في الحلم، يشعرون بي ويدركون ما يحصل كما أدركه.. أنا الآن أتصل بهم أينما كانوا من الوجود.. وانتقل بين عالمي اليقظة والنوم وبالعكس، مثل شيء واحد..
أدور في المكان.. أجد قدح الماء.. أنظر اليه مثل اكسسوار.. ابتعد عنه.. ولا أعرف ماذا أفعل.. أشعر بالفراغ.. أريد أن أتعب لكي أستطيع النوم بعمق..
صورتي الآن.. أقرب لها عندما كنت في سن المراهقة.. وزني تراجع كثيرا، الى أقل من وزني ايام المراهقة.. بحثت عن ثياب تناسب حجمي الجديد.. حجمي الولادي.. وجدت بنطالين وتي شيرتات.. بدوت سعيدا وأنا أرتدي ثياب صبي مراهق..
فقدت جلدي القديم.. غشاء جلدي خفيف جدا الآن.. مثل جلد حشرة.. العروق بارزة بوضوح خلال الجلد.. أصابعي مثل نتوءات عظمية عارية، لا يخفيها غشاء الجلد الرقيق.. تذكرت زرقات الأبر المتعددة يوميا عندما كنت في المستشفى قبل عام..
لكنني الآن بلا عضلات.. لقد ذابت حواصل عضلاتي.. في كل أنحاء جسمي تقريبا.. كل المادة الدهنية المخزونة تحت الجلد وفي الأنسجة استهلكت تماما وتحولت إلى غذاء وطاقة، يقوت بها الجسم نفسه.. اختفى الترهل.. ولا أثر لكيس دهن أو ذرة سكر..
قربت قدح الماء ولمست طرفه بشفتي.. فشعرت بملمس غير مألوف.. الماء مادة صلبة وشيء غير مستشاغ.. ابعدته عني.. وخرج من فمي فحيح ورغبة في التقيوء.. أقح.. أقح.. هواء آسن.. أتقيأ هواء.. مجرد رائحة منفرة.. أمسح الدمع من حدقتي عيني.. كأنني تعرضت لعقوبة.. شيء يلتوي في بطني.. أشعر باعياء.. أقع على الأرض وتأخذني أغفاءة..
استقر وزني ووضعي على تلك الحالة.. أشغل نفسي بالعمل العضلي أو الذهني من ساعتين حتى سبع ساعات يوميا حسب الظروف واللياقة.. أشرب قليلا من الماء في اليوم.. أحيانا أضيف له ذرات من السكر للحصول على طاقة.. عند الشعور بالانهاك او احتمال الاغماء، استعين بقطعة صغيرة من خبز أو غيره من الغذاء، كمن يتذوق، وليس كمن يأكل.
لم أمت.. لم أمرض.. لم أشعر بألم في أي مكان من جسمي.. رغم معاناتي المرضية الطويلة قبلها.. الألم الوحيد الذي راودني كان ناتجا عن نداء الأحشاء بسبب الجوع والعطش.. ولكن عدم تلبية الغرائز قاد لاختزالها والغائها.. الطعام الآن عندي حاجة ارادية وليس حاجة غريزية..
كل الغرائز اللاارادية، صارت ارادية.. وبالطبع تدعمت قدراتي الذهنية والنفسية والروحية.. ولكنني ما ازال خارج النظام الاجتماعي.. اراقبه عن بعد.. ولا أسمح له بالتأثير علي.. أو مشاغلتي.. بما فيها اخبار السياسة والاقتصاد والصرعات الاستهلاكية..
هذا النظام الزهدي الصوفي الصارم والقاسي في البداية، صار عاديا وأليفا ومريحا بالمرة..
هذا النظام الزهدي الصوفي المستمر نقلني من خانة الاستهلاك اليومي والسوقي ، إلى خانة الانتاج، أو حالة عدم الخضوع للمادة والظرف .. - أنا أعتبر ممارستي للكتابة فعلا انتاجيا، يحقق منفعة عامة مجانية!..
في ظل هذا النظام الزهدي، لا أكاد احتاج لشيء من المال، الا ما ندر..
(5)
الاعتماد على الذات والطبيعة، لقضاء الحاجات والابتعاد عن البذخ والتافه وغير الضروري في الحياة، دعم أرضية الاكتفاء الذاتي الفردي.. وبالتالي، فأنا الآن أكثر استقلالية في العالم وأكثر حرية في الوجود، وأكثر انطلاقا واستمتاعا بقدراتي وامكانياتي وبمحض ارادتي العقلية..
هذا يرد على مجمل الأسئلة والمطالبات المادية الخادعة التي تستهلك الناس وتحرفهم في مسالك غير سوية ومخاطر غير مبررة..
فالعمل والتعب والحسد والغيرة والتسول والنفاق والنصب والسرقة والابتذال والانتهازية والمحسوبيات.. اليست من أجل المادة والطعام والثياب والمراكز والجاهات والشهرة وتلبية عقد النقص المادية والنفسية للأفراد.. أليست هاته مواقع الذل والمهانة والانحطاط التي يذهب ضحيتها كثيرون..
المرأة تحسد ثياب امرأة وزينتها.. وتريد الحصول على مثلها.. رؤية جميلة، تدفعها لتكون أجمل منها، وتخرج عن طورها وخلقها وتعتمد وسائل واساليب غير مبررة لتكون اكثر جمالا أو أكثر شهرة.. أو اعلى مركزا.. الرجال ليسوا أفضل أو أعف من المرأة في المسائل والنزعات النفسية القائمة على الطمع والحسد والغيرة والغرور ومشاعر النقص والاحساس بالغيرة والنقيصة من فلان وعلان..
ويا لهول الغيرة والحسد والانتقام في صفوف الكتاب والادباء والمحسوبين على الثقافة والاكاديما، وكم منهم كانوا ضحايا لزملائهم سرا أو علنا..
ومن ذلك، فأن كثيرا من قصص التعذيب والاضطهاد والتهميش والتصفية المنسوبة لحكام وحكومات، كانت من جراء تقارير وشاية وغدر وحقد مكتوبة بأيدي كتاب وأدباء وأساتذة، بلغ بهم الغيظ والحسد، ان يحرقوا زملائهم، للحصول على فرصهم أو احتكارها أو الاستفراد بها..
ثمة بعض القصص يتداوله العامة، ولكن المخفي منها أكثر من المعلوم.. وغير القليل ممن يحسبون اليوم في صف المشاهير.. من الملوثة أيديهم وضمائرهم وألسنتهم.. وكل ذلك من أجل شهوات العالم الردية وازدهارها..
والنتيجة: نكتة فجة وحفنة تراب!..
فهل يستحق الجسد هذا ارطال اللحوم التي تطرح ما يعادلها للفضلات..
هل تستحق الحياة ان يتدافع الناس في مستويات الابتذال، للمنابزة والمفاخرة والمزاودة، بعضهم على بعضهم، للحصول على لقب أو شهرة أو امرأة أو مركز أو جائزة، وأفضلهم كذاب أو نصاب.
هل الانسان أكثر من دودة، توجد اليوم، وغدا تموت.. وتدسّ تحت التراب، وتسحق بالاقدام..
ما معنى قول المعري: خفف الوطء ما أظن أديم هاته الأرض، إلا من هاته الأجسادِ
أو نص القرآن: ألهاكم التكاثر، حتى زرتم المقابر..
أين مليارات البشرية التي أسست وهندست وأكتشفت وصنعت ما يتفاخر به أبناء اليوم، المتصارعين على أكلة أو قميص أو الظهور في صورة مع احد المشاهير، أو يلمع اسمه في جريدة، ولو بنص مسروق أو افتراء..
الانسان لم يخلق عبدا.. ولكنه يستعبد نفسه بنفسه، لحاجات ومسائل مادية ونفسية، تجعله منحني الظهر..
ولذا قيل: ان الحرية والكرامة والاستقلال، هي لمن يدفع ثمنها ، وثمنها العفاف والترفع على الماديات والاطماع الزائلة..
..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بداية موفقة
طلال السوري ( 2019 / 11 / 7 - 16:50 )
بدأت مقالك علميا وانهيته ثوريا للاسف


2 - تداعيات غير مكتملة
وديع العبيدي ( 2019 / 11 / 7 - 19:23 )
Talal Alsury
بدأت مقالك علميا وانهيته ثوريا

الصديق طلال السوري
اشكرك على الاهتمام والمداخلة
الصحيح أن الموضوع يقوم عل تداعيات ذهنية شخصية
أكثر من كونه مقالا موحدا..
مقالات مبتسرة
مع كل الاحترام


3 - فقرة من المقال
محمد البدري ( 2019 / 11 / 7 - 23:05 )
تحية للفاضل الاستاذ العبيدي،
بالنصف الثاني في المقال استحضرت لي صورة الفقير الهندي المستلقي علي سطح خشبي يعج بالمسامير. فهل ها منتهي مطافك؟
قرات لك مقالات نقدا لما يسمي بالعرب، واليوم تكتب:
ليس للعرب هوية اليوم، ولا خطاب ولا رؤية ولا شجاعة من أجل الوجود.. اسلامهم بلا لون ولا رائحة ولا جوهر.. نفاق وتمثيل وعبادة قبور وطواطم موتى عجفاء نتنة.. شجاعتهم الوحيدة ضد بعضهم، وجرأءتهم هي لمزيد من الخاية والعمالة لكل أنواع الأعداء..

العروبة آفة المنطقة والاسلام وباء كالطاعون تحتاج البشرية الكثير للتخلص منه، فما يجري علي ارض الواقع مجرد افراز للصديد العروبي في معركة لا يعرف العرب عنها سوي ترديد غثائهم القديم عندما كانوا ينهبون الجزية والجميع صاغرون دون ان يقدموا شيئا في مقابلها علي الاطلاق. ترامب علي الاقل سيقدم الحماية للاسر المالكة في بلاد العرب للبقاء. لو قدر لي ان اقابل ترامب ساسأله هل سيدفعونها وهم صاغرون حسب منافستو العرب المسمي القرآن؟


4 - العقل الباطن
منير كريم ( 2019 / 11 / 8 - 06:50 )
تحية للاستاذ وديع
العقل الباطن لشعوب الشرق الاوسط ديني رافض للحضارة وهذا ماجعلنا نقبل السيطرة العثمانية لخمسة قرون والان السيطرة الصفوية ولم نستطع ان نكون طبقة سياسية واحزاب ديمقراطية واسعة كبقية الدول , فنحن نعاني من تخلف مركب مادي وثقافي
الغرب هو بان الحضارة الحديثة والعالم مدين له بذلك ولكن في الغرب دولا ذات سياسات امبريالية ومجتمع مدني ديمقراطي وانساني ويجب ان لا نخلط الامرين
منذ سقوط الملكيات شبه الدستورية شبه الديمقراطية ونحن محكومون من قوى جلبت الدمار والخراب لنا وهذه القوى اسوء من الاحتلال المباشر
هناك امل في جيل النت فهذا جيل متطلع للحرية والعلمانية وغير ايديولوجي وهذا ايضا من بركات الغرب
وكما يقول عزيز علي العلة منا وفينا
شكرا لك وشكرا للحوار المتمدن


5 - الاستاذ محمد البدري/1
وديع العبيدي ( 2019 / 11 / 8 - 12:21 )
اوافقك تماما في كل كلامك، وأشكرك جدا على المداخلة والتفاعلية الايجابية.. ولكن هؤلاء العرب هم أيضا قومنا وأهلنا ولا ينبغي أن ننظر اليهم من فوق.
الشعوب لا تتطور من ذاتها حسب قانون طبيعي مجرد، انما تتغير وتتطور بفعل المفكرين والمستكشفين والحكام النابغين، وهي أمور لم تتسن للعرب، أو الأعراب بتعبير أدق.
الأعراب عاشوا على هامش الحضارة بإرادتهم، ولكنهم رفضوها مبدئيا، ليس بفعل اللقاحية كما يقول هادي العلوي، وانما بفعل (الأناركية) التي هي رفض السلطة أو (الاسلطوية) بالمعنى الصحيح.
العراقيون عبر التاريخ، رفضوا وعارضوا كل الحكومات والأنظمة المحلية، ولم يتورعوا عن التحالف مع العدو الأجنبي لتدمير بلادهم وحكوماتهم الوطنية. هذا هو جوهر قصر مدد الحكم الوطني لسومر التي لم تتجاوز مائتي عام، وكل من بابل الأولى والثانية التي لم يتجاوز احدهما
القرن، وهو ما يصح على اشور وكل من الحكم الاموي والعباسي، وفي القر العشرين، لم تكمل الدولة العراقية المائة عام، ليحصل ما حصل في بابل الثانية والتحالف اليهودي الايراني.
هاته الفكرة ذكرها توينبي بالمقارنة مع الحالة المصرية منذ الفراعنة
يتبع





6 - الاستاذ محمد البدري/2
وديع العبيدي ( 2019 / 11 / 8 - 12:36 )
تتمة..
كل الخصائص والصفات الاجتماعية أو الاجتمثقافية تنبع من عراقة الاناركية في المجتمع العراقي، و أفرازاته التدميرية الثلاثة .أولا: هيمنة الدين السطحي السلبي/ الغيبي على العقول. : ثاني: سلطة الدكتاتورية الدموية. ثالثا: تصفية العلماء والمفكرين من دعاة التغيير ومخالفة القطيع.
وحتى اليوم يعتبر العراق مقبرة للفكر واغتيالات المفكرين وتهميشهم وقطعهم عن المجتمع. بينما شكل العراق أكبر حاضنة للملالي وتجار الدين، عبر التاريخ،
لماذا يتبع العراقي رجل الدين ويرفض العلماني التنويري ولو كان أباه أو معلمه في المدرسة. يفتخر العراقي بعبوديته لرجل الدين وقبور الرموز الدينية، ويفضلهم على نفسه وأقرب أقاربه. وهذا تحشيش مخالف للعقل.
نحن بحاجة لثورة ثقافية، عقلية علمانية أخلاقية، ، يتبناها صفوة المثقفين والتنويريين وأغلبهم خارج البلاد اليوم.
المثقفون والتنويريون مهمشون اجتماعيا وفكريا، لاسباب كثيرة، منها أمراض اجتماعية، حيث نزعة الانانية والفردية والغرور الأعملى بين المثقفين أنفسهم.
تناحرات الأدباء والفنانين العراقيين أخطاء قاتلة، تدعم سياسة الملالي والحكومة في تهميش المثقف المكلف بالتغيير الفعلي
وشكرا


7 - الاستاذ منير كريم/1
وديع العبيدي ( 2019 / 11 / 8 - 12:53 )
أجمل الشكر والمحبة على اهتمامك ومداخلتك
في رأيي المتواضع، أن العرب لم يتطوروا أو يمروا بحالة تطورية، أسوة بالأمم الحية والفاعلة
وما زال الغرور والكبرياء وعقدة التفوق سمة لهم، لأجهلهم بالتطور والياته وأحوال الشعوب الأخرى.
غرور العرب هو غرور الجاهل، ولذلك العربي لا يتقبل كلام العلماني والتنويري، لأنه يستخف به ويعتبر الخرافة وسفاسف الثقافة الشعبية المتوارثة، أرقى منها
الحالة الوحيدة التي دفعت العرب للتطور الجزئي، تتصل بالغزوات الخارجية العنيفة،
الغزوات المتخلفة مثل عرب الجنوب أو الايرانيين والمغول، دفعتهم للخلف، والغزوات الحداثية كالانجليز والفرنسيين دفعتهم للأمام خطوة، وهو ما أدخل مظاهر الحداثة الجزئية عليهم
أما ديناميكيات التطور الذاتي، فلا وجود لهالا في الطبيعة العربية والشرق أوسطية عموما
حتى الدين لا يتطور عند العرب، وانما يتم اجتراره، فتجد ملالي كل زمن أسوأ من سابقيهم. واليوم نجد الدين في العراق تحديدا تسافه وابتذل، الى حد لا يقبله الجاهل. دين بلا أخلاق وبلا
روح وهو مهين للالوهة وثوابت الايمان.
يتبع







رجال الدين في العراق اليوم هم الأكثر سفاهة وانحطاطا أخلاقيا. و


8 - الاستاذ منير كريم/2
وديع العبيدي ( 2019 / 11 / 8 - 13:14 )
تتكون مداخلتك من أربعة محاور
اولا: استنقاع الدين في لاوعي الفرد والمجتمع
والمثال الأوسع له هم اليهود. وهؤلاء انقسموا الى اشكناز افادوا من حضارة الغرب والثورة الكوبرنيكية واللوثرية، وقسم السفاردم الشرقيين الحشاشين لليوم، ومنهم ذوي اصول عراقية يواصلون تجارة العلف في انجلتره وأميركا
ويمكن للاسلام الغربي التلاقح الحضاري والتنويري وثمة مبادرات أولية يمكن أن تغير صورة المستقبل

ثانيا: عدم ظهور طبقات سياسية وتيارات دقراطية
الأفضل القول عدم ظهور تطور مادي اقتصادي انتاجي، وهذا يفرز طبقة برجوازية رأسمالية وطبقة عمالية كادحة، تكون أساسا لتأسيس العلمانية والفكر المادي المتطور، وتهميش الفكر الديني وملاليه عن دائرة الحراك المجتمعي
اليوم الشبيبة بحاجة للعمل والخبز، ولكنهم لا يثورون ضد الفكر الدين وملالي المليارديرية
ولا يدركون ان النظام الفاسد الحاكم في العراق هو واجهة للملالي وهم حمايته والسيستاني صمام أمام الفساد وتضليل الناس بدء بموقفه في الانتخابات إلى تزكية االحكومة والساسة، وما
لا يفعله السيتاني يتولاه الولي الفقيه والمرشد في طهران
إذن نحن بحاجة لثورة فكرية ثقافية شاملة، شلع قلع
يتبع..




9 - الاستاذ منير كريم/ 3
وديع العبيدي ( 2019 / 11 / 8 - 13:41 )
تتمة..
قبل 1958م لم يوجد في العراق مليونير
ولكن الطبقة البرجوازية الصناعية والتجارية نجحت في بناء قادة اقتصادية مادية، دعمت ظهور طبقة ثقافية لبرالية وحياة سياسية نسبية
في الجمهورية قامت التأميمات بتدمير الطبقة البرجوازية والحياة السياسية وسيطرة العسكرتاريا ، عندما ظهر القطاع الخاص في الثمانينيات كان مشوها متخلفا وغير وطني. واليوم يوجد ملياردية
في العراق كثار ولكنهم خونة وعملاء، علما لا يوجد دولة ولا اقتصاد ولا ثقافة في العراق، لأنه تحت احتلال ايراني قمعي شامل

ثالثا: الغرب باني الحضارة الحديثة ولكن..
كل الفقرة أوافقك فيها، ونحن اسلمنا الحضارة الحديثة من الاستعمار الغربي
ولكن ما استلمناه هو أساسيات الحداثة وقشورها
لماذا.. لأن الانجليز وطنوا أنفسهم لاحتلال طويل ودائم، وتحويل بلاد العرب الى هند ثانية
وعندما خرج الانجليز انقطعت بنية الحديثة الهيكلية، وما انعكس ثقافيا وشعريا لاحقا، هو ظاهرة مشوهة، ما زالت تناسل في ثقافة فكرية وأدبية وفنية مشوهة لليوم.
فكرة الغزو الثقافي لا تبني مجتمعات، وانما تشوهها وتزرع العراقيل في اساسها لأسباب سبقت
السؤال،
يتبع


10 - الاستاذ منير كريم/4
وديع العبيدي ( 2019 / 11 / 8 - 13:53 )
تتمة..
لماذا لم تظهر برجوازية اقتصادية ثقافية سياسية/(جماعة الوفد المصرية)، تواجه الغزو الغربي الثقافي، وتتعاطى معه من باب القوة وليس الخواء والاستسلام كما في العراق؟..
الانقلابات الجمهورية كانت حركات رجعية يقودها أشخاص تنقصهم الثقافة والخبرة السياسية، دون الطبقة المتوسطة في المجتمع. وكان اولئك يطبقون ما يملى عليهم من جهات خارجية، بغباء ودون مرونة أو تعريق أو تدرج، مما أحرق ماضي البلاد ومستقبلها، ولم تخرج البلاد من يد العسكر، إلا لمن هو أسوأ منهم، ملالي الدين السياسي

جيل النت، لا بأس ولكنه يفتقد العمق الفكري والمرونة الثقافية والانفتاح
انه جيل بلا أب، متمرد أحول، يقلد الغرب الأمريكي الكترونيا ولا يبدع أو يطور أو يعرق أو يعرب الطرز الغربية، وفق قاعدة محلية ووعي بالهوية والانتماء
والملاحظة حول ثورة النت الحالية
انه كتابة على الماء
وهو مشروع اميركي لتدمير الثقافات والهويات والثوابت الاخلاقية والدينية، لصالح سيادة اميركية سوبرمانية، تنظر للشعوب نظرة العبيد الارقاء
والعلم الاوربي والياباني والصين وروسيا والهند يعون ذلك، ويختطون مناهجم الخاصة
بينما العرب مختلفون ولا يعون ما سيحدث
اتحياتي


11 - شكرا جزيلا
منير كريم ( 2019 / 11 / 8 - 16:32 )
تحياتي للاستاذ وديع
شكرا جزيلا على ردودك , نحن نتفق في الكثير ونختلف في القليل
دمت بخير


12 - تحياتي
وديع العبيدي ( 2019 / 11 / 8 - 19:19 )
لنعمل سويا من أجل تغيير الراهن ونصنع أمة المستقبل
مع المحبة

اخر الافلام

.. السلطات تجلي السكان بعد ثوران بركان جبل روانغ في إندونيسيا …


.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان




.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا


.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي




.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم