الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنظمة الشمولية القومية القمعية ---لهواة الصنف

سلطان الرفاعي

2006 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لعل أهم مقياس يمكن اعتماده من أجل معرفة درجة تقدم أو تخلف شعب ما هو مقياس السلطة .
الشعب المتخلف ، يقبل بكل صنوف الاضطهاد والقمع والاستبداد، بينما الشعب المتحضر لا يقبل أبدا بكل ذلك . فهو لا يقبل الا أن يضع السلطة تحت رقابة القانون . بينما نجد السلطة لدى الشعوب المتخلفة(شروانا) فوق القانون . وبموجب هذا القياس نصل الى أن كل الدول الشمولية القومية ليست سوى دول همجية متخلفة.
الأنظمة الشمولية تبحث عن موظفيها وجنودها وأتباعها ضمن منظار خاص. فتجمع حولها الأغبياء والغير مؤهلين والخائفين المرتعبين، لتشكل جهازها الذي ستمتطيه لسنين طويلة.
الأنظمة الشمولية ، تفرض نمطا واحدا من الفكر والاعتقاد ، حيث يغيب أي نظام للقيم فهي تطلب من رعاياها أن يقبلوا كل يوم ، ويبرهنوا على بعض الحقائق الجديدة وفقا لحاجات السلطات ومصالحها . فما هو سائد حاليا قد يتعارض مع ما هو في الأمس.فيوم دخلنا مع أمريكا في حربها ضد سلطعان، كانت أمريكا صديقة . ويوم لم ندخل معها في حربها ضد سلطعان نفسه، أصبحت عدوة لدودة. (ليس لنا بل لدودة).
لماذا نفشل في الاعلام، في السياحة، في الاقتصاد، في السياسة، في الثقافة الانسانية؟ لماذ؟
الأنظمة الشمولية في صدام دائم مع كل الكتاب، مع كل المثقفين، مع كل المبدعين، مع كل الرسامين.
وبالتالي من أين سنحصل على الابداع في أي مجال، فالقمع فوق الرؤوس، والزنازين تنادي هل من مزيد؟ تاريخ هو عبارة عن تاريخ طويل للوعي المعذب: المنع . المساومة، الرقابة، الرقابة الذاتية، الافتراءات ، السجن، التأهيل المميت.
وما دمنا نتحدث عن التاريخ، فنحن دائما نقول : دمشق أقدم مدينة مأهولة في العالم. وهذا صحيح، وبالتالي فالانسان الذي كان يقطن هذه المدينة ولنطلق عليه الانسان السوري، يوم تعلم الكتابة ، أصبح كائنا تاريخيا. وأصبح السوري انسانا حقيقيا يوم تعلم الكلام والتعبير عن أفكاره. وفي عام 1963 جاء من يحرم عليه الكلام ،ويحجر على عقله وفكره ونبوغه. هل تذكرون سليمان البخش، انه وزير التربية السوري ، الذي لم يكن يملك لا تربية ولا انسانية، وبجرة قلم، وبلفتة تخلف، أغلق المدارس الخاصة، ووقف سدا بعثيا منيعا في وجه كا اللغات الحضارية، والتي كانت ستنقل الانسان السوري الى آفاق أوسع وأرحب. ولكن النتيجة كانت العودة الى مجاهل أقدم مدينة مأهولة في التاريخ!

جائزة نوبل لآداب لعام 1987 ، حاز عليها الشاعر الروسي (جوزيف برودسكي)ماذا يقول عن نموذج الدولة الشمولية القمعية الارهابية::كانها دولة رهيبة الى حد ما ، ولأجل ذلك فهي ممتعة بسبب رهبتها ، فان روسيا مثال متواضع ، مما يمكن للانسان أن يفعله بأخيه الانسان. في هذا القرن أكملت درجة خاصة من المقدرة السلبية في الخلق البشري ، كانت روسيا درسا حول قدرات الانسان ، تم هناك القضاء على عدد ضخم من الكائنات الانسانية ، وأبيد الملايين من أجل ابادة الملايين، فهذه الملايين المبادة ضرورية --أليس كذلك؟))
في الحسابات النهائية ان روسيا تتألف من الضحايا والجلادين ، والأدوار كانت موزعة كثيرا أو قليلا .
تستخدم الدولة الشمولية ثلاثة وسائل للقمع: معاقبة المخالفين في الرأي ، مكافأة الأزلام، الاكراه العقائدي للجماهير .
تقول سلمى جارة أم فواز مستغربة: الأمر الغريب يا أم فواز، أن القائد في الدولة الشمولية يبقى خالدا طالما هو على قيد الحياة.
-أم فواز: ما فهمت! يعني تقصدين أن الفترة التي يكون فيها على قيد الحياة ، يبقى فيها خالدا.

رسالة يطلب فيها وزير الداخلية يوغوف موافقة ستالين على تصفية مجموعة كبيرة من الناس ، والتي كتب عليها ستالين ومولوتوف الى جانب تواقيعهم كلمة نعم ونشرت الرسالة في صحيفة كوسموسكايا برافدا في 2/4/1988 م وتقول : الرفيق ستالين ، أرسل لكم لاتخاذ الاجراء لأربعة قوائم لأشخاص خضعوا لأحكام المحكمة العسكرية :
1- قائمة رقم واحد ( عمومي )
2- قائمة رقم 2 ( جنود سابقون )
3- قائمة رقم ثلاثة ( أعضاء مخابرات سابقون )
4- قائمة رقم 4 ( زوجات أعداء الشعب )
أرجوا الموافقة على أن يحكم على الجميع ، بموجب الفئة الأولى . توقيع يوغوف . علما أن الفئة الأولى تعني الموت رميا بالرصاص وقد دقق ستالين كل القوائم ووضع على كل منها علامة نعم ، وتوقيع ستالين ومولوتوف
..
وبالتالي نلاحظ هنا أن
مايميز القمع الستاليني عن غيره هو جماعيته لم يخير كثيرا في عمليات التصفية .
لم يقضي المثقفون وحدهم فقد اشترك معهم في ذلك الكتاب والسياسيون ، الجنرالات والصناعيون وتوجد شهادات كثيرة عن معانات النساء اللواتي تعرضن للإذلال والتعذيب أكثر من الرجال .
تصفية النساء في المعسكرات الستالينية أكبر تراجيديا منظمة وجماعية لجنس البشر في التاريخ الانساني .

الارهاب في الاتحاد السوفيتي لم يبدأ مع ستالين ، وإنما في عهد لينين ويرى ( سوليجنتين ) صاحب كتاب (أرخبيل الغولاغ ) .يرى في لينين المكتشف العقائدي للتصفية والارهاب ويبرهن أن المقدمة لنشوء معسكرات الاعتقال كانت في المحاولة الفاشلة لاغتيال لينين والتي قام بموجبها قائد البلشفيك بتوقيع قرارات الارهاب القاسي والجماعي .
في عام 1870، وفي حوار ضم بكوتين وماركس وجاسلر . تحدث باكوتين موجها كلامه الى ماركس:ان هذه الدولة لن تكون دولة للعمال ، وانما العمال السابقين على رأس العمال ، وبأن تلك السلطة ستكون أشد قسوة من أية سلطة رأسمالية.))
وهذا حقيقي، فالطبقة العاملة المجردة هي في الحقيقة قناع رائع للدكتاتورية الشمولية ، فباسمها وباسم عائلتها تظهر الدولة العمالية ، والتي تبدو غير عمالية .

في أروع أعمال ألكسندر سولجنتين، وأقصد به: أرخبيل الغولاغ.
-
من أجل اعتقال نشطاء الحزب العاديين كان من الضروري وجود سبب لم يذكر من قبل أبدا في
الأحكام واللوائح ويقدم شهادة : إليكم كيف كان الوضع ، وهذه شهادة عن تلك السنوات . مؤتمر الحزب في إحدى مقاطعات موسكو ، يقوده سكرتير جديد للجنة المنطقة وزميله السابق خلف القضبان .في نهاية الأمر يقرأ توصية بعبارات إخلاص للرفيق ستالين ، وهذا يعني أن يقف الجميع ( مثلما يقف الجميع كلما ذكر اسمه أثناء المؤتمر ) وفي القاعة الصغيرة يدوي تصفيق حاد ، ويتحول الى هتاف حماسي ثلاث أربع دقائق ... خمسة دقائق ، وتبدأ الأكف بالتنميل ، وترتفع الأيادي بوضع أفقي ، ويختنق متوسطوا العمر ، وحتى أولئك الذين يؤلهون ستالين بصدق ، يبدؤون في الاعتقاد ، بأن هذا الجنون لايطاق . ولكن من الذي يستطيع أن يتوقف أولا ، يمكن أن يفعل ذلك سكرتير اللجنة ، أو ذلك الذي قرأ التوصيات ، والذي يقف الآن على المنصة . لا... إنه مبتدئ وهو في مكان شخص سجين ، وهو يخاف شخصيا لأن في هذه القاعة يقف ويصفق رجال المخابرات ، وهم منتبهون جيدا الى من سيتوقف أولا .
ويرتفع التصفيق من أجل القائد في هذه القاعة الخانقة في نهاية العالم . -يهدر لمدة ستة دقائق كاملة --سبعة دقائق---ثمانية دقائق ---تهالكوا وانفجر فيهم الموت !وهنا لا يمكن أن يوقفهم الا الذبحة القلبية . وفي منتصف القاعة وفي خضم الفوضى ، يمكن للمرء أن يزوغ أو أن يصفق بشكل متقطع وبجهد أقل وهياج أقل . وماذا يمكن أن يفعل على المنصة والجميع على مرأى النظر ، مدير مصنع الورق في المنطقة رجل صلب وعصامي يقف على المنصة ، ويصفق وهو يعرف وبوضوح كيف أن الوضع بأكمله مصطنعا ولا مخرج منه

يستمر التصفيق مدة تسعة دقائق بانتظام --عشرة دقائق ، فينظر منهكا الى السكرتير ، ولكن ليس مسموحا لهذا أن يتوقف . وهذا جنون--جنون جماعي ، وسينظر قادة المناطق الى بعضهم بأمل بسيط ، وبتعابير الرضا على الوجوه ويصفقوم حتى يتساقطون أو يرحلونهم على الحمالات ، أما أولئك الباقون فلن يرتجف لهم أي عصب في الوجه ،


في الدقيقة الحادية عشرة يعود الى وجه مدير المصلع ، ويجلس -----وبشدة التصفيق ذاتها يقف الجميع ويجلسون-- تم انقاذه؟! وخرج السمور من الجحر المعتم . لكن الأرواح الطليقة يمكن اكتشافها في هذه الطريقة ، أو يمكن استئصالها . تم اعتقال مدير المصنع في الليلة نفسها --ليس صعبا عليه قضاء عشرة أعوام من أجل شيئ آخر.

هذا ما حدث عام 1937، أما ما حدث عام 1998، في مدرج جامعة حلب، عندما كان أحد الرعايا، يلقي كلمة، ودائما من أجل اضفاء جو حماسي ، يجري ذكر اسم القائد، وانطلق التصفيق، وتوقف أحد طلاب المعهد المخبري عن التصفيق، وتم سحبه وسحب هويته من قبل أشاوس الأمن ، والذين جرى فرزهم من فرع(مراقبة من يتوقف عن التصفيق، وحجزه حتى يستفيق).

عند مجئ غورباتشوف الى السلطة ظهرت الى العيان بعض الحقائق الغائبة عن عهد ستالين وتم إثبات أن رجال بيريا خطفوا النساء الشابات الجميلات من الشوارع ، ووضعوهم في الحافلات واقتادوهن الى رؤسائهم واختفت هؤلاء النسوة بلا أي أثر .
هذه هي الأنظمة الشمولية القومية القمعية لمن يتحسر عليها!!!!!!!!!
---------------------------------------------------------
من الضروري ، من وقت الى آخر ، تغيير الحكومة وليس الفاشلة منها ، وانما والناجحة أيضا ، لأنها اما أن تصبح غير فعالة أو انها ستصبح محتالة . الحكومة التي تطيل الجلوس ليست جيدة.
أم فواز

دمشق 21-5-006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين وفريدة.. قصة حب وتفاصيل مضحكة بسبب فروق عادات الجزائر و


.. التصق جلده بعظمه.. والدة طفل يعاني من الجوع في غزة: أفقد ابن




.. إسرائيل وإيران.. حلقات التوتر


.. تقارير: إسرائيل ستبقي جيشها في قطاع غزة لأشهر حتى العثور على




.. احتدام المعارك في ولاية -سنار- بين الجيش السوداني و-قوات الد