الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَنْ كانَ يُصّدِق ؟

امين يونس

2019 / 11 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لله درّكُم ياشباب الحِراك الثوري في بغداد والناصرية والبصرة وكربلاء والنجف والحلة والديوانية والعمارة والسماوة ... طوبى لكم يا مِئات شُهداء الحُريةِ والكرامة ... الشفاء لكم ياآلاف جرحى الثورة البواسل . لقد أخرَسْتُم ببطولاتكم ، الألسُن القذِرة التي كانتْ تُرّوِج لليأس والخنوع ... أثبَّتُم بصمودكُم أن جذوة الثورة والمُقاومة فيكُم ، حَيّة وفي أوجِها .
قَد تستطيع السُلطة الغاشمة قهركُم غداً أو بعد غد أو بعد شهر ، من خلال إستنادها على الموقف المُهادن والمتواطؤ ، للمرجعية في النجف .. قد تتمكَن الحكومة والميليشيات ، من قتل المزيد منكم وحرق خيمكُم ، وسط الصمت الدولي المُريب والسكوت المُخجِل للأمم المتحدة .. نعم قد يحدث ذلك ، وينجحوا في وأد هذه الثورة المُبارَكة .. لكنكم مُنتصِرون في كُل الأحوال ، للأسباب التالية :
* مَنْ كانَ يُصّدِق ان عشرات الآلاف من الشابات والشباب ، سيُقررون في لحظة تَجّليٍ ثورية ، البقاء في ساحة التحرير وعدم تركها ، ثُم نصب الخِيَم ، وفي اللحظة التالية ، يُقررون الإستيلاء على هيكل البناية العالية المُطلة على الساحة " جبل الثورة " والتي كان القناصون يقتلون الشباب من على سطحها في المظاهرات السابقة ... وفي زمنٍ قصير يُنّظمون الأمور اللوجستية الضرورية بإمكانيات ذاتية بسيطة .. مَنْ كان يُصّدِق ؟
* مَنْ كانَ يُصّدِق أن هذا الجيل الذي طالما قيل عنهُ زوراً وبُهتاناً [ مائِع / جبان / مُستهتر / لا أُبالي / غَبي / تافِه .. إلخ ] يمتلك كُل هذه الطاقة الإيجابية ؟ كُل هذه الروح الوّثابة والإستعداد للتضحية والنَفَس الطويل ؟
* من كان يُصّدِق أن إختلاط الآلاف المؤلَفة من النساء والفتيات الشابات ، مع الشباب ، في تلك الساحات ، ليلَ نهار .. من دون حدوث حالة تحّرُش واحدة ؟ أيةُ أخلاقٍ عالية .. أيةُ قِيَمٍ راقية ياشباب بلادي ؟ لقد جّن جنون السلطة حين رأوا هذا التهذيب والرُقي ، فبادروا كشأنهم دائِماً إلى أخّس الطُرُق وأحقر الأساليب : جمعوا فتيات المواخير التي يديرونها ، بملابسهم الفاضحة ، وأفرغوهم قرب ساحة التحرير وكلفوا بعض مرتزقتهم بتصوير الأمر وإلصاق التُهَم بالمنتفضين ... لكن الشباب الثائر الواعي ، إنتبهَ فوراً ، وطرَدَ وا هذه الشراذِم .
* مَنْ كان يُصّدِق أن مئات الأطباء من الجنسَين والممرضات والممرضين ، بادروا الى التطوع وإقامة خِيَم طبية ثابتة ومتنقلة ، وتوفير الآلات والأدوية والمستلزمات على حسابهم الخاص ؟ مَنْ كان يُصّدِق ان مئات عربات التُك تُك من الفقراء والكادحين ، تطوعوا للعمل ليل نهار مجاناً لخدمة الثورة ؟ مَنْ كان يُصّدِق ان آلاف النساء والرجال كانوا يجلبون يومياً الماء والطعام لكل هذه الجموع الغفيرة ؟
* مَنْ كان يُصّدِق ان الشباب العراقي المنتفِض الثائِر [ الذي كان يُقال عنهُ أنه جيل البوبجي والكسالى الذين ينامون إلى العَصِر ] سيحّول ساحات التحرير والإعتصام ، إلى ورَش عملٍ جبارة ، في رسم لوحاتٍ مُعّبرة على طول نفق التحرير في بغداد وكذلك في الناصرية والحلة وكربلاء وغيرها ، في طمس السَواد الذي فَرَضتْه الأحزاب المنافقة الحاكمة ، وتلوين المساحات بألوان الفرح الزاهية .. كل ذلك على حسابهم الخاص . من كان يُصّدِق أنهم سيرممون بناية " جبل الثورة " ويجهزونها بالماء والكهرباء ؟ وينظفون الشوارع والساحات ويجمعون القمامة ويُحَملونها يومياً ؟
باللهِ عليكُم .. مَنْ كانَ يُصّدِق ان المعلمين والمُدرسين ، فتحوا صفوفاً لتدريس الطلاب في الساحات والشوارع المنتفضة ؟ مَنْ كان يُصّدِق ان المحامين ألقوا محاضرات في خِيَمٍ لتكريس وعي الشباب بحقوقهم ؟ مَنْ كان يُصّدِق ان سقوط شهداء شباب يومياً وجرحى ، لم يُثنِ الآخرين ولم يدفعهم إلى الهروب أو الإنكفاء أو النكوص ، بل ان الأعداد كانت تتزايد يومياً ؟
..........................
إزدادتْ وتيرة عُنف السلطة وأجهزتها القمعية ، في اليومَين الأخيرَين ، وإزدادتْ عمليات القتل بالرصاص الحَي والقنابل المسيلة للدموع المباشرة .. وفوق ذلك إتسعتْ عمليات الخطف والتغييب للناشطات والناشطين ، وإلقاء القبض على المتظاهرين وتعذيبهم وإهانتهم .
كُل هذهِ الممارسات المجرمة ، لم تستطِع لحِد الآن ، كسر الحراك الثوري في بغداد والمحافظات .. لكن وسط تعامي المجتمع الدولي والأمم المتحدة ، وقطع السلطات لوسائل الإتصال وقطع الإمدادات عن المعتصمين ، وإرتفاع أعداد الشهداء في كل ساعة ... فأن الأُفق مفتوحٌ على كُل الإحتمالات .
مَهما سيحدث ... فأن ماقامَ به الشباب العراقي في بغداد والمحافظات ، هي ثورة تسامَتْ فوقَ الطائفية والأحزاب الفاسدة والعنصرية ، الإسلامية منها والقومية . ان العراق بعد ثورة تشرين الأول 2019 ، لن يَعُد ذاك العراق المُشّوَه الضعيف المُضطَرِب .
ففي أسوأ السيناريوهات أن يُجْبَر الشباب الثائِر على التوقُف والذهاب الى بيوتهم .. لكن هذا التمرين الثوري الرهيب الذي لم يُرعِب السُلطة الفاسدة فقط ، بل أرعب دُول الجوار كلها المتدخلة في الشؤون العراقية والتي لا تُريد الإستقرار والديمقراطية الحقيقية للعراق . الشباب الذي إستطاع تفجير ثورة تشرين الأول / أكتوبر ... يستطيع أن يفعلها متى ماشاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فعلاً ... من كان يصدق
س . السندي ( 2019 / 11 / 12 - 02:34 )

بداية تحياتي لك ياعزيزي صادق وتعقيبي ؟

1: قبل ان أدلو بدلوي أنحني إجلالا لأرواح الشهداء الذي غدرو بهم بخسة ورعونة ، واحتراماً لا حدود له لكل الشباب الفتي الثائر الذي أفاقنا نحن الكبار ليس فقط من سباتنا بل من يأسنا وعجزنا ؟

2: فعلاً عراق الغد لن يكون كما كان من قبل ، ومن يعتقد أن قتل المتظاهرين سيرهبهم ويردعهم ويدفعهم للعزوف فهو واهم ؟
وأن قتلهم وأمرائهم سينجون بفروة رؤوسهم ، فوألله لن ينجدهم أو يحميهم سيدهم قاسم سليماني ؟

3: وأخيراً
رحم ألله ثوار العراق الأبطال ودعوانا لهم بجناة الخلد ، وللجرحى بالشفاء العاجل ، ولذويهم الفخر قبل بمن أنجدوهم ، ولهم منا جميل الصبر والسلوان ؟

والخزي والذل والعار لخونة العراق من كلاب وعملاء إيران ، وأقترح بعمل نصبٍ لكل منهم فوق مراحيض عمومية في كل أنحاء بغداد ؟

اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا