الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواية الثورة

إياد الغفري

2019 / 11 / 12
كتابات ساخرة


بعد النصر المؤزر للجيش النظامي على بقايا الثورة السورية، لم يتبق منها إلا نشطاء اللجوء ممن ساعدهم الحظ ودعوات الجدود في الحصول على حق الحماية المؤقتة أو اللجوء في بلاد الله الواسعة.

بدأ من كانوا يشجعون الثورة السورية باعتبار أنها "ريال مدريد"، من جحورهم في مقاهي البلاس دو إيتالي، أو بوقفات اعتصاميه هدفها الاستغناء عن التقاط السيلفي بشكل شخصي وتكليف بقية المعاتيه بالتقاط الصور ونشرها على وسائط التواصل الاجتماعي، بالالتفات لمباريات أخرى.


ناشط أقام في بيروت منذ أكثر من عقدين من الزمان، نشر هلامية كعادته عن سماعه زقزقة العصافير وضحكات الأطفال في بيروت، بيروت التي كان سابقاً يتغنى بها كانت قبيحة، لكن وحسب تطور خلاياه الرمادية صارت جميلة تزينها بوادر الثورة، ثورة "كلن يعني كلن".

لا يعنيني انتصار الثورة ضد الملالي والفساد في العراق، ولا انتهاء الإقطاع السياسي اللبناني، هذا السرطان الذي زرعته الأديان ورعت شتلته المصالح الاستعمارية، وثبت مؤتمر الطائف جذوره.
بالنسبة لي هذه شؤون داخلية لدول مجاورة، لكن الأمر ليس كذلك لنشطاء الثورة السورية، فهم يتابعون الأمر عن كثب.

أحد سلالات الأغاطاسية يبشر بالعروبة، متناسياً جذره التركماني الذي نقر خصانا به في الماضي القريب.
***
منجزات الثورة السورية:
قرابة مليون ضحية وربع مليون مفقود.
بنية تحتية مدمرة، ودولة مقسمة تحت وصايات عدة.
ملايين اللاجئين الذين يحلمون بالنجاح، ويصحون من حلمهم إما في مشفى لرعاية العجزة يمسحون أستاء العجائز، أو وهم يصعدون الأدراج لتسليم الطرود البريدية, أو ربما مازال حلمهم مستمراً كثورتنا التي أكد الائتلاف أنها مازالت مستمرة.
نظام كان يظن أنه بقبضة حديدية قادر على قمع الشعب والبقاء، لكنه أصبح متأكداً أن هذا لا يتم إلا بممارسة الموت اليومي.

***
النجاحات السورية الأهم كانت في مجال التساقي والكبب، الفول بحمض وتوم وزيت، إلى أن يفرق شملهم هادم الملذات ومفرق الجماعات مكتب الضرائب.
***

الثورة السوية حكم عليها بالفشل منذ ولادتها لأنها كانت اتكالية، ثورة "تقول العالم خذلنا" ليست ثورة،
ثورة رموزها يتوزعون على فضاءات افتراضية، ويحتسون القهوة مع رجالات العهد البائد الذين لفوا علم الثورة على رقابهم لحمايتها، طامعين بمستقبل جديد يكونون فيه أكثر أهمية مما سبق، هي بازار يتم فيه شراء الضمائر والذمم أو ما تبقى منها.

الثورة ليست فعل أو سيرورة كما حسبت سابقاً، الثورة هواية.
أنا أهوى التصوير الفوتوغرافي، المطالعة، الموسيقا الكلاسيكية وممارسة العادة السرية،
أخوتي نشطاء المجتمع المدني:
ما أعرصنا ونكابر، من لم ير من المنخل فهو أعمى، والثورة والله ليست كما كنت أظن.

أنا أعلم أنكم هواة ثورات، أحييكم وأشد على أياديكم، وأناشدكم أن تكون لديكم الجرأة الأدبية لأن تكفوا عن ممارسة نفاقكم مع ذواتكم، واحدكم يحسب أنه بالتماهي مع الضحايا ممن فقدو كل شيء، يقوم بدوره ويضع رأسه على الوسادة فينام قرير العين.

عقلية المجرم نفسها مهما اختلفت الجغرافيا، لا فرق بين قاتل نظامي، إسلامي، مليشيوي وبين من رفع لهم الأصابع وخوَّن من شكك بنزاهة أيقونات ثورية صيغت على عجل في مطابخ أجهزة مخابراتية.

الفرق الوحيد كائن في المصير، القسم الأول ضحى بروحه فمات ذبحاً، سلخاً، تعذيباً، قصفاً بينما يموت القسم الثاني قرير العين بأمراض مستعصية، زاد في شراستها استهلاك ضخم للحشيش والمشروبات الكحولية، والشحوم.
أخوتي هواة الثورات:
دعونا نموت قهراً، وارحموا شيبتنا.
مارسوا هواية مشاهدة الثورات على الأقنية الفضائية، بصمت... ولا تقلقوا قهرنا بتحليلكم لثورات الجيران، التي تحسبوها شعر عانة خالتكم، بعد أن اكتشفتم صلعكم.



وأستغفر الله لي ولكم.
إياد الغفري – ألمانيا

12 تشرين الثاني 2019








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ


.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ




.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال


.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ




.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال