الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاشق أصيلة

خالد الكيلاني

2006 / 5 / 23
الادب والفن


المدن كالنساء، إما أن تعشقها من أول نظرة، أو تنسدل بينك وبينها ستائر النفور أواللامبالاة . وأصيلة مدينة يهيم بها كل من رآها ، ويعشقها كل من دعته إليها ذات مرة ، فتصبح تلك المدينة الصغيرة الجميلة النائمة في أحضان المحيط الأطلسي معشوقته الوحيدة ... والأبدية.
ولكن من بين كل عشاق أصيلة - وهم كثر- عاشق متيم يهيم بها صبابة ... فتفضحه عيونه ، عاشق أفنى أكثر من نصف عمره الذي انقضى ، ووهب لها كل عمره الذي سوف يأتي ... لعلها ترضى . ذلك لأنه غير كل العشاق ، وحده الذي نبت في رحمها ، وترعرع في أزقتها ودروبها ، وتنفس من هوائها ، وأمتع بصره كثيراَ بزرقة بحرها . وعندما كبر العاشق قليلاَََ وقف على شواطئ أصيلة وتطلع إلى الشاطئ الأخر ، إلى العالم الجديد المثير على الضفة الأخرى في أمريكا . وبعزم الشباب ، وفتوة العشاق ألقى مجاديفه وأبحر إلى أمريكا فدرس وتعلم وحصل على أعلى الشهادات ، ورغم كل إغراء الحلم الأمريكي ، والبيت والأسرة الذين أصبحا له في الولايات المتحدة إلا أنه جمع كل علومه وشهاداته وعاد إلى معشوقته الكبرى أصيلة ليحلم لها ومعها ، ورأى العاشق الولهان أن أهل مدينته البسطاء يحجون بالآلاف إلى مواسم (موالد) الأولياء الصالحين المنتشرة أضرحتهم في أصيلة والمدن القريبة منها ، من هنا جاء حلمه الكبير " موسم أصيلة الثقافي " حتى يحج المثقفون والناس إلى أصيلة ليشهدوا منافع لهم ... في الفكر والأدب والفن ، فكان أن أنشأ " جمعية المحيط الثقافية " مع صديقه وشريك حلمه الفنان التشكيلي الكبير إبن أصيلة أيضاَ محمد المليحي .
ثم تقدم العاشق لانتخابات المجلس البلدي لأصيلة ، فأصبح رئيساَ له . وبدأ في تحقيق حلمه الكبير منذ عام 1978 تاريخ أول دورة لموسم أصيلة الثقافي ، وبدأ العاشق رحلة الصعود بمدينته الصغيرة إلى أفاق كبرى ، وكبر الحلم رويداَ ... رويداَ ، وكبرت معه أصيلة ، وكبر معهما العاشق الذي أصبح ممثلاَ لأصيلة في البرلمان ، ثم وزيراَ للثقافة ، ثم سفيراَ للمغرب في أمريكا ، ثم وزيراَ للخارجية . وتحقق حلم العاشق فأصبح اسم أصيلة عنواناَ لمرحلة جديدة من الحوار الهادئ بين الثقافات والشعوب ، وأصبح لأصيلة عشاق من كل قارات العالم ، مفكرون وشعراء ... كتاب وفنانون ... صحفيون وسياسيون ، حملت ميادين وحدائق أصيلة أسماء الراحلين منهم ، ومنهم من كرمته أصيلة حياَ ومنهم من ينتظر . وأصبحت أصيلة في أغسطس من كل عام محجاَ للمثقفين والمفكرين والفنانين من كل أرجاء العالم يستمتعون فيها بالحوار واللقاء والتواصل . وفي أغسطس من كل عام ينمو سجل أصيلة فيصبحون بالعشرات ... والمئات ، والآلاف ، أوروبيون وأفارقة ، أمريكيون وعرب ، من أسيا واستراليا وأمريكا اللاتينية ، كثيرون يعجز السجل عن حصرهم .
ولم يعد من بين أبناء أصيلة واحد فقط هو العاشق المتيم الولهان محمد بن عيسى الذي حلم حلماَ كبيراَ وحققه ، بل أنجب مناخ وروح أصيلة العشرات من الفتيان والفتيات ، شباب في عمر الزهور ... طلبة وموظفون وخريجو جامعات ، منهم من يسكن في أصيلة ومنهم من باعدت بينه وبينها ظروف الحياة ، يأتون جميعاَ قبل أول أغسطس من كل عام ، ويسلمون أنفسهم لمحمد بن عيسى راضين متطوعين بوقتهم وجهدهم وراحتهم لخدمة المهرجان وضيوف المهرجان ، مقتدين في ذلك بابن مدينتهم ، ومثلهم الأعلى المحب الولهان ... عاشق أصيلة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في


.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد




.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض