الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرات مجنون 2

طارق سعيد أحمد

2019 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية




أفشل دائما في تحديد الأعمار. وحين أسأل وخصوصا من سيدة جميلة وبعامية قادرة على حمل أطنان من الدلال المخبأ في لغتها الحلوه، تديني كام سنة؟.

هذا السؤال أخشاه جدا كما تخشى أنت مواجهة أسد!، نعم وبلا لف أو دوران حول معنى يرصد شيئا عنّي، أخشى ملك الغابة كما أخشى هذا الإحساس الذي يغمرني دائما كلما واجهت نفس الموقف!.

يبدو العالم لي أحجية غامضة كبرى وعليّ أن أخترق شفراته لأمر من أبواب متنوعة فقط لاكتشافه – وهو أمر لو تعلمون عظيم – وبعد بلوغي لشئ ما أتأكد وقتها بأنني لا أعرف شيئا عن اتساع العالم وقوانينه الصارمة أو خصائص وشائجه العالقة فينا

الأمر بالفعل معقد للغاية خصوصا حينما تعرّف حاضرنا على قدرة وسائل تواصلنا الإنساني وتطورها وامتدادها بمواقع التواصل الاجتماعي في نسختها الأولى، قبل أن تتحول مع سوء الاستخدام إلى مواقع عزل اجتماعي ومن ثم ساهمت في تفكيك العالم الكلي إلى عوالم صغيرة جزئية تتشكل عبر قوانين خاصة

مع ذلك أفشل في تحديد الأعمار، ولكن أتاح لي هذا الفشل فرصة تذويب فكرة تحديد العُمر ومن ثم الولوج لعلاقة دون قيود أو شروط تعتمدها المجتمعات الذكورية أو النسوية

لا أقارب بين العالم والنساء – حاش لله – أنا اتحدث عن الشئ ذاته، عن ذلك المعنى العميق أتحدث، فالعالم والنساء كلاهما صور له ليس أكثر، حيث يقبع معنى الهيمنة خلف صوره العديدة، وكثيرا ما ننخدع فيها لقربها من الواقع أو بالأحرى تفعيله وإعادة صياغته إن لزم الأمر واقتضت الضرورة

مدفوعا بهذا التصور أفشل فيما أراه تجاوزا للهيمنة وكسرا للواقع ومن ثم العبور إلى وراءه، فمظهر المرأة الدال على عُمرها أو مظهر العالم الدال على زمنه مجرد حواجز بصرية خادعة من الضروري تجاوزها للولوج للجوهر
تذكرت في هذه الأجواء نصا كنت قد كتبته وأنا على مشارف الأربعين من عُمري يحرضني القلم على ذكره هو ليس تجليا لما كنا نناقشه لكنه ينظر من زاوية أخرى، وبالمناسبة كنت أعنونه ب " عام الكُفر".. النص:-
أكلتني فجأة!
أفسدت خُطتي المسائية
لمن تتأنق كئوس النبيذ
والشموع لمن ترقص
لمن سلاسل جبال "الكريم شانتيه" الصغيرة
وحبات الكرز المُحلى بعسل النحل؟
لمن يشقى النحل؟
ولمن يزرع الكرز
بعد الساعة الثالثة مساءً
من اليوم ذاته
بعد وقوع الجريمة؟!
**
أكلتني في الغداء
قبل أن آكلها على سرير العشاء
كفرت بالنساء
اللاتي يجهلن الشتاء
وأمطار المساء
ويتجنبن
ليل نهار.. الشعراء
***
يناير
للأمنيات فقط
الـ"بابا نويل" هذا
لا يمر على مصر
كذبة غربية
نالت من طفولتي
كفرت بها ايضًا
في الأربعين
هذا عام الكُفر
والمرق
عشت الأربعين
لأذوق النقاء
فجأة
وإلى الأبد".
لا رائحة تميز هذا المشفى سوى رائحة الصمت الممزوجة بروائح السياج الشجري الدائر حول المشفى والمبلل برذاذ البحر، اعتدت عليه مع مرور للوقت لسبب لا يمكن لي أن أعرفه هذا ما جرى وحسب

وحسب، تلك اللفظة السحرية التي أمر من خلالها الآن لأكتب للمرة الثانية الجزء الخامس من سلسلة مقالات.. كيف تصنع جاهلا؟ سأكتبه وحسب!
كيف تصنع جاهلا؟ ج5
تولد الأفكار لامعة وكلما تفاعلت مع بيئات متباينة إزدادت توهجا، لكن هناك نوعا آخر من الأفكار لا يولد، بينما يتشكل ويتموقع وينمو حولنا ذاتيا دون أن نشعر!. فالأولى تفقد قدرتها على البقاء ويختفي بريقها بضرورة الإحتكاك المباشر وغير المباشر، ومع مرور الوقت ينطفئ ضوئها شيئا فشئ، ومن ثم تسقُط على صفحات التاريخ بكل ثقلها، أما الثانية لا وزن لها فهي هشة _وهي الأخطر في تقديري_ فمع مرور الزمن وتعاقب الأحداث والمواقف اليومية تستقر في العقول على هيئة عادات أو تقاليد أو مخاوف أو تحت أي مسمى آخر يمكن استدعاؤه ليصف درجة تشبعها، لكن المؤكد _كما أتصور_ أنها شفيفة لا لون لها أو وهج يميزها، لذلك تحتل مكانا داخل الفرد على حسب درجة انفراجة ثغرات تفكيره وميوله النسبي لتقبل أو إلتقاط الأفكار السابحة في مجتمعه المحيط، وتحيا معه وكأنها صفة أصيلة في تركيبته "النفسذهنية"!.

كان ذلك بديهيا حقا، وكان أيضا الفخ الكبير الذي حُفر من تحت أقدامنا لنتأخر في الصعود إلى السطح مرة أخرى ونلبي موعدنا مع الدولة المدنية الحديثة في المستقبل القريب، حيث أن الأمر تفاقم وأضحى بيئة عامة خصبة تجذب آلياتها لصناعة الجهل ذاتيا!.. كيف؟!.

"الواقعي والإفتراضي" هما بُعدان لعالمنا لا ينفصل إحداهما عن الآخر بل مكمليين ومتكامليين لبعضهما البعض ومعبريين بشكل أو بآخر عن وجودنا الإنساني منذ الأزل، ومع ظهور مواقع التفاعل والتواصل الاجتماعي بشتى أنواعها، بدى الأمر أكثر تعقيدا حيث انعدمت الفواصل، وأذاب ما تبقى منها على حدودهما تدفق الآراء والأفكار والمواقف المعبرة عن الثقافة العامة للفرد، فأضحى لكل فرد "أوعضو في المجتمع" حزمة من إنسانيته الخاصة موزعة ومعبرة عن واقع أفكاره وحقيقة نشاطه الذهني وقناعاته الشخصية على صفحات عالمه الإفتراضي "الأكونت"، ما وصل به الحال إلى أن تقيمه العقول أخرى "الأعضاء في المجتمع المحلي والعالمي" متابعه له تنتقده أو تؤيده والعكس صحيح.

ووصل الأمر من جانب الدول في هذا السياق إلى اتخاذ هذه الآراء المنشورة والمتاحة للتواصل والتفاعل الإنساني كوثيقة تضع صاحبها تحت طائلة القانون وتدينه بها "خصوصا في الدول الشمولية والتي تعرف وتصنف عالميا بـ دول العالم الثالث"، أو كما شاهدنا على جانب آخر من السُلطة الدينية الفاشية حالات متكررة لإغتيال شخصيات عامة تنادي بالحرية _بمعناها الواسع_ على يد الجماعات المسلحة المتأسلمة والإرهابية فكريا أيضا.

ثمة مشروع تجهيلي خبيث تتكشف ملامحه شيئا فشئ!، فهل شعرت بإطلاق وعيك كاملا يوما ما؟ أم أنك تشعر الآن بأنك تشبه كرة التنس التي يقذفها مضرب لاعب قوي ومحترف من فوق شبكة قصيرة الإرتفاع لتسقط على أرض اللاعب الثاني ليقذفها بدوره هو الآخر.. وهكذا؟ الإجابة على هذه الأسئلة لن تخرج عن سياق موضوعنا الذي بدأناه ألا وهو الإجابة على السؤال الرئيسي.. كيف تصنع جاهلا؟.

ويقدم لنا حاضرنا المهيأ للإكتشاف الكثير من الإجابات _رغم الأجواء العامة الخانقة_ خصوصا بعد خلع "مبارك"، وعزل "مرسي" واستمرار تفعيل أنظمتهم السياسية المدمرة في الحيز "الواقعي / الإفتراضي" على حد سواء عبر شبكة معاونيين لهم أخلصوا لدولة الفساد لمصالحهم الشخصية من ناحية، ومن ناحية أخرى لسفك الدماء على يد الفاشية الدينية، وحيث أنهم أيضا أنموذجين تجسد في وجودهما الفعلي مفهوم صناعة الجهل وتجهيل الشعب المصري، وصناعته محليا خلال خطوط إنتاجية (قانونية) و(فتاوية "إن جاز المصطلح") لا تتوقف ساهمت بطبيعة الحال في تعليب الجهل وتوصيله للمنازل مغلفا بغلاف كتب عليه تاريخ الإنتاج "عام 1952" وترك مكان تاريخ الإنتهاء شاغرا!.


وتأتي أيضا أهمية ذكر هذان النظامان تحديدا لأنهم استخدموا النوع الثاني من الأفكار "التي لا تولد"، بينما تتشكل وتتموقع وتنمو حولنا ذاتيا _دون أن نشعر_ على أكمل وجه واستعانوا بآليات خبيثة هدمت البناء الثقافي والمعرفي لطبقة عريضة من الشعب المصري، وتأسس نظامهما السياسي على مبادئ متشابهة إلى حد بعيد، فكلاهما استخدم الجهل بشتى أنواعه ليُظلم أكبر مساحة تمتد إليها سلطته من عالمنا المتواضع، وكان الظلام يشتد ُظُلمة وقتامة حينما تعاونا معا في مراحل وحينما أيضا تناحرا وتصارعا على كرسي السُلطة في مصر على حد سواء من وقت قريب.

للوهلة الأولى يبدو أن هناك تناقض بين هذا المزيج المكون من نظاميين روج كل منهما على مدار سنوات عديدة لمشروعه السياسي بطريقة في ظاهرها مخالفة ومناهضة للآخر، لكن إن أمعنا النظر وتأملنا جوهرهما السياسي وشعار مبدأهم المشترك الذي كان ينطق بـ "من ليس معي فهو عدوي" سنجدهما متطابقين إلى حد يثير الذهول، ويفسر بلا أدنى شك ما نحن عليه الآن.

راق لي أن اكتشف فكرة تكوين جيش واحد يحمي الكرة الأرضية ويحافظ على استقرارها ورفاهيتها كمبدأ لمهامه المتوقعة في الشأن الداخلي للكوكب بينما يعمل في الخلفية برنامج تطوير الأسلحة لمواجهة الأخطار الفضائية ويعد التقارير ويعرضها على جمهور الأرض بشكل دوري ليضع حق معرفة الجمهور في اطار التنفيذ!

وحيث السعي وراء تفتيت اجزاء كبيرة من مساحة الشرق الأوسط الجغرافية ومن ثم استبدال جغرافيتها الطبيعية إلى جغرافيا اجتماعية تفتت عناصرها الثقافية التاريخية متضمنة الموروثات الدينية في صورة صبغات لونية لملء المساحات على الخريطة الجديدة للمنطقة دليل على وجود هذه الفكرة البغيضه في عقل احدهم!
صد شعب مصر هذه الهجمه التفكيكية حين انصهر في الميادين أثناء الموجه الأولى للثورة في 25 يناير، كما حاولت شعوب أخرى وتماسكت، وإن بدا لنا هذا السعي نحو التماسك فشلًا ما فقد أتاح هذا الفشل حزمة من الاكتشافات تجلت في مناطق أخرى كان تتبعها مستحيلا لولا هذا الفشل المزعوم!.

وهُم كيف يفكرون بك؟
إجابة هذا السؤال، هل تحمل أهمية ما؟، علينا أن نناقش هذا السؤال قريبا، أما المجنون فهو ينتظر ذكرياتكم حول هذا السؤال أرسلوها له على الخاص وسوف يدمجها مع تصوره في الورقة القادمة من ذكريات مجنون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج