الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤرخوا البلاط أو مؤرخوا زوج دورو كما يسميهم الجزائريون ، محمد الأمين بلغيث نموذج

مصطفى صامت

2019 / 11 / 13
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لم تجد السلطة الفعلية التي استلمت الحكم بالجزائر بعد سقوط الرئيس بوتفليقة تحت ضغط ثورة 22 فيفري إلا الأيديولوجية المقيتة كسلاح لتفريق الجزائريين، قصد تقسيم ثورتهم، ونقل الحرب من وجهتها العمودية (شعب ضد سلطة) الى منحنى أفقي (شعب ضد شعب)، ويعد مؤرخوا البلاط الذين يُبَثون عبر أبواق السلطة (الإعلام الموالي) أحد أدوات هذه الأيديولوجية التي ورثتها الدولة الوطنية عن الحقبة الكولونيالية . ومن بينهم السيد بلغيث محمد الأمين الذي صرح بهذا التصريح لإحدى القنوات الفضائية المحسوبة على السلطة الفعلية في ولائها :
"ماسنيسا ليس له أي علاقة بالعاصمة (يقصد العاصمة الجزائرية) ، أنا الأستاذ بلغيث ، أقول لك لا يمثلني ماسينيسا، والذي إستغربت له أن الذي دشن التمثال هو وزير المجاهدين،وعشية الفاتح من نوفمبر، هذا رجل وثني (يقصد ماسينيسا)، أقول لك شيئ آخر ، كان من الاولى أن ينصب في هذه الساحة يوغرطة ،هو بطل بإمتياز، وخانة الأبناء والأصهار هنا من موريطانيا، هذه (يقصد العاصمة) تابعة لموريطانيا، لا وجود لبعد أمازيغي ، هذا الرجل نوميدي،هذا الرجل إفريقي، الأمازيغية إستحداث من أيام الاكاديمية البربرية ، هذه الأمازيغية غير موجودة أصلا، الوحيد الذي تحدث عن القضية الامازيغية في التاريخ هو إبن خلدون"

كان هذا إذا تصريح السيد بلغيث الذي يعرف نفسه كمؤرخ، الغريب في تصريحه هذا هو عدد التناقضات التي وقع فيها وتكرارها يبعد شبهة السهو عنه فيوقعه في الجهالة البائنة ، فإذا كان ماسينيسا الأغليد الذي وحد مملكة الماسيل (نوميديا الشرقية) بمملكة الماسيسيل (نوميديا الغربية) لا علاقة له بالعاصمة التي نصب تمثاله بها فهل جمال عبد الناصر الذي قال لنا بلغيث في تصريح آخر أنه هو من أعطى الضوء الأخضر لتفجير الثورة الجزائرية في 1954 ، هو من له علاقة بالعاصمة مثلا ؟
وإذا كانت وثنية ماسينيسا هي سبب تهجمك عليه، فهل أسلم البطل يوغرطة الذي توفي في القرن الأول قبل ميلاد المسيح عيسى مثلا ؟ أم أن مشكلتك مع ماسينيسا تعود الى رفعه لشعار" إفريقيا للأفارقة" ومحاربته للجالية الفينيقية المتسلطة بقرطاج و التي جعلتم منها عربا لسامية الفينيقيين فقط دون العبرانيين منهم رغم ساميتهم كذلك ؟

بلغيث الذي يقول أن الأمازيغية لا وجود لها قبل ظهور الأكاديمية البربرية، ويقصد بكلامه أن مصطلح الأمازيغ وتمازيغت/ الأمازيغية من صناعة الأكاديمية البربرية، لم يلاحظ في كلامه انه قال "الأكاديمية البربرية " وليس الأكاديمية الأمازيغية" فإذا كان هؤلاء الأكاديميون هم من أوجد هذا المصطلح (الأمازيغية) فلما لم يسموا أكاديميهم به ، بدل (Academie Berbére D échanges et de Recherches Culturels A.B.E.R.C) أي الأكاديمية البربرية للتّبادل و البحث الثّقافي والتي جاء قرار اعتمادها بتاريخ 21 فبراير 1967 و فقا لقانون إنشاء الجمعيات الأجنبية الصّادر بتاريخ 12 أفريل 1939 المعدّل لقانون الجمعيات الصّادر بتاريخ 01 جويلية 1901، أي أنها مجرد جمعية ثقافية قامت السلطات الفرنسية بغلقها لاحقا بأمر من الرئيس بومدين .

ثم لماذا تناقض مع نفسه وقال أن إبن خلدون "هو الوحيد الذي تحدث عن القضية الأمازيغية" هل نسي أن إبن خلدون عاش في القرن الرابع عشر ؟ وكيف لمؤرخ أن يجهل أن مصطلح الأمازيغ وتمازيغت قديم وعريق عراقة الأمازيغ في أرضهم وأن الكثير من المؤرخين عربا وعجما ذكروا هذا المصطلح قبل إبن خلدون بقرون وعلى سبيل المثال لا الحصر :
- كتاب "مفاخر البربر" الذي كتب في القرن الثاني عشر أي قبل إبن خلدون بقرن ونصف والذي وصلنا عبر مخطوطة تم حفظها في متاحف المغرب جاء فيه ان نفرا من سكان شمال افريقيا ذهبوا الى الخليفة عمر بن الخطاب ولما سألهم عن الإسم الذي يعرفون به أجابه النفر أنهم "بني مازيغ " وبعيدا عن صحة الرواية ام لا ما يهمنا هو ورود عبارة هوياتية في القرن الثاني عشر تأكد لنا أن أهالي هذه البلاد كانوا يسمون انفسهم آث مازيغ . ترجمت الى بني مازيغ (كتاب مفاخر البربر ، فصل في ذكر سبق البربر و فخرهم ، صفحة 180)
- رواية جُسْتان (justin) عن المؤرخ الطْروكا بومبي (Trogue Pompée) الذي عاش في القرن الاول قبل الميلاد ، يقول أن سكان تونس الذين إستقبلوا اللاجئيين الفينيقيين (عليسة ديدون وخدمها) كانوا يسمون المكسِطانيين Maxitani وملكهم هو هيرباس Hiarbas (من أجداد ماسينيسا) . (تاريخ شمال إفريقيا القديم ، ستيفان غزال ،ج 1، ص 305) و يقول المؤرخ إستفيان غزال : " نفس الكاتب (يقصد أوستاث) يطلق مازيكس Mazikes على الأهالي الذين أطلق عليهم جُسْتان مكسطاني .... (غزال، تاريخ افريقيا الشمالية، ج 1 ص 308) نفهم من هذا الكلام أن المكسِطانيين Maxitani هم انفسهم المازيكس Mazikes فمن هم المازيكس ؟ الجواب عند الباحث في الأمازيغيات المؤرخ غبرايل كامب الذي يقول : ".. وكما سنرى في ما يقابل من هذا الكتاب ،فأن الكثير من القبائل البربرية القديمة كانت تُعرف في العصور القديمة بإسم المازيس Mazices ، وهو في الحقيقة اسم يطلقه أغلب البربر على انفسهم : إمازيغن Imazighen (مفردها أمازيغ Amazigh ) وقد نقل الأجانب هذا الأسم في صور شتى، فجعله المصريون مشوش، وجعله الإغريق مازيس – Mazyes ، أو ماكسيس Maxyes ، وجعلوه اللاتين مازيس Mazices و ماديس Madices . وذكر المؤرخ الكبير ابن خلدون في القرن الرابع عشر الميلادي أن فرعا من البربر وهم البرانس ، ينحدر من مازيغ Mazigh .." (كتاب البربر ذاكرة وهوية ، غبريال كامب، ترجمة عبد الرحيم حزل , ص 58 ) .
وجاء في المجلد الرابع من كتاب (University Press, 1837) أن المؤرخون اللاتين والرومان قد حرفوا إسم مازيغ الى مازيس ومازيكس .. وهذا إقتباس من النص : " The Greek and Latin historians seem to have corrupted Amazigh, into Mazich, Mazes, Mazes, and Mazes"
وفي كتاب (Cochrane s Foreign Quarterly Review) في العدد 1، الصفحة 160، والذي نشر سنة 1835 يؤكد مؤلفه كذلك أن إسم مازيغ (Mazig) هو الاسم الاصلي للشعب الامازيغي قام المؤرخون الإغريق واللاتين بتحريفه الى مازيس ومازيكس .
- وفي كتاب أحاديث هيرودوت عن الليبيين نقل لنا الدكتور مصطفى أعشي كلام عن الفرعون المصري أمازيس الذي لقب بأحموسي الثاني والذي إستقل بحكم مصر بعد وفاة أبريس سنة 568 ق.م وهو ذو اصول ليبية (د.مصطفى أعشي ،أحاديث هيرودوت عن الليبيين (الأمازيغ)، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الطبعة:2009م ، صفحة 14)

كل هذا في ورود مصطلح مازيغ/تمازيغت قبل إبن خلدون بقرون وهو ما يجهله مؤرخنا بلغيث العروبي الأيديولوجية الذي لا يسمع عنه من تصريح الى ومعه تهجم على فرنسا رغم ذلك فضل الهجرة اليها قصد الدراسة في جامعة السوربون بدلا من القاهرة وحلب أو حتى أمريكا أو إنجلترا ؟؟
كره بلغيث المزعوم لفرنسا جعله ينكر حتى علاقة الفرنسية إيميلي بيسكان (Émilie Busquant) (زوجة مصالي الحاج) بالراية الوطنية الجزائرية ويدعي أن شقيقة المناضل محمد قنانش التلمساني هي من أسست الراية الجزائرية وأن القول بأن زوجة مصالي من وراء ذلك كذبة كبرى (رابط التصريح : https://cutt.us/sFu9I) ، والغريب أن السيد بلغيث قد صرح لموقع "أصوات مغاربية" بنفس التصريح وأضاف فيه أنه قد كان له تسجيل مع المناضل محمد قنانش لكن هذا الأخير لم يشهد له بأن أخته هي صاحبة فكرة الراية الوطنية وهذا جزء من تصريح بلغيث : " وقد سجلت شهادته (يقصد محمد قنانش) بتلمسان في ماي 1987، لكنه تفادى وقتها قول ذلك، والتسجيلات الموجودة عندي تؤكد، استنادا إلى شهادة مناضل من الحركة الوطنية، أن شقيقة محمد قنانش هي من خاطت العلم الوطني. "
لماذا لم يصرح محمد قنانش بمثل هذا التصريح عن أخته لبلغيث ؟ ولماذا صرح على قناة النهار بأن أخت قنانش هي مصممة الراية الوطنية ولا علاقة لزوجة مصالي بها وفي موقع أصوات مغاربية يقال أنها هي من أخاطته ؟ أين الحقيقة من كل هذا ؟
الحقيقة التي لم ينتبه لها مؤرخنا المؤدلج بأيديولوجية القوميين العرب هي أن أخت المناضل محمد قنانش التي تدعى الحاجة عويشة بخلي (El Hadja Aouicha Baghli) قد ولدت في سنة 1926 أي أنها كانت في عمر 11 سنة عند ظهور الراية الوطنية لأول مرة خلال احتفالات 14 يوليو/جويلية 1937،في بلكور بالعاصمة فهل كانت هذه البنت التي تشتغل كخياطة و صاحبة الإحدى عشر ربيعا تفقه في السياسية الى درجة التفكير في تصميم راية وطنية بكل ما لها من رمزية سياسية للجزائر المستعمرة ؟
أكثر من هذا هو أن بطلتنا هذه (الحاجة عويشة) قد كان لها حوار مع وكالة الانباء الجزائرية بخصوص الموضوع وهي نفسها صرحت أن زوجة مصالي الحاج الفرنسية هي صاحبة الفكرة والتصميم وأن الحاجة عويشة وشقيقها محمد قنانش، الذي يمتهن الخياطة هو كذلك، ساعدها في تقطيع القماش وخياطة الراية حسب التصميم الذي وضعته السيدة إيميلي بيسكان فلماذا تنفي علاقة زوجة مصالي بالراية الوطنية يا سي بلغيث هل لكونها فرنسية فقط ؟ (المرجع : https://cutt.us/fGyOU) .

خلاصة القول أن ما دفع المؤرخ بلغيث الى العبث بالتاريخ في هذا الظرف الحساس هي الأيديلوجية العروبية المعادية للآخر المختلف والتعدد، فأنصار التيار التعريبي (لا نقصد بها العرب ولا الناطقيين بالعربية ) في الجزائر هم أول من تحالف مع السلطة الفعلية ضد الشعب الذي خرج ضدها ويتهمون الحراكيين بالعمالة للفرنسا التي لم تتجرأ حتى على بث مسيرات الشعب في قنواتها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من فمك أدينك
عصمان أفندي ( 2019 / 11 / 13 - 17:30 )
وأنت قلتها وأقررت بها أن ماسينيسا صاحب مقولة أن افريقيا للأفارقة أي السود لا غير وليست للأمازيغ أو العرب أو أي جنس أخر فلما هذا العناد والمكابرة التأريخية


2 - ردا على تعليق عصمان افندي
مصطفى صامت ( 2019 / 11 / 14 - 00:14 )
انبهك فقط الى أن مصطلح افريقيا هو مصطلح امازيغي اصله افري بالاتينية افريكا وكان يقصدبه في وقت ماسينيسا منطقة صغيرة في تونس تسمى افري تم تعميم الاسم تشمل تونس الى غاية الغزو الاسلامي للمنكقة حيث بقي الاسم يقتصر على تونس فقط ثم عمم لاحقا على كل شمال افريقيا ثم كل القارة ا

اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟