الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحزاب السياسية في فلسطين

هشام عبد الرحمن

2019 / 11 / 14
القضية الفلسطينية


الأحزاب السياسية الفلسطينية
منذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين في العام 1948 وحتى اليوم، والفلسطينيون يواجهون تحديات كبيرة سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا وأمنيًّا، نتيجة ما فرصه قيام الاحتلال من سيطرة على أرض فلسطين، وقمع وتغييب لحريات الشعب الفلسطيني وحقوقه، وأبرزها حقه في تقرير مصيره وفي استعادة أرضه. برغم الاحتلال استطاع الفلسطينيون بناء نموذج حي لحرية التجمع والتنظيم يرسخ مبدأ التعددية السياسية ويعبر عن التنوع الاجتماعي والثقافي باعتبار ذلك جزءًا من الإرث الحضاري والثقافي والسياسي للشغب الفلسطيني، مارسها وأوجدها عبر تاريخه النضالي والثوري، وما زال، باعتبارها آليات عمل شعبية ووطنية لحشد الطاقات واستثمارها في الدفاع عن حقوقه الشرعية والوطنية، وفي سعيه نحو التحرر الوطني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة .
إن عدم قيام دولة فلسطين المستقلة واستمرار حالة الاحتلال حتى اليوم أضفى حالة من الخصوصية على تكوين الحركات السياسية؛ فهي نشأت بالأساس كفصائل وقوى مقاومة واكتسبت وجودها واستمرارها من الشرعية الثورية والشعبية، العديد منها انضوى في إطار منظمة التحرير الفلسطينية واحتكم إلى نظمها وخصوصًا النظام الأساسي للمنظمة والبعض الآخر ما زال خارجها، ما يعنى أن وصفها بالأحزاب السياسية لا ينصرف ويتطابق بالضرورة لمفهوم وتقاليد عمل الأحزاب في النظم السياسية والدول المستقلة على الأقل في هذه المرحلة. مع ذلك بعد نشوء السلطة الفلسطينية في العام 1994م، وإجراء انتخابات تشريعية في عامي 1996 و2006م، فقد مارست العديد من الفصائل والقوى السياسية العلمية الديمقراطية من خلال التنافس الإدارة شئون السلطة الفلسطينية ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية وفقًا للقانون الأساسي والقانون الانتخابي، وقد شاركت فعليًّا في تلك الانتخابات وفي هيئات السلطة الفلسطينية ومنها المجلس التشريعي والحكومة، وهو ما خلق حالة من الازدواجية في المهام الملقاة على عاتق تلك القوى والفصائل بصورة جمعت بين الاستمرار في مقاومة المحتل بوسائل مختلفة والمشاركة في بناء المؤسسات الفلسطينية وتطوير البنى والنظم الإدارية والمالية والقانونية والقضائية التي تخدم المواطن الفلسطيني.
إن ظاهرة العمل السياسي وتكوين التنظيمات والتجمعات هي متأصلة في التاريخ الفلسطيني ومتجذرة لأبعد الحدود برغم ما فرضه وما يزال يفرض من قبل الاحتلال من قيود وقمع، ما أحاط عمل تلك التنظيمات في كثير من الأحيان باعتبارات الحاجة للسرية في العمل خصوصًا على مستوى التمويل والتسلح والبنية التنظيمية والتعبئة وتطوير البرنامج الخاصة بكل فصيل.
تحتكم الفصائل والقوى السياسية في تنظيمها الداخلي للوائحها وأنظمتها الأساسية، وما زال النظام القانوني الفلسطيني لم يبلور قانونًا فلسطينيًّا موحدًا بشأن تنظيم العمل الحزبي وشئون الأحزاب السياسية، بمعنى آخر لم تعمل السلطة الفلسطينية منذ نشأتها في العام 1994 على سن قانون لتنظيم الأحزاب السياسية، وما جرى من محاولات لسن مثل هذا القانون - من خلال ما طرح من مسودات قوانين على المجلس التشريعي - لم تنته بتوافق وطني على صيغة القانون المنشود، بسبب وجود اتجاه قوي يرى أن حالة الاحتلال القائمة ومرحلة النضال الوطني ومتطلبات المقاومة والتحرر وانخراط الفصائل والقوى فيها بشكل رئيسي، وعدم وجود دولة ذات سيادة، ووجود امتداد لأغلب الفصائل الفلسطينية خارج أرض فلسطين، وبسبب وجود فلسطينيين كثيرين خارج الوطن بفعل التهجير والتشتيت، لا يجعل من التفكير بسن قانون للأحزاب أولوية، وبرغم ذلك فقد كفل القانون الأساسي المعدل لعام 2003 حرية المشاركة في الحياة السياسية، في المادة 26 والتي نصت على أن للفلسطينيين حق المشاركة في الحياة السياسية أفرادًا وجماعات، ولهم على وجه الخصوص الحقوق الآتية : تشكيل الأحزاب السياسية والانضمام إليها وفقًا للقانون.
إن قانون الانتخابات العامة لسنة 2005 الذي جرت على أساسه الانتخابات 2006، أعطى للجنة الانتخابات المركزية مهمة تسجيل الفصائل والقوى التي ترغب بخوض الانتخابات كقوائم انتخابية وليس كأحزاب سياسية، ولا يتضمن هذا القانون قواعد وأسس تنظيم عمل الفصائل أو القوى التي تشارك في الانتخابات، كذلك عمدت بعض الفصائل والقوى في مناسبات عديدة إلى تنظيم العلاقة فيما بينها من خلال وثائق ومواثيق شرف كان من أبرزها وثيقة الوفاق الوطني لعام 2006م، وميثاق الشرف بين الأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية أثناء العملية الانتخابية لعام 2005م.
يمتاز المجتمع الفلسطيني بتعدد الأحزاب والتنظيمات، وبتنوع مشاربها الفكرية والأيديولوجية. ونشأ هذا التعدد والتنوع وأخذ مكانته من انخراط الفصائل الفلسطينية في النضال الوطني، وفي إطار منظمة التحرير التي شكلت الكيان الجامع لكل تلك التنظيمات.
كما نشأت أحزاب وتنظيمات أخرى في أوقات لاحقة وخاصة ذات التوجه الإسلامي خارج إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وأصبح لها حضورها وقاعدتها وقوتها التي تتنافس التنظيمات الوطنية والعلمانية، وقد شكلت التنظيمات الوطنية والعلمانية أهم عناصر النظام السياسي الفلسطيني المتمثل في منظمة التحرير الفلسطينية، مع هيمنة حركة فتح وسيطرتها على قيادة المنظمة وعلى معظم مؤسساتها، وقامت العلاقة بين التنظيمات على أساس الوحدة والإجماع والتوافق، وتقسيم المراكز والمواقع على أساس المحاصصة. لكن الخلافات الفلسطينية التي كانت تنشأ عند كل تطور سياسي كبير، خلقت نوعًا من السلطة أو القيادة الرسمية للمنظمة، كما أوجدت معارضة لسياسات القيادة وتكتيكاتها وأسلوب عملها الذي كان يتجاوز برامج الاتفاق الوطني، دون الرجوع إلى مؤسسات منظمة التحرير، حسب المعارضة الفلسطينية.
لعبت التنظيمات السياسية الدور المحوري والرئيسي في النضال الوطني وفي التعبئة والتنظيم والتجنيد للفلسطينيين، ولكن بصورة منفصلة ومستقلة لكل على تنظيم على حده، ولسدّ الفراغ التشريعي فيما يتعلق بالأحزاب السياسية، عالج قانون الانتخابات رقم 13 لسنة 1995، وهو من أولى التشريعات الصادرة عن السلطة الوطنية الفلسطينية، قضية تسجيل الأحزاب، ليس لدى لجنة الانتخابات المركزية فحسب، وإنما أيضًا لدى وزارة الداخلية. فعلى الرغم من أن النظام الانتخابي الذي تبنّاه قانون الانتخابات هو نظام أغلبية مبني على أساس الترشيح الفردي، إلا أنه أتاح للأحزاب السياسية تسمية مرشحين لخوض الانتخابات تحت اسم وشعار الحزب.
ولتنظيم مشاركة الأحزاب في الانتخابات، نص القانون على مجموعة من الإجراءات لتنظيم مسألة تسجيل الأحزاب السياسية ومشاركتهم في الانتخابات. وخصّص الفصل الثالث من الباب الخامس لتسجيل الهيئات الحزبية (المواد 48-53 من القانون). وبناءً على الأحكام الواردة في القانون، أصدرت لجنة الانتخابات المركزية نظام تسجيل الهيئات الحزبية الذي يحدد أسس وشروط تسجيل هذه الهيئات.
تقوم الأحزاب الفلسطينية بدور أساسي في تشكيل الوعي السياسي وتنميته من خلال ما يقدمه الحزب أو الفصيل من معلومات وما يمارسه من تأثيرات على الآراء والقيم والاتجاهات السلوكية للجماهير, بمختلف الوسائل من مؤتمرات وندوات ومحاضرات لأكبر قطاع ممكن من الجماهير, وتلعب الأحزاب دورًا بارزًا في توعية الجماهير وتثقيفهم وتعزيز مفهوم الهوية والانتماء الوطني والمواطنة والمشاركة السياسية وغيرها من المفاهيم ذات الصلة بالديموقراطية.
كما أن الاتجاهات المختلفة للتنظيمات الفلسطينية ساهمت في إثراء المجتمع وتعزيز ثقافة الديمقراطية والمواطنة ضمن مفاهيم تحمي التعددية السياسية للمواطنين وتمنحهم الحق بالانتماء لأي فصيل ينسجم مع أفكاره ومصالحه, حيث إن غالبية أبناء الشعب مؤطرين في تنظيمات سياسية، كما أنها تسهل قبول الجماعات المتنافسة للنظام السياسي واعتباره عادلًا ومنصفًا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ