الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دانات من أقصي الشمال البريطاني - مقالات قصيرة.

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2019 / 11 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الدانة الأولي : هل فعلاً هناك نية/إرادة/رؤية لأن تصبح مصرُ دولة عصرية مدنية ، علاقة الدولة والدستور والقوانين والحقوق فيها مؤسسة فقط على "المواطنة" وعلى المساواة المطلقة بين كافة المواطنين فى الحقوق والواجبات ؟ لا أُعطي نفسي الحق فى فحص قلوب وعقول البشر بما فيهم قادة المجتمع. ولكنني أنظر للمشهد العام فأجد تناقضات إما أن تتفاقم أو تنحصر. أنظرُ للمشهد العام فأسمع مناداة متكررة بتحديث/تجديد الخطاب الديني. ولكن عدا "المناداة" فلا أري أي تطور إيجابي ، بل أري القوة الرجعية/الماضوية تتمترس (من متاريس) وتعلن بعنادٍ رفضها وتحديها لمطلب تحديث/تجديد الخطاب الديني. وبمحاذاة ذلك ، تبقي مناهج التعليم العام والأزهري بعيدة عن التنقيح وعن أن توضع فى خدمة قيم الإنسانية المعاصرة. ثم تجيء "كارثة الكوارث" وأعني دعاوى الحسبة ومقاضاة المفكرين و المثقفين كما حدث مع إسلام البحيري (وكلنا نعرف من كان وراء مقاضاته وحبسه) وكما يحدث الآن مع خالد منتصر. وأيضاً تغييب أصوات يتسم أصحابها بالفكر والثقافة أمثال إبراهيم عيسي وتفضيل "أراجوزات" عليه بمساحات إعلامية لا يستحقون 5٪ منها. صحيح أن هناك عمل دؤوب وممنهج ضد دولة 3 يوليو 2013 ، وما القنوات التى تبث من تركيا وما مسخ مثل محمد علي إلاَّ من مظاهرها. ولكن مواجهة هذا العمل الدؤوب والممنهج ضد "واقع-ما-بعد-دولة-الإخوان" لا يكون إلاّ بعناصر إعلامية و ثقافية ذات مستويات عالية وليس بإعلاميين بلا أي وزن فكّري ومصداقية معرفية وأخلاقية. إن ما يتم من إنجازات فى مجالات البنية التحتية والطرق والمدن والمساكن الحضارية لسكّان العشوائيات أيٍّ لما أطلقت عليه مراراً "هارد-وير-مصر" لا يُنكر. ولكنه لا يغني بأية حالٍ عن حتمية تحقيق إنجازات مماثلة فى كل مجالات "سوفت-وير-مِصْرَ" مثل إزاحة كل الشوائب التى تعتري مفهوم المواطنة ومثل تحديث الخطاب الديني بحيث يكون ظهيراً لدولة ومجتمع مِصْرَ العصريين والمدنيين ، ومثل إلغاء كل أشكال دعاوى الحسبة وحماية حق التعبير عن الآراء وإلغاء جريمة إزدراء الأديان التى وظفت ضد حرية الفكر والتعبير كما أنها لم تكن معنية إلاّ بحماية (غير ذات جدوى) لقسم فقط من المجتمع هو الأغلبية العددية الدينية. وكل هذه الخطوات لا تكتمل إلاّ بقيام الدولة بحماية كل المجموعات البشرية المصرية من أي و كل عدوان على الأرواح أو الممتلكات أو دور العبادة . وأنا أعلم يقيناً ان مواجهة جوانب الخلل فى "سوفت-وير-مِصْرَ" أصعبُ بكثيرٍ من مواجهة جوانب الخلل فى "هارد-وير-مِصْرَ". ولكن المؤكد أن صنع مستقبلٍ أفضل لمصر وللمصريين يستلزم المواجهتين. الدانة الثانية :
هل ملايين المهاجرين المسلمين الذين يعيشون فى أوروبا اليوم وهم فى حال تضاد كليّ مع قيم الغرب هم تجسيد حيّ ل "لعنة التاريخ" ؟ ... ولكنني إنسانٌ من المستحيل أن يُؤْمِن بمفهوم "اللعنة". إذاً هى (على الأرجح) محصلة سياسات خاطئة فى الماضي (منذ الماضي الإستعماري) وفى الحاضر. ولكن من الصعب عليّ أن أتوقع "مستقبلاً سلمياً" لعلاقةِ أعدادٍ كبيرةٍ من هؤلاء المهاجرين بالمجتمعات التى جاءوا لها وهم يعيشون وفق أنساقٍ قيميةٍ تجسد جذورهم البدائية (البدوية القروسطية). فهذه متجه صوب واحدٍ من ثلاث مآلات : (1) فوضي وعنف وعدم إستقرار مجتمعي (2) مواجهة أمنية صارمة من دول تلك المجتمعات (3) صدام دامي بين هؤلاء المهاجرين وقوى اليمين الأوروبي المتصاعدة وهو صدام ستقوم فيها هذه القوى اليمينية الأوروبية بتكسير عظام هؤلاء المهاجرين الذين يتحدثون الآن عن تطبيق الشريعة فى أوروبا ، وعن العديد من الترهات المماثلة. الدانة الثالثة : لا أظنُ أنني سأتوقف عن تكرار مقولتين ، هما : (1) بين المصريين الذين ولدوا ما بين 1910 و 1960 ، يندر وجود مثقفين موسوعيين ومثقفين كبارِ خارج دوائر الماركسيين واليساريين. (2) أن المجتمعاتِ الغربية وإن كانت قد "قاومت" الفكر الماركسي واليساري ، فإن إستفادتها من هذا الفكر كانت كبيرة جداً إذ تأصلت أفكار العدالة الإجتماعية بهذه المجتمعات لإبعاد إحتمالات الثورات. تذكرتُ هذه الأفكار وأنا أُطالع الكتاب الرائع "عن الإشتراكية : مسودات لن تكتمل" لصديقي نجم الطب (هنا فى بريطانيا) والثقافة الرصينة دكتور حازم الرفاعي. وهو كتاب يشهد لمؤلفه بثراء محصوله المعرفي الشديد وقوة منطقه مع "رومانسية ماركسية" قد تبدو للبعض (وأنا لستُ من هؤلاء) خيالية ، والحقيقة أن بدونها لن تتمكن الإنسانية من حماية نفسها من أنياب وفظاظة وتوحش الرأسمالية التى لم يحجمها إلاَّ الفكر اليساري من خلال حرب سياسية وثقافية شهدها العالم منذ صدور البيان الشيوعي (بقلم كارل ماركس و فريدريتش إنجلز) منذ 170 سنة. حرب أسفرت عن قدر من العدالة الإجتماعية وتوسع الطبقة الوسطي بشكل ما كان له أن يحدث فى المجتمعات الغربية لولا الضغوط الهائلة التى بدأت على يدي ماركس وإنجلز وتواصلت عبر العديد من الأشكال والأحزاب والتيارات والأفكار التى حققت للطبقات من "الوسطي-الوسطى" وما تحتها ما كان من المستحيل حدوثه لولا "الفكر اليساري". وبدون مجاملة للمؤلف الذى أُكنُ له كل التقدير ثقافياً و معرفياً فإنني أتوقُ لأن يُطالع أكبر عددٍ من شبابِ مِصْرَ كتابه الثري هذا ، وفى مقدمة هؤلاء أؤلئك الذين يتصدون لحرب مجتمعنا وزماننا الفارقة مع قوى التخلف الثيوقراطي ، والذين (للأسف) يندر وجود مثقفين موسوعيين بينهم ، وهو ما يجعل حربهم مع الثيوقراطيين تبدو ك "وصلة ردحٍ" فى الأزقة أكثر من كونها حرباً فكرية وثقافية ومجتمعية مصيرية - الدانة الرابعة :
منذ 101 (أي فى يوم 13 نوڤمبر 1918) وبعد 48 ساعةٍ فقط من نهايةِ الحربِ العالميةِ (الأولي) ذهب (بطلبٍ من نخبة من أكبر شخصيات مصرَ) "وفدٌ" من ثلاث شخصياتٍ مرموقةٍ لمقابلةِ المندوب السامي البريطاني Reginald Wingate لمطالبته بإستقلالِ مِصْرَ.وكان هؤلاء الثلاثة هم : سعد باشا زغلول و عليّ باشا شعراوي و عبدالعزيز بك فهمي. بعد اللقاء ، تأزمت الأمور بين "المصريين" و "بريطانيا" تأزماً أخذ فى التصاعد لذروته يوم 1919/3/9 بعد 24 ساعة من إلقاء القوات البريطانية القبض على الرجل المسن (سعد زغلول)الذى تحوَّل بعد أن تجاوز الستين "لأسطورة وطنية" ونفيه لخارج البلاد. ولكون 1918/11/13 هو بداية هذا الحراك الوطني العارم ، فقد صار يوم 13 نوڤمبر عيداً وطنياً (بإسم "عيد الجهاد") وطيلة عدة عقود. الدانة الخامسة :
إذا أراد أي إنسانٍ أن يتيقن من أن كل بضاعة القاعدة وداعش والنصرة وبوكو حرام وكل الجماعات من الوهابيين للسلفيين ليست من صناعة الصهاينة والصليبيين وأعداء الإسلام وإنما هو من "صلب التراث" - فكل ما عليه أن يُطالع كتاباً كارثياً كهذا الكتاب الذى كان حتى وقتٍ قريبٍ من المراجع الرئيسة لطلاب الأزهر وأن يبحث عن عدد الحالات التى قال "شيخ الإسلام" إبن تيمية عن مقترفها "يستتاب ثم يُقتل" وهى عند المفكر الإنساني السمح إبن تيمية أكثر من مائة حالة !!!! ومن عجائب غرائب الحياة أن أقرأ هذا الكتاب المخضب بالدماء هنا فى لندن !!!! عن كتاب "الإقناع فى حل ألفاظ أبي شجاع" الذى عوّل الأزهر عليه فى مصر لعقود كأحد أهم مواده العلمية !!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م