الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعلام الفلسفة السياسية المعاصره جون رولز (2) نظرية فى العدل بقلم صمويل كورفيتر

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2019 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


تحدثنا فى الجزء الاول من المقال عن ان رولز يرمى الى بناء نظرية تتفق نتائجها مع معتقداتنا العامة بما هو عدل وما هو غير عدل ، وان يجعل هذه النظرية تقف اذاء ما يقول به مذهب المنفعة العامة وان يرتب عليه فى الوقت ذاته نتائج عملية تصلح ان تكون اطارا لحياتنا الاجتماعية وموجهة لسياستنا الاقتصادية

رولز يقول ان لكل انسان اهدافا وان هذه الاهداف تحقيقها يتوقف على ما اطلق عليه الخيرات الاوليه وان اشباع الحاجات الانسانيه يعتمد على انخراط الانسان فى النشاط الاجتماعى مع اخريين

وهناك مبادىء هامة لاعمال نظرية العدل ، الاول المساواة التامة فى توزيع سائر السلع والخدمات والمزايا بكل انواعها

المبدأ الثانى اذا كان هناك تميز أ فيجب ان تكون نافعة الى اقصى حد لذوى الامتيازات الدنيا بناء عليه سوف يكون هناك مبدأين اساسين الاول يتعلق بالحرية باعتبارها اسمى الخيرات فهى وسيلتنا لتحقيق اهدافنا ايا كانت هذه الاهداف ، ليكون المبدأ كالتالى

اولا لكل شخص حق متكافىء فى ذلك النسق الشامل من الحريات الاساسية المتكافئة وعلى نحو يتسق مع نسق مماثل من الحرية للجميع
الثانى هو المتعلق بتوزيع الخيرات الاولية الاخرى وهذا امر طبيعى تفرضه ندرة هذه الخيرات فالعالم لا يتيح للبشر ما يكفى لاشباع حاجة كل انسان
ان المبرر الوحيد لتقييد الحرية فيما يؤكد رولز هو الحرية ذاتها بحيث لايجوز تقييد حرية شخص الا اذا كان هذا يضمن تحقيق نسق اشمل من الحرية للجميع

ان الاولوية المطلقة التى يقررها رولز للمبدأ الاول وهو الحرية انها تتضمن نوع من الخيرات هو تقدير الانسان لذاته

المبدأن السالفان هما جوهر نظرية رولز فى العدل وهو لا يطرحهما باعتبارهما حقائق ثابته لاتقبل النقاش ولكن باعتبارها مقبولة من حواسنا الفطرية فى مجال العدل

وينأى رولز فى مجال نظريته عن المنطق العقلى الخالص عند كانط
تجىء الخطوة الثانية عند رولز وهى كيفية اقامة التنظيم الاجتماعى فى ضوء المبادىء السالفة

وهنا يتم الحديث فى وضوح وصراحة لصياغة دستور يراعى الظروف الطبيعية والموارد المتاحة ومستوى التقدم التكنولوجى والاقتصادى وطبيعة الثقافة السياسية

ثم نبدا فى المرحلة الثانية وهى صياغة القوانين مقيدين بالدستور ومبدأ العدل

وفى كل الاحوال فان التشريعات التى يتم سنها سوف تستهدف تحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية على نحو يصل الى ذوى الامتياز الادنى وهو هنا يؤمن بالمساوة ولكنه لايسااوم لحساب الرفاهيةى العامة كما يفعل انصار مذهب المنفعة العامة ، ولكنه يساوم لحساب ذوى الامتياز الادنى

وهنا يمكننا ان نعتبر رولز واحدا من انصار اعادة التوزيع ، فهو لايؤمن بان وظيفة الحكومة تنحصر فى حفظ النظام الاجتماعى بل انها تتعدى ذلك الى تحقيق العدل التوزيعى على نحو يراعى مصلحة الشرائح الاكثر فقرا والاشد احتياجا فى المجتمع

ان رولز يدرك تماما ان هناك من الفروق والتباينات فى المزايا الفردية ، ما لايمكن تقليله طالما ان الطبيعة لا تمنح كل انسان نفس المزايا الجسدية والعقلية التى تمنح لسواه
ورغم انه لايمكن الغاء هذه الفروق الا انه يمكن تحجيم الاثار المترتبة عليها بحيث يمكن للاتعس حظا ممن لم تمنحهم الطبيعة قدرا اكبر من المواهب والقدرات ان يستفيدوا من انجازات الموهوبين والمتفوقين

ولا شك ان هذه النظرة غريبة على المجتمعات المؤمنة بالاقتصاد الحر والقائمة على السماح للافراد بحرية اقامة المشروعات ، بل وغريبة ايضا على المجتمعات الشيوعية والاشتراكية التى تلغى استغلال الفرد الفرد لحساب الفرد ورفاهية المجتمع

ان الهدف الاول للنظام الاجتماعى لدى رولز هو تحقيق العدل ، وهو ما لاتكفله التشريعات القائمة على مذهب المنفعة العامة

ويسجل هنا رولز لنظريته ميزتين وهو ان نظريته تعكس حواسنا الفطرية
بما هو عدل ، وهى بهذا تتفوق من الناحية الاخلاقية على نظرية المنفعة

الثانى ان نظريته تطرح معيارا يسيرا للمقارنة بين النظم والمؤسسات المختلفة على سبيل المثال

اذا افترضنا ان نقوم بالمفاضلة بين سياستين أ و ب وان السياسة أ يترتب عليها قدر من المنفعة لعدد من الافراد اكثر من اولئك الذين يستفيدون من السياسة ب ومع هذا فان مقدار المنفعة التى يحصل عليها الفرد الواحد من المستفيدين بالسياسة ب اكبر بكثير من مقدار المنفعة التى يحصل عليها كل فرد من المستفيدين بالسياسة أ وهكذا ففى حين تشمل السياسة أ بمنفعتها عددا اكبر من الناس فان السياسة ب تحقق اكبر قدر من المنفعة لكل واحد من المستفيدين بها وهكذا يتعارض معيار العدد الاكبر مع معيار القدر الاكبر رغم ان مذهب المنفعة العامة يقضى بضرورة الجمع بين هذين المعياريين
اما بالنسبة لنظرية لرولز فكل ما نحتاج اليه فى هذه الحالة ان ننظر الى اثار كل من السياستين أ وب وما يمكن ان يتحقق نتيجة لكل سياسة بالنسبة لذوى الامتياز الاول وعلى ضوء هذا وحده يمكن ان نفاضل بينهما

ولكن نظرية رولز لم تفلت من الانتقادات والتى تمثلت فى ثلاث مستويات
الاول يتحدث عن عدم الادراك لكافة العوامل التى تحدد نظرية رولز
الثانى الطريقة التى يتم بها وضع العناصر الرئيسية للنظرية
والاخير ان الكثيريين من البشر لايشعرون فى قرارة انفسهم ان العمل لمصلحة الادنى نوع من العدل وان عكس ذلك نوع من الظلم

والواقع ان رولز يعى تماما اهمية هذه الاوجه من الاعتراض والنقد بل ان مؤلفه ( نظرية فى العدل ) ماهو فى حقيقة امره الا محاولة للرد على جانب كبير من الاعتراضات التى اثيرت عقب نشره عام 1958 لمقاله الشهير ، العدل باعتباره تجردا من العسف
هذا المقال الذى يعد البداية الاولى لهذه النظرية والتى قام بتطويرها بعد ذلك عبر عدد من المقالالات والدراسات الى ان اصدر عام 1972 مؤلفه الضخم نظرية فى العد
ل
ولئن كان هذا المؤلف ما يزال يثير ما يثيره من اوجه النقد والاعتراض كما رأينا
وايا ما كان نصيب هذه الاعتراضات من الصواب فانه يبقى لرولز انه قد طرح لاول مرة منهجا جديدا وجريئا فى تناول المشكلات الاخلاقية والسياسية

ويبقى له رغم كل شيىء ان مؤلفه هذا هو واحد من الابداعات الخلاقة على مدى تاريخ الفلسفة الاخلاقية السياسيىة باسرها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة