الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تنجح ثورة المحرومين في تحقيق مطالبها

دهام محمد العزاوي

2019 / 11 / 16
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


في تحليل اسباب الثورة ومصادر قوتها وسر نجاحها وفشلها يبقى هنالك سر مفقود لايمكن ادراكه بسهولة ففي احيان كثيرة يكون مقدار التلاحم بين قادة الثورة وجماهيرها عاملا حاسما في نجاحها وفي ثورات اخرى يلعب مستوى التخطيط والتنظيم دورا في وصول الثورة لنهاياتها المرجوة ،في حين يكون الدعم الخارجي لدول اقليمية او دولية سببا في الانتصار ولاسيما في واقعنا المعاصر حيث التداخل الواضح بين المصالح الدولية والمصالح المحلية ولكن بعيدا عن خصوصيات الثورات المختلفة هنا وهناك قديما وحديثا في تاريخ هذا الشعب او ذاك ، يبقى فقدان الحرية وغياب الامل بغد مشرق وانتشار الظلم والفساد والمحسوبية من اهم العوامل المشتركة والدافعة لجميع الثورات والحركات التحررية منذ تشكل الدولة الحديثة في القرن السادس عشر وليومنا هذا وقديما قالو قطع الاعناق ولاقطع الارزاق في اشارة الى ان التضييق على الشعوب في مصادر ارزاقها ومعيشتها من اهم اسباب الخروج على الحاكم الظالم ويحضرني في هذا المقام قول مأثور حفظته للفارس والشاعر والمؤرخ الكبير اسامة بن منقذ والذي كان احد اشهر قادة الامير صلاح الدين الايوبي وشارك معه في حروبه الجهادية ضد الصليبيين اذ يقول في كتابه لباب الاداب : اربعة لايزول معها ملك حفظ الدين واستكفاء الامين وتقديم الحسم وامضاء العزم .
واربعة يزول معها الملك :غش الوزير وسوء التدبير وخبث النية وظلم الرعية .
في جعبتنا الكثير ممانقوله للتعليق على هذه الاقوال الرائعة واسقاطها على واقعنا المعاصر حيث ثورة شباب العراق السلمية التي بدأت في مطلع اكتوبر لاسقاط العملية السياسية الفاسدة التي جاء بها الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 ، وماتمخض عنها من انهيار المنظومة السياسية والامنية والاقتصادية للعراق بل والمنظومة القيمية والاخلاقية التي جلبت المرتزقة والسراق وشذاذ الافاق ليتحكموا بالعراق وبثروته ومستقبل ابناءه . ومهما قيل في وصف ثورة اكتوبر الشبابية ومستوى انضباطها ووطنية المنضوين اليها واندفاعهم العالي للضغط على الحكومة لتنفيذ مطالبهم فان تحليل اسباب هذا الحراك الشعبي انما تقف وراءه عوامل الظلم والاضطهاد الذي عاناه شباب العراق بسبب انقطاع ارزاقهم وشحة مصادر عيشهم وانتشار المحسوبية والرشوة والواسطة في التعيين والفساد وسرقة المال العام الذي انتشر واصبح ثقافة رائجة واختيار المزورين وغير المؤهلين والمتسلقين للمناصب الحساسة والمهمة فضلا عن التباهي بالولاء للدول الاخرى وفسح المجال لها للتحكم في مصير الشعب العراقي ومستقبل ابناءه كل ذلك وغيرها كانت اسباب الثورة التي لازال يصر شبابها على مطالبهم في ازالة النظام السياسي الذي جاء بعد 2003 ، برمته سواء لالغاء الدستور او الغاء قانون الانتخابات وقانون مجالس المحافظات او الغاء البرلمان وتحويل العراق الى النظام المختلط او الرئاسي ومحاسبة السياسيين الفاسدين واسترجاع الاموال التي سرقوها . لازال شباب الثورة مصرين على مطالبهم رغم عنف السلطة واساليبها القمعية ورغم اصرار حكومة عادل عبد المهدي على عدم الاستقالة ورغم تخبط الحكومة والبرلمان وفقدان السياسيين لبوصلة الفعل السياسي البناء ولكن الثورة تكتسب يوما بعد اخر الشرعية الشعبية بانضمام المزيد من الشباب المتحمس بمختلف فئاته وانتماءاته واتساع التظاهرات والاحتجاجات الى مناطق ومحافظات الجنوب التي ظن الكثير من السياسيين والاحزاب انها وبحكم جرعات الطائفية التي زرعت بها محصنة من اي تغيير ولكن دون ان يدرك هؤلاء ان عقارب الساعة لن تعود الى الوراء وان اجيال العالم الافتراضي تعيش لحظة النشوة والوطنية التي صنعتها ظروف القهر والاستبداد وظلم الطبقة السياسية الفاسدة والمنفلتة من اي جرعات وطنية . اليوم ثورة الحقوق كما اسماها الشباب الثوريون ترفع شعار نريد وطن وهي ثورة عبرت بصدق عن تلاحم وطني كبير بين العراقيين تمثل في المساعدات العينية المالية والغذائية التي قدمتها العوائل العراقية للثوار وفي دعوات الامهات وصلوات الاباء وانين الارامل وزفرات الايتام والمشردين .ثورة تحمل بذور نجاحها بنفسها تلك البذور التي سقاها احتقان الشباب ويأسهم من وعود السياسيين بالاصلاح واصرارهم على المضي بالعراق من فشل الى فشل والتمثيل على الشعب المسكين باصلاحات وهمية ترقيعية لاتمت لواقع العراقيين المؤلم بشيء. ان اتساع حجم التاييد الوطني من فئات مجتمعية كالطلاب والمحامين والمعلمين والعمال والفلاحين وتصاعد الدعم المادي المقدم من شرائح العراقيين المختلفة للمتظاهرين السلميين ومستوى التنظيم والانضباط العالي للتظاهرات واندفاع الشباب للتضحية بانفسهم رغم بطش السلطة واستخدامها المفرط للاسلحة والغازات المحرمة دوليا فضلا عن بدء انتباه المجتمع الدولي لحجم التضحيات التي يقدمها شباب العراق واتساع الانتقادات لسلوك الحكومة العنيف مع المتظاهرين السلميين سيشكل ابرز عوامل نجاح الثورة وديمومتها حتى تحقيق اهدافها وكلما مرت الايام فان رصيد الثوار سيزيد ورصيد الحكومة وانصارها سيضعف لحين قدوم لحظة النصر التي سيقربها اصرار شباب العراق على تحقيق مطالبهم مهما كان حجم ونوعية التضحيات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال