الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في سيرة الكاتب جميل السلحوت

نزهة الرملاوي

2019 / 11 / 21
الادب والفن


(من بين الصّخور-مرحلة عشتها) للأديب المقدسي جميل السلحوت، صدر قبل أسبوعين عن مكتبة كل شيء في حيفا ويقع في 260 صفحة من الحجم المتوسط.
من أرقّ الآداب التي تكتب وأصدقها، أدب السّير وخاصة السّير الذّاتية.. فما هي إلا تدوين لمواقف صريحة وصحيحة، حدثت في أزمنة وأمكنة حقيقية غير متخيّلة في حياة من كتبوها، قد يلجأ الكتّاب والعلماء والمشاهير، لكتابة سيرهم ومجالات إبداعاتهم وفنونهم، وينتهزون تدوين الفرص التي حملتهم نحو المجد وعالم الشهرة، والدّرجة العليا التي وصلوا إليها، ووقفوا عليها محقّقين نجاحاتهم الباهرة غير العادية؛ كي تقدّم إلى العامّة، تاركين لهم علامات نجاحهم؛ ليتعرفوا عليها، وما نتج من إبداعات أو اختراعات أو نتائج بحثيّة توصلوا إليها، وليبيّنوا للقارئ المصاعب والاخفاقات التي واجهتهم أثناء رحلة تجاربهم الطويلة، والتي توّجت في نهاية الأمر وتميّزت.
بعض كتاب السيرة تحدّى وقاوم كلّ أشكال التّسلط والقهر والتّهميش والفقر والإعاقة، فكتب وأرشد المتلقين للإفادة منها بشكل مباشر أو غير مباشر، والبعض قرأ التعطّش في عيون المتلقين لمعرفة خبراتهم وتجاربهم، فزوّدوهم بمفاتيح البدء، فوجدوا بسيرهم أملا ومستقبلا واعدا.
ربما يصبح الكاتب القدوة المهيمنة على فكر القارئ وروحه، وكلّما كانت طرق النّجاح أكثر وعورة وصعوبة ومواجهة وتحدّ وتعلم، كانت كتابة السيرة أنفع.. ولها أثر أجدى، لأنها ستضاعف المهتمّين بها، وتعقد الجلسات لأجلها، فينهل من سبلها المثقفون والعامة، ويزدادون إيمانا بها وبصاحبها وبكاتبها، لذا من المهمّ أن يتسّم أسلوب كتابة السّيرة بالسلاسة والوضوح واختيار أهم محطات الحياة للوقوف عندها، وأهم الانعطافات في حياة الكاتب التي شكلت الكتاب، وكانت مسيرة للنجاح والتفوق يتحذى بها... فمن بين الصخور تخرج الينابيع، تسري في أرض جرداء، فتحوّلها إلى ربيع، بعد أن كانت هشيما تذروها الرّياح.. ومن بين الصّخور، تخرج نبتة تتحدّى.. تقاوم.. تتجذّر في الأرض، فتصبح شجرة تطاول السّماء..وبعض السير كتبت متاعا للغرور، وإهدارا للمال والوقت، في تذوقها مرارة، وفي قراءتها خسارة، طغى فيها الطالح على الصالح من الفوائد.
من بين الصخور كتاب سيرة ذاتية للكاتب جميل السلحوت، فتح لها شغاف قلبه، وآفاق ذكرياته، عرّج نحو آماله وأفراحه وأحزانه، سلّط الأضواء على الأحداث ليكتب عن سيرته حياة، تحدّث عن القدس وعن حزنه لما جرى لها، وتأثير الحرب عليه وعلى المدينة المغتصبة بعد احتلالها، شدّته الأماكن في معظم جولاته وزياراته فكتب عنها، عن القرية والسجن والمدينة والبلاد التي زارها، أمريكا والجزائر وغيرها.
كعادة الكاتب، يُخرج من بين الأحداث الزمانية والمكانية، كمّا هائلا من المعرفة والتفاصيل، ليزيد القارئ علما وثقافة.
من الملاحظ أنّ الكاتب غيّب نفسه في بعض الأحيان، وذلك ليبقي على أهمية الحدث، فمثلا حينما سجن لم يكتب سبب سجنه، وعندما سافر مع بعض المثقفين إلى الجزائر ، آثر التكلم عنهم وعن المكان ولم يكتب عن دوره في تلك الزيارة.
أرّخ الكاتب في سيرته للحياة السّياسية والحزبية، وفصّل الحياة الاجتماعية والثقافية، بل كانت نقطة انطلاق اتكأ عليها في كتابة سيرته.. آمن بدور العلم والثقافة في حياة الفرد، ساخطا على ما أنتجته السياسة من تآمر وحرب واحتلال وتخاذل.. ومتألما من بعض العادات وتأثيرها غير المفيد على المجتمع، إضافة إلى تطرقه للحديث عن تجربته في التعليم. وقد أتى أيضا على ذكر الشّخصيات التي صادفها أو عاش معها فأثّرت على حياته ومسيرته العملية والأدبية والعلمية، فازداد خبرة وتجربة.. تطرق إليها في سيرته، فخرجت من بين الصّخر حياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري