الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في المظاهرات -الحلقة الرابعة- مرحلة ما قبل الجحيم

حسين النور

2019 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



من خلال النظر في خطبة المتحدث باسم المرجعية في النجف عبدالمهدي الكربلائي وهو يلخص الاتجاه الواضح هذه المرة لحوزة السيستاني ومكتبه السياسي متمثلاً بمحمد رضا السيستاني، وهو موقف أو اتجاه داعم للحكومة مع تهديد واضح للمتظاهرين بأنكم ستدخلون في مرحلة الجحيم! مع تخويف الشيعة بأن مآل هذا الحراك السياسي هو خروج الحكم عن الشيعة إلى آخرين، وبالطبع أن (الآخرين) المقصود بهم السنة!

المتأمل بخطاب المرجعية يرى بأنها في موقف حرج لا تحسد عليه فهي لا تريد خسارة النفوذ الإيراني في العراق أو خسارة أموالها وامتيازاتها (براس الزواج) من الشعب العراقي، ولا تريد فقدان الزعامة السياسية للبلد بما هو أقبح من ولاية الفقيه، لأنها درجة أعلى من النفاق السياسي!
خطاب المرجعية اتسم في مراحله الأولى بالحفاظ على الضبط والهدوء وامساك العصا من الوسط (إضفاء الشرعية على النظام الذين هم جزء منه مع تأييد أحقية الجماهير الشيعية الغاضبة كواقع مفروض عليها)، ثم الغموض والتعبير العائم والنأي عن الألفاظ المحددة والرسائل الصلبة الواضحة بما يشبه (تخدير الشعوب)، ثم إعطاء الضوء الأخضر لاستخدام القوة والإصرار على وجود اعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة وهي في حقيقتها مقرات للمليشيات أو الأحزاب أو بعض الفاسدين من السياسيين وشيوخ العار.
أما خطابها الأخير (جمعة ١١/٢٢) فهي تخويف للجمهور الشيعي في المحافظات الوسطى والجنوبية بأن مآلات هذه الثورة كما اسلفنا ستؤدي إلى تهميش الشيعة الأغلبية واستلام البعثيين أو السنة للحكم ولا أدري بناء على أية معطيات سياسية بنت حوزة محمد رضا ادعاءها عليه!!
أن الإرهاب الفكري والديني الذي تمارسه الشرطة الدينية عفواً المرجعية الدينية في النجف ضد عموم الشيعة مستغلة طيبة وسذاجة الناس في الفرات الأوسط والجنوب وتعلقها بفكرة (التقليد)، وثقتها بالسيد على الإيراني السيستاني، هو ما يراهن عليه قاسم سليماني، لأن هذه الورقة قد تكون مؤثرة وفاعلة في ثني الجماهير المنتفضة وكسر عزيمتها وبث الخوف فيها ولكنها في الحقيقة محاولة يائسة من إيران ومن الحكومة ومن المرجعية على حد سواء.
الشباب الشيعي بدأ يفهم ويقرأ ويعرف معنى الحرية، وعلى الحوزة أن تدرك التطورات العقدية والمفاهيمية السريعة التي تعصف بالبنية الفكرية والمزاج العام للمجتمعات ومنها المجتمع الشيعي المغلق في جنوب العراق.
الناس هنا ينظرون إلى ١٦ عاماً من البؤس والشقاء وضياع الهوية وتغلغل إيران والموساد في مفاصل الدولة، ونهب الطبقة السياسية والدينية لأموال البلد بما يقدر بأكثر من ٥٠٠ مليار دولار.
الناس هنا ينظرون إلى واقع خدمي (صحي وتعليمي) منهار وعاجز عن تقديم الرعاية والاهتمام والتنوير.
الناس هنا ينظرون إلى طبقة سياسية مجرمة وساقطة بكل المعايير الأخلاقية امتهنت كرامة العراق وذلت المواطن وداست عليه بالبسطال وحرمته حق العيش الكريم.
خطاب المرجعية يقرؤه البعض أنه انفصال عن الواقع ويراه آخرون أنه في صلب الحدث ولكنه مراوغ ميّال لجانب الذيول!
مشكلة الشيعة في العراق أنهم ما زالوا يعتقدون بأن المرجعية قد تكون جزءاً من الحل مع أنها هي أس المشكلة ولبها.
ان هذا الشعور بإمكانية المرجعية القابعة في النجف - على جهلها السياسي لغياب الاختصاص- لتقديم حلول سحرية وردية للعراقيين وهمٌ سوّق له الإعلام الأمريكي، من أيام بريمر وهو يتحدث عن ٨٠ رسالة سرية بينه وبين السيستاني لرسم الخارطة السياسية للبلد، مروراً بتوجيه الشخصيات والبعثات الرسمية الدولية للذهاب إلى النجف وانتهاء بالسماح للطبقة الدينية للتحكم بمسارات الدولة، وهذه (مهزلة حقيقية) روّج لها الأمريكان وما زالوا لغايات سياسية معقدة لعلنا نسلط الضوء عليها في مقال منفصل.
على الشباب أن يتركوا هذه المرة المرجعية لوحدها تغرد خارج سرب الوطن!
نعم.. اللجنة المنظمة للمظاهرات قدمت انتقادات لبيانات المرجعية وهذا نوع من الوعي السياسي يجعلنا لا نفقد الأمل بهؤلاء الشباب.
على الإنسان الشيعي أن يقلد العمائم في الأحكام الشعائرية التعبدية ولا يقلدها في التبعية لإيران أو في دعمها للفاسدين.
على الشيعي أن يمنح ثقته لمراجعه كما يشاء في هلال رمضان وتحديد المواقيت الشرعية ولا يقلدها في رسم المستقبل السياسي والاقتصادي للعراق وقد فشلت في ذلك وما زالت تفشل من خلال وجود ممثليها في البرلمان والأحزاب وكل مفاصل الدولة.
سيأتي على المعممين زمان في العراق يختفي الواحد منهم بين الناس حياء وخجلاً للجرائر والجرائم الكبرى التي ارتكبها جماعة العهر السياسي تحت غطاء المرجعية.
لماذا قبل الإسلام السياسي بالصفقة الأمريكية باستلام الحكم في أوضاع أمنية شاذة بعد أربعين عاماً من الاستبداد؟ هذا سيؤدي إلى فشلهم وسقوطهم السريع وهذا ما حصل في العراق، وحصل في أفغانستان والشيشان والسودان ومصر وتونس وحتى تجربة داعش في العراق والشام يمكن أن تندرج ضمن السياق.

نحن لسنا ضد الحكم الإسلامي وأن القرآن وحي إلهي يقود الحياة. ولكن لا بد من تحقق أمرين مهمين:
الأول: قبول المجتمع بعقد سياسي واجتماعي عام وأن لا يفرض النظام الديني بالقوة.
الثاني: أن يكون ضمن ظروف طبيعية حرة.
مالم يتحقق هذان الأمران فإن التجربة ستمنى بالفشل الذريع.
فشل الإسلاميين المستمر سيغذي أفكار الإلحاد في نفوس الشباب، وسيجعل فئاماً من الناس يكرهون في وجدانهم (النظام السياسي القائم على الدين) وسيمهد الطريق لعودة العلمانيين والليبراليين بقوة هذه المرة.
ومع هذه المآلات الواقعية على الإسلاميين الابتعاد عن الصراعات التي تتنافس على السلطة وان تشتغل بأعمال التبليغ وبناء المجتمعات روحياَ.


وكالة انتفاضة الخامس والعشرين من تشرين الأول
"من هنا بدأت الحرية"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقترح الهدنة.. إسرائيل تمهل حماس حتى مساء الأربعاء للرد


.. إسرائيل تهدد بمحاربة حزب الله في كل لبنان




.. جون كيربي: ننتظر رد حماس على مقترح الاتفاق وينبغي أن يكون نع


.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار




.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ