الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة و التطور المعرفي و التكنولوجي

كامل الشطري

2006 / 5 / 25
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الانسان و الطبيعة شيئان متلازمان لايمكن فصلهما عن بعضهما البعض،والمعرفة بالمفهوم الواسع هي مجموعة المفاهيم والقيم و العادات والتقاليد المكتسبة المادية و الروحية التي يستطيع الانسان من خلالها التأثير على الطبيعة و المجتمع الذي يعيش فيهِ و يتأثر بهِ و يتفاعل و يتأقلم معهُ و هذا كله ينعكس على تصرفاتهِ و اسلوب معيشتهِ و مجمل حياتهِ اليومية ويتطور بتطورهِ ، ولايستطيع الانسان الحصول على وسائل عيشهِ و مقاومة ظروف بيئتهُ الطبيعة وكوارثها دون هذه المعرفة التي هو دائمآ بحاجة اليها ويسعى الى تطويرها و يحدثنا التاريخ القديم كيف واجة الانسان الطبيعة بمعارفهِ البدائية المكتسبة من واقعهِ وحياتهِ اليومية وكيف تغلب عليها وقد تطورت هذة المعارف بمرورالزمن إرتباطآ بالمراحل التاريخية التي مرت بها المجتمعات الانسانية منذُ العصور الغابرة و الى يومنا هذا من اجل توفير حاجياتيهِ المادية ووسائل وجودهِ وقدرتهِ على الاستمرار ِوترويض الطبيعة و اخضاعها لارادته و كيف طوّرَ قدراتهِ الذاتية لاثبات قيمته الحقيقية كاثمن رأسمال في الوجود.

والعولمة محطة متقدمة و مرحلة من مراحل تطور الرأسمالية وهي اداة و وسيلة لتنفيذ اهداف وجودها و تمثل قدرة الرأسمالية على التجديد و مواكبة المتغيرات التي تحدث في عالمنا المعاصر و اثبات قوتها على إنها قادرة على تطويع الطبيعة والمجتمعات والدول لأرادتها و انها القوة الوحيدة التي تستطيع السير قدمآ نحو التطور العلمي و التكنولوجي و الرفاه الاجتماعي.

ان الحديث عن العولمة بتفاصيلها والخوض في جزئياتها أمرُ في غاية الصعوبة ، فالعولمة بالمفهوم الواسع رفع الحدود وهدم الحواجز بين المجتمعات و الدول المختلفة لدوافع اقتصادية وسياسية بصفة رئيسية نتيجة للتطور الهائل في مجال التكتولوجيا والاتصالات والمواصلات فتحول العالم الى كيان واحد اوقرية واحدة سهلت التقارب والتداخل بين مختلف الشعوب ولكن هذا الكيان الواحد هو كيان غير متجانس اقتصاديآ وسياسيآ وإجتماعيآ و ثقافيآ و دينيآ و حضاريآ علاوة على ذلك الفوارق الكبيرة بين العالم الغربي المتحضر والمتطور والذي وصل بفضل الاكتشافات العلمية و الاختراعات التكنولوجية والتطبيقات المعرفية في الرياضات و الفيزياء و الكيمياء والاقتصاد و العلوم الاجتماعية الى مراحل متقدمة من سلّم التطور البشري, بالمقابل العالم الثالث الذي تخلف كثيرآ عن ركب المعرفة و التكنلوجيا الحديثة والذي بقى اسير أوضاعهُِ الداخلية المعقدة يصارع الفقر و الجهل و الامراض المستعصية التي اخذت الكثير من طاقاتهِ البشرية وثرواتهِ المادية والطبيعية و اصبح اسير حاجاتهِ اليومية وهمومهِ المحلية .

ان إدعاءات ألانظمة الرأسمالية بأنها رافعة راية الحرية و التحرر و المدافع الحقيقي عن حقوق الانسان وكثير من المفاهيم المدنية العصرية ورفع الشعارات الدعائية البراقة ، هذا لايغير من طابعها الاستغلالي وإن الحقيقة التي لاغبار عليها و لالبس فيها هي إن المساعدات المالية و الاقتصادية و العلمية التي تقدمها الدول الغنية الى الدول الفقيرة و كذلك برامج المنح المالية والقيام ببعض المشاريع الاستثمارية المحدودة فأنها أولا ( اي الدول الغنية ) تاخذ اكثر مما تعطي لنهجها الربحي وطبيعة سلوكها الرأسمالي الاستغلالي و ثانيآ ان مساعداتها مشروطة باخضاع تلك الدول لارادتها و رغباتها و السير في فلكها و لدينا امثلة كثيرة ، مثل كوبا وكوريا الشمالية و ايران و الحكومة الفلسطينية والتي هي حكومة منتخبة من اغلبية الشعب الفلسطيني و تقاوم الاحتلال الاسرائيلي من اجل الاستقلال و على الرغم من اختلاف هذهِ الدول فيما بينها في نهجها الايديولوجي و الاقتصادي والسياسي لكنها تعتبر دول متمردة من وجهة نظر الولايات المتحدة الامريكية على الارادة الغربية وخصوصآ الولايات المتحدة الامريكية و تسير خارج فلك النظام الرأسمالي و بالتالي لابد من معاقبتها سياسيآ واقتصاديأ وعسكريآ وفرض الحصار عليها و تجويعها حتى تركع و تعود الى الحظيرة الامريكية .

فالعولمة هي سمة العصر الذي نعيش فيهِ الان وهي نتيجة لتراكمات كمية ونوعية تحققت نتيجة للتطور العلمي و التكنولوجي وسرعة الاتصالات و وسائل النقل والانجازات العلمية في مجال شبكات الانترنيت و الاجهزة البصرية و السمعية و التطور في مجال الاعلام و غيرها التي أنجزها العقل البشري في النظام الرأسمالي و الدول الرأسمالية بالدرجة الاولى مثل دول الاتحاد الاوربي و الولايات المتحدة وكندا و اليابان و دول اخرى تدور في فلك النظام الرأسمالي وكذلك الانتصار الذي عزز مكانة النظام الرأسمالي والذي تحقق في العقدين الاخيرين و المتمثل بأنهيار الاتحاد السوفيتي و دول المعسكرالاشتراكي الذي فتح المجال على مصراعيه للسيطرة على مقدرات الشعوب و الاخلال بالتوازن الدولي و هيمنة القطب الواحد و فرض الروءى السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الحضارية للولايات المتحدة الامريكية و غزو الشركات المتعددة الجنسيات العابرة للقارات ذات الطابع الاحتكاري للاسواق العالمية والدخول في منافسات غير متكافأة مع الشركات الوطنية و الاستثمارات المحلية مما اعطى دفعة قوية للعولمة و عزز مكانتها و إنعكس ذلك سلبآ على إداء الشركات الوطنية و بالتالي الاخلال بالاقتصاد الوطني لتلك الدول .

إن العولمة مارد العصر الذي لايهزم و لايمكن لاي قوة في العالم ايقاف زحفها وانتشارها على الاقل على المدى المنظور فهي تمثل المصالح العليا للدول ألراسمالية الكبرى والشركات الاحتكارية المتعددة الجنسيات و العابرة للقارات و هي مرتبطة بجوهر الانتاج الرأسمالي العالمي التي تدخل فية أكثر التقنيات الصناعية والتكنولوجيا الحديثة تطورا وان هذا الانتاج بحاجة الى اسواق عالمية تتجدد بأستمرار للحفاظ على سوق العرض و الطلب و بقاءهُ في حالة توازن دائمة و الابتعاد عن حالة الكساد و الركود الاقتصادي وبالتالي لابد من فتح الحدود و الغاء الحواجز الدولية وهذة هي استراتيجية الدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية الاقتصادية و التي لابد من اجل ترسيخها و افساح المجال امامها باتخاذ خطوات داعمة سياسية وامنية واعلامية وثقافية للتخفيف من التأيثرات الثقافية و الدينية وخصوصيات تلك الدول والابتعاد عن حالة التصادم التي لاتخدم حركة السوق العالمية و الانتقال الى حالة الحوار المتبادل و هذة الحالة تسمى بحوار الحضارات من اجل خلق اجواء الاستقرار السياسي الذي ينعكس إيجابآ على حركة سوق الاقتصاد العالمية وعدم السماح لتلك الدول بالخروج عن طاعتها وبالتالي من حق الدول الكبرى التدخل الامني والسياسي و حتى العسكري في شوءون تلك الدول التي تتهمها بالتمرد و الخروج عن طاعتها وبالتالي لابد من ردعها و معاقبتها اقتصاديا وعسكريآ

و بصورة عامة فالعولمة لها ايجابياتها وسلبياتها و كذلك لها من يرفضها و من يوءيدها و لكل طرف لة اسبابة الحقيقية و المنطقية ، فالمستفيدين من العولمة وهم المعسكر الاول المتمثل بالدول الراسمالية الكبرى و المعسكر الثاني أي الدول المتضررة من العولمة و في مقدمتها الدول النامية ،لهذا توجد حركة جماهيرية واسعة خصوصآ في اوربا الغربية مناهضة للعولمة وتقاوم نشاطات الدول الكبرى و ذلك بالقيام بمسيرات جماهيرية كبرى مناهضة للعولمة في اوربا و الولايات المتحدة الامريكية وكذلك في العالم الثالث وتشعر هذه المنظمات المناهضة للعولمة ان الخلل في ميزان القوى بين الدول الاحتكارية الراسمالية الكبرى و دول العالم الثالث سوف يوءثر سلبآ على نمو اقتصاديات الدول الفقيرة وكذلك على خصوصايتها الثقافية و الدينية و هويتها الوطنية ولكن هل تستطيع هذه الحركات و بامكانياتها المحدودة ايقاف عجلة التطور و الحد من العولمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة