الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص قصيرة جدا

ابراهيم سبتي

2006 / 5 / 25
الادب والفن


اسماك

فاض النهر.. تلوت المياه في زحفها ، دخلت الشوارع .. الأزقة .. البيوت ..
هاج الناس ، صعدوا فوق اسطح المنازل .. تسلقوا الأشجار القريبة .. ركضوا الى البر البعيد .. الماء يزحف كافعى هائجة .. مروع ومخيف جارفا كل شئ ..
الناس يلوحون لبعضهم من الأعالي ..
تصاعد عويل وبكاء .. ثغاء وصهيل ونباح .. تعالت الاصوات في الفضاء المشحون بالرهبة .. طالعت العيون السماء الراعدة .. الممطرة .. غزارة لم يعهدوها .. الهطول استمر لساعات .. غاصت البيوت واختفت السطوح وتلاشت الاشجار وسكتت الاصوات ..
امتصت السماء رعدها وتوقف نزيفها .. والمكان صار صفحة ماء تمتد الى الافق البعيد لايعكرها سوى الاسماك اللابطة فوق الرؤوس الطافية ..


حصان

السوط .. ينغرز في جسده .. خطوط حمر متقاطعة تنز قروحها .. الحصان متوقف لا يتحرك رغم قسوة صاحبه .. تصاعدت صيحات الغضب من الزحام الذي بلغ اشده ..
سد الطريق الترابي الضيق .. الحصان لا يتزحزح رغم عنف صاحبه الذي رمى بسوطه وامتشق عصا غليظة تكسوها رؤوسا مساميرية حادة وراح ينهال بغيض على الحيوان المتوقف ..
فلا حركة البتة ..
صياح وهياج وسباب المتزاحمين ، تصطدم برأس الرجل المنشغل بحصانه المتصلب فتتبعثر دونما حل يلوح .. ترجلوا من عرباتهم ومركباتهم .. توجهوا نحو الحصان المتسمر ..
دفعوا صاحبه جانبا .. حاولوا بكل قوة زحزحة الحيوان الذي لم يتحرك قط ..
امسك كل واحد منهم بشئ وانهالوا عليه بحملة دامية على ظهره .. بطنه .. رقبته .. رأسه .. ارجله .. لم يتحرك .. الساعات تمضي وهم يتناوبون بجولات الضرب .. ساح الدم من كل جسده ..
نزلت خيوطه الى الارض ..
جلسوا لاهثين يفكرون .. انبرى احدهم متخابثا :
لنحفر الارض من تحته !
صفق الجميع .. نهضوا مسرورين تلوح البشائر على وجوههم .. امعنوا في الارض حفرا تحت الحصان لم يهتز لضربات المعاول التي راحت تقضم الارض بشهية ..
قوائم الحصان الخلفية سقطت في الهوة بعد ان انحدرت الارض وارتفع نصفه الامامي الىالاعلى .. كبرت الحفرة وتعمقت .. بعد ساعة سقط الحصان كله بالحفرة مدويا وانهالوا عليه بالتراب وهم يتبادلون نظرات الاعجاب والانتصار ..
----------------------

راكض

اندفع المتسابق راكضا بسرعة هائلة .. المتسابقون يجرون خلفه ككتلة بشرية متمايلة ..
الفاصل بينهما صار طويلا .. المدرجات مليئة بالجمهور الذي يصفق باعجاب ، المتسابق
يلتفت نحو الكتلة الراكضة بتثاقل ويطلق ضحكة هازئة وسط ضجرويأس الراكضين
الذين علقت عيونهم بخط النهاية البعيد .. الراكض يبتعد اكثر والجمهور ينهض مشجعا
وراقصا فيما بدت الخطوط البيض الطويلة تجري مع الاقدام المتقافزة الموتورة ..الكتلة البشرية الراكضة تصل الى خط النهاية فيما اختفى المتسابق الاول وكانت الساحة خالية تماما غارقة في سكون مريع ..

------------------------------
وجه وزجاج

التيه في عيونه .. لم تتغير سحنته .. لم يهب لنفسه شيئا يدفع عنه ماقد يجعله اكثر مهابة من قبل .. وجه ليس هو .. ينهار سد الرؤية وتتولد رغبة جامحة في رؤية وجه لم يكن هو ابدا.. لم يك هو ذاك الذي صال في كهوف الرغبة وفحولة التبجح .. وجه ليس كما عهده .. ليس كما كان يحمله في كل الايام .. هو السائل في طرق المنفى القريبة والبعيدة ..
هو السائل عن كل تفاصيل وجه غاطس في شئ اشبه بوحل ..
لم يكتف بما يراه .. بل راح ينظر الى كل جزء منه بهوس .. ينظر كانه يريد الامسك به قبل ان يتقلب في وجع نهار يبدو له بعيدا حد اليأس .. تحسس راحة يده اليمنى وجهر بصوت مدو .. رمى بصراخه نحوه .. نحو وجهه الذي راح يتكسر كزجاجة رميت بحجر ..
رفع يده متحسسا تقاطيعه .. لم يجدها .. لم يجد وجهه الذي تلاشى وتساقط قطعا مدماة متناثرة على الارض ..

----------------------
حصان هائج

في المساء الحصان يعدو هائجا في الشارع المزدحم وسط سماء ملبدة بغيوم راعدة .. الناس ينظرون بهلع .. الحصان يصطدم بهم فملأ الخوف قلوبهم وهم يبحثون عن مكان يلوذون به .. الحصان يتجه الى الامام جامحا صاهلا ضاربا كل من يصادفه امامه ..لا شي يوقفه ..
سقط المطر عنيفا .. كان هطوله مرعبا والحصان وحده يركض متجها الى الامام لايحيد ..
صباحا الحصان عالق في الوحل الكثيف وسط الشارع فيما كان الناس يركضون الى الامام كأنهم حصان هائج ..
---------------------------

الرصيف

الرصيف المكتظ بالناس يبدأ حركته ماراً بالشوارع المزدحمة بالعجلات المسرعة، الناس يقفون عليه بانتظار الوصول إلى أماكنهم وهو يسير بسرعة محددة له، يقف عند محطات خاصة ينزل فيها ويصعد منها الناس الذين أخلوا الشوارع الخطرة المليئة بالسيارات المسرعة غير الأبهة بالناس المتجمعين عند الإشارة الضوئية للعبور.. لم يقف الرصيف عند المحطة الأول ولا الثانية، فزع الناس عندما ازدادت سرعته وراحوا ينظرون لبعضهم بذهول وحيرة، ولم يقدروا على التحرك من أماكنهم لشدة الصدمة والمفاجأة.. بعضهم اختار القفز إلى الشوارع الخطرة، وبعضهم الآخر لم يجد وسيلة لإيقاف ذلك الرصيف الهائج الذي تجاوز حاجز الجنون في سرعته، فأجتاز الأسواق والبيوت والمحطات وكل الشورع المجاورة وعبر الطرقات يعيد يتلوى كأفعى هاربة، ثم تلاشى كنقط هائمة في موج متلاطم.والأزقة والجسور، فتعالت صراخات النسوة والأطفال وهو كجواد جموح يواصل الجري بأقصى سرعة، حتى غادر المدينة متجهاً إلى الاُفق البعيد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-