الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقائق وخطوط حمراء في سوريا

يوسف العادل

2006 / 5 / 25
حقوق الانسان


لم يكن اعتقال كل من فاتح جاموس وميشيل كيلو والعشرات الآخرين من المعارضة السورية على خلفية إعلان بيروت ـ دمشق وغيره من أسباب الاعتقال، خارج المسار التاريخي لشمولية السلطات السورية واستبدادها المحتوم لعقود بطبيعة وتركيبة طبقية سياسية إيديولوجية لاتنطوي( سورياً) تحت أية ممكنات أو قابليات عصوية للإصلاح والتغيير وبأية مناسيب،أو آمال، الأمر الذي يعني اقتصار الحراك السياسي السوري وفرملته بآليات وإستراتيجية قمع الثمانينات في نهاية المطاف وترك هذا الحراك يقبع مثخناً بالخيبات عند حدود الإعلانين( إعلان دمشق وإعلان بيروت ـ دمشق).وهنا يجد المجتمع السوري والمعارضة نفسيهما وجهاً لوجه أمام قضاء وقدرالإستبداد الصارخ الذي لاسبيل إلى رده وهنا تكمن منطقة الهزيمة والاستسلام الحتميين ، وهذه هي الحقيقة الأولى.
ولكن التغيرات التي شهدها العالم بدءاً بانهيار الإتحاد السوفييتي،وتداعياته العالمية، وانعكاس ذلك على الساحة السورية بما في ذلك رحيل الرئيس حافظ الأسد وبدء عهد الرئيس الشاب بشار الأسد وانطلاق ربيع دمشق مع بداية القرن الحادي والعشرين، كل ذلك أوجب على السلطات السورية دفع ضريبة إعادة إنتاج موقع النظام السوري في خارطة الترتيبات الدولية والإقليمية أو فيما كان يسمى آنئذٍ بداية الزمن الأميركي ، وتتمثل هذه الضريبة مع مطلع عام 2000 بحزمة إجراءات إصلاح شكلي سطحي تستجيب لإرادة الأميركيين والأوربيين في سياق تسويق السلع الديمقراطية عالمياً، ماترافق مع غض طرف وارتخاء القبضة الأمنية السورية ، الأمر الذي سمح لحراك سياسي ديمقراطي سلمي علني يتحرك تحت سمع وبصر السلطات الأمنية السورية في منطقة شبه محررة من الاستبداد وهنا تكمن منطقة العمل السياسي المعارض المجدي لالتقاط الثمار السياسية من أرض ومساقط الصراع السياسي الثانوي بين النظام السوري وبين المشروع الأميركي الزاحف بدءاً من نيسان 2003(احتلال العراق) .وهذه هي الحقيقة الثانية.
ولكن ثمة فرق بين استحقاق دفع الضريبة بما هو إقدام السلطات السورية(تحت سمع وبصر اعتدادها ورسوخ هيمنتها وسيطرتها وسطوتها الأمنية) على تقديم تنازلات في صالح المجتمع السوري والمعارضة السورية(وهذه زكاة عافية النظام السوري بالمعنى الموضوعي تصب مجاناً في جيب المعارض السورية كمن يرث تركةلايد له بها سوى أنها تزيد دخله) وبين أن يخضع هذا الاستحقاق وهذه الزكاة إلى التسويف والمماطلة والابتزاز تحت سقف انزلاق الصراع الدولي وأزمات أطرافه( في العراق مثلاً) وشتى أنواع المشاغلات وتوفر فرص أمام النظام السوري للتنصل من هذه الاستحقاقات إضافة إلى ضعف المعارضة السورية وقوى المجتمع السوري في جر السلطات السورية إلي تسديد فاتورة مرحلة التغيرات الدولية بعد انهيار الإتحاد السوفييتي وحتى الآن.وهذه هي الحقيقة الثالثة.
والآن لاتملك المعارضة السورية سوى الوقوف المستميت السلمي العلني أمام كوة صرف زكاة عافية النظام السوري كمنحة خارجية( محتومة بالصراع) واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بسداد هذا الحق الذي يمكن المعارضة لاحقاًمن انتزاع موقع قدم لها(محمي دولياً بالمعنى الموضوعي ودون أدنى عمالة لأحد) لاتستطيعه بقواها الذاتية(وما أدراك ماقواها الذاتية)،وأعتقد أن جدل الصراع ومنطقه وتداعياته ومخاوفه لاتسمح للنظام السوري بتوسيع منطقة الحظر ومد شبكة الخطوط الحمراء لتطال كل جغرافية الحراك السياسي السوري، وهذا ما نصل إليه بجردة بسيطة للملاحقات بحق المعارضة السياسية السورية منذ2000 وحتى الآن، حيث نجد أعداداً تبقى طليقة ويمكنها الحركة على ضعفها خارج منطقة الحظر، فلماذا الانزلاق إلى الخطوط الحمر وتجاوزها بدون مبرر تكتيكي أو استراتيجي أوأية جدوى( على محدوديتها الملموسة( كمعيارلصوابية العمل).وهذه هي الحقيقة الرابعة.
والآن سأقوم برصد الخطوط الحمراء التي تجلب الاستنزاف المميت لجسد المعارضة السورية وهي كما يلي:
1. جماعة الإخوان المسلمين في سورية: والآن يمكن طرح السؤال ، هل يستخف إعلان دمشق بعقولنا حينما تقر الدنيا والمعرضة السورية نفسها بضعف المعارضة السورية وتذهب هذه المعارضة العزلاء من أية خلية نائمة وناشطة على البر السوري، مذهب مقارعة النظام السوري بتقديم هذه الجماعة المطلوب رأسها بالقانون 49 الذائع الصيت على طبق إعلان دمشق لفرضها على النظام السوري إلا إذا فسر الأمر( ونحن هنا بميدان المحاكمة العقلية) على أن ثمة صفقة تدور رحاها من وراء الظهر في مسعىً لكسب مواقع سلطوية وملاقاة نية النظام بتوسيع رقعة الجبهة الوطنية التقدمية لاحتواء مفاعيل استباقية تتقاطع عندها مصالح النظام والمعارضة وتسوية الأمر ودياً وسد النوافذ التي تحمل رياح التغيير ولو بهبوبها البسيط، أم نفسر دخول المعارضة وتجاوز هذا الخط الأحمر على أنه رعونة وحماقة سياسية تجلب البلوى والاستنزاف للعائلات السورية( في الركض على طرقات فروع الأمن والسجون والمحاكم) والتي تزداد فقراً على فقر.
2. التحالف والتعاون والتنسيق والاتصال بجهات خارجية: وهذا الخط الأحمر بالإضافة لمخاطره على الصعيد الأمني حيث الوقوع في الاعتقال السهل، فإنه ينال من سمعة المعارضة بالمعنى الوطني والأخلاقي ومن السهل على أجهزة الأمن إلحاق التهمة بالخيانة والعمالة والتشهير بمن يطأ أرض المطار نظراً لحساسية المسألة الوطنية.
3. التعرض الصحفي والإعلامي لرموز النظام السوري( الدوائر الأقرب لرأس النظام) ، ويمكن هنا اللعب خارج هذه الدوائر وتجنب مغبة تضاعف جرعة الحقد الأمني المتلازمة مع الدنو من حرمة المقدس السلطوي.
وأعتقد أن المعارضة السورية يمكنها التنبه العاقل لهذه الخطوط الحمراء التي تشكل منطقة تصفية لرموز المعارضة ، بذرائع تثلج صدر السلطات الأمنية السورية، والانكفاء والنكوص على الأعقاب والالتفات إلى الجانب التنظيمي الهادئ المتزن وتجاوز الإرث التنظيمي المترهل في معظمه لأحزابها (على أهمية كل التجربة النضالية على الساحة السورية)، وبناء قواعد شابة منظمة خاصة بإعلانات المعارضة(إعلان دمشق، إعلان بيروت دمشق) لبناء شارع سياسي سوري مسكون بمئات الخلايا التنظيمية التي ماإن يعتقل النظام أيا من الرموز المعارضة حتى يقوم الشارع ولا يقعد وارتسام معالم اعتدال في موازين القوى وتخفيف حدة اختلالها في مسعىً تراكمي يشق طريقه بين تضاريس القمع المزمن.
والآن إذن كان الاستبداد على الساحة السورية حقيقة، فلن نهرب من حقيقة متلازمة معها وهي ضرورة وجود حالات اعتقال يقتضيها الاستبداد ومقارعته، وكذلك إذا كان ارتخاء القبضة الأمنية والانفراج السياسي غير المحظور حقيقة كذلك. فيرجى من المعارضة السورية أن تربط فرسها عند الحقيقة الأخرى المتلازمة معها وهي ضرورة التفرغ للعمل التنظيمي الجماعي وتجنيب شيوخ المعارضة هذا الصيد الفردي الأعزل في العراء السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدبابات الإسرائيلية تسيطرعلى معبر رفح الفلسطيني .. -وين ترو


.. متضامنون مع فلسطين يتظاهرون دعما لغزة في الدنمارك




.. واشنطن طالبت السلطة الفلسطينية بالعدول عن الانضمام للأمم الم


.. أزمة مياه الشرب تفاقم معاناة النازحين في ولاية القضارف شرقي




.. عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تطالب بوقف العمليات في رفح