الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرصة حقيقية أخرى

تقي الوزان

2006 / 5 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أكثر من ثلاث سنوات مليئة بالدم والعذاب حتى تمكن العراقيون من تشكيل حكومتهم الدائمة . فرغم كل السلبيات والنواقص , والجرائم التي أرتكبت من بعض فصائل الحركة السياسية العراقية مثلما حدث من حرق مقرات أحزاب , وأغتيالات لأشخاص من أطراف أخرى تنافس في الأنتخابات فقط , وليس لسبب آخر . يبقى أنجاز تشكيل الحكومة الدائمة هو الهدف المنشود التي سعت اليه الأطراف السياسية العراقية , بدءاً بتفاعلها الإيجابي مع قوات التحالف التي أسقطت النظام ألمقبور , ومروراً بتشكيل مجلس الحكم ووزارته ثم وزارة أياد علاوي المؤقتة , وأجراء الأننتخابات الأولى وتشكيل وزارة أبراهيم ألجعفري الأنتقالية , والتصويت على الدستور وأجراء الأنتخابات الثانية التي أرست تشكيل الحكومة الدائمة .
كان العراقيون في العهد المقبور يعانون من عدم وجود أي حزب أو تنظيم سياسي آخر غير البعث , الذي صادر كل شئ , وصبغ حياتهم باللون الواحد لخمسٍ وثلاثين عاماً . وفجأة وجدوا أنفسهم أمام سيل جارف من الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تدعي تمثيل كل شئ . وهم لايزالون في صدمة التغيير , وغير مصدقين ان صدام والبعث ذهبوا بدون رجعة . كان التوجس والخوف سيد ألتوجه , وطافوا على مياه كثيرة , تراوحت بين مياه العيون العذبة ألنقية , وبين مياه تفاوتت ملوحتها , وعدم نظافتها . وأخرى ثقيلة سوداء داكنة .
كان لفقدان ألأمن , وتوقف العجلة الأقتصادية , وأنهيار مؤسسات الدولة , وفقدان الأساسات الحقيقية لمجموعة القيم والمثل المتوارثة , والفراغ الذي تركه النظام الدموي ألمقبور , وتحالف بقاياه مع التكفيريين السنة وأرتكاب أبشع الجرائم , وأستغلال بعض الأحزاب الدينية لنفوذ مرجعياتها . أضافة لأفرازات سلطات الأحتلال , والصراع الدائر بين الأمريكان من جهة وايران وسورية من جهة أخرى بحجة مكافحة الأرهاب . كل هذه العوامل تضافرت لتشكل الوعي المتعثر لهذا الشعب المنكوب , فلم يتمكن من تحديد أولويات البرامج السياسية التي تمكنه من النهوض مرتاً أخرى , وتعود به لمسار الحياة الأعتيادية . أن الصراع الدموي الطائفي الحالي , والقتل على الهوية , هو النتيجة الطبيعية المتوقعة للأختيارات المشوهة والخاطئة التي أجبرت هذه الجماهير على أتخاذها .
يقول الشيخ ميثاق البطاط من مكتب الصدر في البصرة تعقيباً على الأحداث الدموية في البصرة في هذه الأيام , والمنشور في صحيفة "الحياة" يوم الأثنين20060522 " عصابة البطة الأجرامية تعمل تحت ستار مرجعية دينية أو سياسية أو حزبية . وعلى هذه الجهات أن تعلن موقفها من الظاهرة مثلما علينا أن نعرف ويعرف الشعب من يقوم بهذه الأعمال " وتابع "ما دامت كل الأبواب التي نطرقها مقفلة في وجوهنا . علينا تشكيل لجنة والذهاب الى المرجعية الدينية لمعرفة رأيها في ألأمر . . لو أتيح للناس أنتخاب ممثليهم من دون تدخل المرجعيات الدينية أو السياسية لكان الأمر مختلفاً الآن".
اليوم وصلنا الى حكومة " وحدة وطنية " بعد أن دفعنا الكثير من الدماء والأموال والزمن المفقود . ومثلما يقول البعض من أبناء شعبنا بألم : أن أيام النظام الفاشي المقبور كانت أفضل من دموية الأيام التي نعيشها الآن . نقول وبألم أيضاً : لولا سلطات الأحتلال لما توصلنا الى هذه الحكومة , ولما حافظنا لحد الآن على وحدة العراق " ربما يكون في أجندة الأحتلال أمور معاكسة أخرى تظهر مستقبلاً" .
أن حكومتنا الشرعية المنتخبة , والمحمية من قبل قوات الأحتلال . ليس مثل باقي الحكومات , فهي محملة بكل تركت النظام الفاشي المقبور , وما تبعه من سلبيات الحكومات التي قبلها , وما تفرضه سلطات الأحتلال من توجهات ستحد كثيراً من فاعلية الحكومة . الحكومة العراقية بحاجة جدية لدعم حقيقي من كل الأطراف المشتركة بالعملية السياسية لكي تستطيع الوقوف على قدميها لتحمي نفسها , وتحقق الأمن وباقي أهداف برنامجها المعلن .
من الملفت للنظر أن جميع الأحزاب العراقية خاصة الأحزاب التي ناضلت ضد النظام المقبور . أستمرت في العمل ببرامجها السياسية السابقة رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على سقوط النظام . وعدا الأجتماع الوطني "الكونفرنس"الحزبي العام الذي أقامه الحزب الشيوعي لدراسة الوضع العراقي الجديد قبل اكثر من سنة . لم يقم أي حزب آخر بأي نشاط على مستوى أجتماع أو مؤتمر وطني لدراسة وضع العراق بعد سقوط النظام . الى أن جاء أعلان "المجلس الأعلى للثورة الأسلامية " برئاسة السيد عبد العزيز الحكيم قبل أيام عن نية المجلس بعقد مؤتمر وطني يتم خلاله تغيير أسم المجلس , وتوسيع قيادته, ودراسة وضع العراق . وفي الوقت الذي نبارك فيه للمجلس هذا التوجه , نرى من الضروري أن تعقد جميع الأحزاب مؤتمراتها الوطنية لدراسة الأوضاع المستجدة على الساحة العراقية والعربية والدولية . والتغيير من اتجاهات برامجها السياسية القديمة الموضوعة قبل سقوط النظام . وبما يخدم المرحلة الحالية , وأستلهام روحية الدستور في بناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد , وتثبيت مبدء أحترام كل الحقوق السياسية والأنسانية لأبناء العراق الواحد كما جاء في الدستور .
لاشك أن أقامة الأحزاب لمؤتمراتها الوطنية , وبالشفافية المرجوة , وبمشاركة باقي الأطراف كضيوف في هذه الفعاليات ستخلق حالة من الثقة التي أفتقدناها نتيجة الصراعات الغير مبدئية , والتي كادت ان تفتك بوحدة العراق . أضافة لتحديد أتجاهات الكتل السياسية في أعادة بناء الوطن . وما يتبعها من ثبات الأرضية التي يتحرك عليها أبناء التنظيم الواحد .
أن أمام القوى السياسية العراقية فرصة حقيقية أخرى لأعادة بناء وحدة العراق . ومن خلال دعم برنامج حكومة "الوحدة الوطنية " والتي تشترك فيها أغلب الأطراف المنضوية تحت خيمة العملية السياسية . وتقلع بالكامل عن روحية التوجس والتآمر والأستحواذ التي زرعها النظام المقبور .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التبوريدة: فن من الفروسية يعود إلى القرن السادس عشر


.. كريم بنزيمة يزور مسقط رأس والده في الجزائر لأول مرة




.. بعد إدانة ترامب.. هل تتأثر فرص فوزه في الانتخابات الرئاسية ا


.. لابيد يحث نتنياهو على الاستجابة لمقترح بايدن بخصوص اتفاق غزة




.. الوسطاء يحثون إسرائيل وحماس على التوصل لاتفاق هدنة في غزة