الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي نوع من التنظيم نحتاجه؟

عادل احمد

2019 / 12 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تستمر التظاهرات والانتفاضة الجماهيرية في بغداد والمدن العراقية الجنوبية منذ شهرين مع تزايد أعداد المتظاهرين وأكتسابهم خبرة كل يوم. وتزداد المطاليب حتى وصلت الى مطلب رحيل جميع سياسيين ما يسمى بالعملية السياسية بعد الاحتلال ورحيل الجمهورية الإسلامية في العراق معها.. واليوم استقال عادل عبد المهدي رئيس الوزراء العراقي ومعه محافظ ذي قار ومحافظ النجف ومدراء الشرطة ورؤساء الأجهزة الأمنية الآخرين ..
ان استمرار التظاهرات والاحتجاجات الى اليوم هي نقطة قوة والتي قاومت كل حيل وخداع ووعود السياسيين والحكومة، وقاومت اشرس الهجمات الدموية والتي راح ضحيتها مئات القتلى وجرح آلاف من الشباب من النساء والرجال.. واستطاعت ان تقاوم كذب ورياء إعلام البرجوازية المحلية والعالمية حتى وصل الى هذه الدرجة من التمسك بالمطلب لإنهاء العملية السياسية برمتها.. ولكن هنا يبرز السؤال وهو ماذا بعد كل هذا؟ ما هو البديل والضمانات من عدم تكرار التجربة القاسية لأكثر من ١٦ عاما؟ وماهي نوع الحكومة التي تقام على انقاض رحيل الحكومة الحالية؟ باعتقادي عدم الإجابة الشفافة على هذه التساؤلات هي نقطة ضعف التظاهرات والاحتجاجات الحالية والتي تحسم في النهاية مستقبل العراق.
ان مخاوف المتظاهرين من التنظيم هي في محلها والتي ترى بأن أي حزب سياسي سوف يجر التظاهرات ويركب موجتها ويستخدمها لصالحه، وراينا تجربة دخول التيار الصدري والحزب الشيوعي العراقي في ركوبهم موجة التظاهرات السابقة واستخدامها لمصالحهم.. وان هذا الخوف هو خوف واقعي مقارنة بما جرب حتى الان، لان كل هذه الأحزاب تتناقض مصالحها مع مصالح الجماهير المنتفضة والمحرومة.. ان هذه الأحزاب البرجوازية جميعها مشتركة بالعملية السياسية من بدايتها في مؤتمر لندن عام ٢٠٠٢ وحتى سقوط نظام البعث وصولا الى يومنا هذا وجميعها استفادت من الاحتلال ومن العملية السياسية وما بعدها، ولهذا رأينا ورقتهم السياسية ومصالحهم الطبقية والتي هي عكس مصالح الجماهير العمالية والكادحة والمحرومة بالمجتمع.. وان صعودهم وتقويتهم (اي جميع الأحزاب المشاركة في العملية السياسية) تعني الفقر الأكثر والحرمان الأكثر لهذه الجماهير المحرومة. ولكن هل التنظيم يقتصر على هذه الأحزاب فقط؟ وهل ممكن إيجاد نوع من التنظيم بما يتناسب مع مطالب الجماهير المحرومة وإيجاد حياة كريمة في ظلها؟ وهل هناك نوع من التنظيم تستطيع الجماهير من خلاله ان تعبر عن ارادتها ومصالحها وان تفرض سيادتها على جميع الأحزاب؟ هذا هو احد اهم المفاتيح التي بإمكان الجماهير ان تزيل الخوف من الأحزاب والقوى السياسية وتستطيع ان تفرض هيبتها وآفاقها على المجتمع. ان شكل التنظيم الجماهيري في كل مكان من السكن والمعيشة الى مكان العمل في المصانع والشركات ومكان الدراسة في المدارس والجامعات، في شكل التنظيم المجالسي والمنتخب المباشر من قبل الجماهير في كل مكان بإرادة حرة ومباشرة وفورية وبشكل دائمي وليس كل اربع سنوات كما في الانتخابات الديمقراطية، هنا تستطيع الجماهير أن تعبر بارادتها عن مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية وتحدد الجماهير مصيرها بنفسها.. وان هذا الشكل من التنظيم بإمكانه ان يفرض مطاليبه على الأحزاب كون نواته تحمل شكل للحكومة..
وحتى الان تقتصر التظاهرات في الساحات وفي وسط المدن فقط وإذا استطاع الميليشات او الأحزاب والقوى الإسلامية ان تنهي كل هذه المظاهرات، والتي من الصعب جدا إنهائها في الوقت الحاضر بعد كل هذه التضحيات بالأرواح، فان كل التضحيات سوف تذهب مع الرياح وتفرض من جديد دورة أخرى لسلطة الاستبداد والوحشية ونهب الخيرات والفساد وما الئ ذلك.. ولهذا يجب ان يكون الخوف من هذا المستقبل بان لايعود كل من هذه الأحزاب والملطخة أياديها بدماء العراقيين وسرقة ثروة المجتمع في المستقبل حتى وان تظهر بثوب جديد ولكن فيها نفس الروح القديمة أي روح الطبقات الغنية والبرجوازية ومصالحها.. يجب ان تنظم نفسها بنفسها وبروحها وبإرادتها وان تعبر عن مصالحها الإنسانية بكل قوة وحرية وليس هنالك الا شكل التنظيم المجالسي المباشر والذي يبدأ من الفرد الواحد والى المجموعة الواحدة، من الأسفل حتى تصل الى القمة لإدارة شؤونها بنفسها وتكون حرة وإنسانيا وأكثر عدالة إجتماعياً وأكثر مساواة عمقا.. ان التنظيم الجماهيري المجالسي هو الضامن الوحيد لعدم تكرار ما عانيناه طوال حياتنا في ظل الأنظمة القاسية من الملكية والقاسمية والعارفية والبعثية والأمريكية والشيعية و.. ان رحيل عادل عبد المهدي او غيره او حتى جميع السياسيين لا يجيب على البديل من بعدهم ولكن بإمكان البديل المجالسي والحكومة المنبثقة عنه ان تجيب على مخاوف الجماهير وعن مطالب الجماهير المحرومة بمستقبل مشرق. ليس الوقت متأخرا بالأمكان ان نباشر اليوم بتأسيس المجالس المحلية في كل مكان في ساحات الاحتجاجات وفي محلات السكن وفي المصانع والشركات وفي الجامعات وفي داخل الجيش وان نبرز كقوة واحدة من الفرد للكل ومن الكل للفرد ومتماسكة وقوية ومؤثرة وجماهيرية. ان املاء الضعف التنظيمي هو مفتاح النصر النهائي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم