الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانفلات الأمني وضرورة الديمقراطية التشاركية

عمار ديوب

2006 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


شكل الانفلات الأمني الأخير وسوق الناشطين السياسيين والحقوقيين إلى المعتقلات والسجون نهاية البداية للحراك السياسي المتقطع ، وانتهاء شهر العسل كليةً، والعودة إلى القمع العاري ، حيث لا حصانة لأحد ولا لأي سبب كان ، وحتى ولو كان العمر الستيني ، أو المرض المزمن أو شبه المزمن ،أو العائلات الصغيرة ، وكذلك لا أهمية لأي تدخل عالمي أو عربي أو داخلي أو قومي أو إقليمي ، لكأنها نهاية الربيع وبداية الصيف الذي لا ينتهي ؟
لا شك أن الدولة الأمنية السورية لا تحتاج لتاريخ محدد وتوقيت معلل حتى تقوم بواجباتها الوطنية والقومية ، فهي الدولة وبالدولة لا بد أن نحيا ؟!
إن تعليم المثقفين التفكير والعقل المنطقي وأصول البحث العلمي والطهارة الأخلاقية ، والوقت المناسب وغير المناسب، تعد من القضايا المصيرية ولا شك أن للمعلم الحق بتعليم أطفاله القصّر في أي وقت وبـأية طريقة كانت ، المهم أن يستوعبوا الدرس ، وإلا ضاع العمر
سدى ، ولا بأس من تدخل المدير والموجه الإداري والتربوي وكل إداريي المدرسة الزائدين عن الحاجة من أجل إكمال البرنامج التعليمي ؟
الملفت هو تحويل هذا الملفت الكبير إلى القضاء المدني وتحويل الأخير إلى قضاء طوارئ وهذا ولا شك من آثار استمرار العمل بقانون الطوارئ البغيض وفوضى السلطة السياسية اتجاه مشكلات الدولة والمجتمع وعدم معرفة إدارتها ..
وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع إعلان بيروت دمشق أو سبب الانفلات الأمني اللاحق أو توقيف فاتح جاموس وميشيل كيلو والآخرين ، فإن إيقاف واعتقال وسجن المثقفين بسببه أمر غير مبرر على الإطلاق ، فهؤلاء لا يعلنون رأيهم إلا عبر القلم وهذا حق مشروع يجب احترامه بكل المعايير والانتباه للقضايا المثارة خاصةً وأن الموقعين عليه من لبنان وسوريا من أبرز المثقفين والمفكرين ..
من الأفضل لمستقبل سوريا إغلاق ملف الاعتقال السياسي الأمني دفعةً واحدةً وعدم التلكؤ بذلك والتخلص من الطريقة القديمة في الاعتقال عبر اعتقال البعض وترك البعض الأخر..
إن سوريا كما المنطقة العربية تتطلب الحريات العامة وبناء الأنظمة الديمقراطية ، فبهذه الآلية يمكن لهذه المجتمعات استعادة المبادرة العامة ومواجهة المشروع الأميركي الصهيوني – الذي يستخدم الديمقراطية وحقوق الإنسان كذريعة - والذي إلتهم فلسطين ويحاول في العراق ويُنصب أنظمة مطواعة له ولمشاريعه في كل العالم العربي ؟

الحقيقة أن الاستبداد في العالم العربي أثبت فشله تماماً وهذا بحكم التجربة في حل أية قضية وطنية أو اجتماعية أو قومية ، بل وعمّق تعقّد هذه القضايا وأوصل البلاد إلى انسداد الأفق والشعور المرير بالإحباط وانعدام الجدوى وتصاعد النزوع الطائفي واحتمال الوقوع في حلقة الموت والدمار حيث الصراعات الطائفية والحروب الأهلية وتفتت الدولة ..
لا يمكن الاستمرار بالسياسة الأمنية مع السياسيين المدنيين ولا يمكن للسياسيين المدنيين عدم الاهتمام بالشؤون العامة والخضوع للأمنيين ، فهذا بلدهم وهم مع الشعب يبنون تاريخه ويتحملون مسؤولياته ويتأثرون بأي سياسة تنفذ أو بحرب أو بحصار يتحقق ؟

والحقيقة أنه لم يعد القول ممكناً: إما الآن ونحو الديمقراطية وإما غداً ونحو التفتت المجتمعي. بل صار مشروع التفتت المجتمعي مشروع قائم وممارس فعلياً وتظهر دلالاته عبر تقطع الصلات الاجتماعية وتخمر مفهوم الدول الطائفية في العقول والتفكير من خلا ل مصالح الأسرة والتراجع عن قيم الوطنية والديمقراطية العلمانية ومفهوم المواطنة القومية..
لهذا كله لا بد من قارب نجاة ، يستطيع المساهمة في التخلص من حالة الخروج من التاريخ ولن يكون حكماً دعاة الديمقراطية فقط بل سيكون بالضرورة دعاة الديمقراطية العلمانية وحقوق الإنسان والعقلانية واليساريين والماركسيين ومناهضي العولمة الإمبريالية وعبر تحالفاتهم المشتركة ..
يتأتى مما تقدم أنه لابد من :
- إطلاق سراح المعتقلين السياسيين عامة ونشطاء حقوق الإنسان خاصةً وإغلاق ملفات الاعتقال والسجون في التاريخ المعاصر لسورية دون تأخير والامتناع عن توقيفهم لاحقاً ؟
- إعطاء جمعيات حقوق الإنسان وكافة الأحزاب والحركات حرية العمل السياسي والحقوقي والاجتماعي والترخيص لهم أسوةً بالقبيسيات على أقل تقدير ؟
- إلغاء قانون الطوارئ الأحكام العرفية وكل الملحقات القانونية العرفية الأمنية؟
- حل مشكلة الأكراد بشكل واضح وكامل بما يخص حقوقهم المشروعة في إطار الحقوق الثقافية والسياسية؟
- إعطاء النقابات والتشكيلات الحديثة للمجتمع الاستقلال في برامجها ومطالبها والابتعاد عن تسييس النقابات واتحادات الطلبة والفلاحين والنساء وغيرها وإبعاد الهيمنة والسيطرة والتسلط والتحكم والضبط والقسر عنها؟
- إيقاف كل برامج السلطة الاقتصادية والتعليمية الليبرالية والسماح للنقابات المستقلة وفعاليات المجتمع المدني والأحزاب السياسية بإعطاء رأيها بهذه التوجهات الليبرالية المدمرة لمستقبل البلد والمساهمة في بناء الديمقراطية التشاركية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أطفال غزة: من أهوال الحرب إلى نقص المواد الأساسية


.. جون كيربي: -خريطة طريق- جديدة لإنهاء الحرب في غزة




.. بين عزلة وانهيار الحكومة.. خطة بايدن تضع حكومة نتنياهو بمفتر


.. على وقع تصعيد خطير في جنوب لبنان.. بيروت أولى محطات وزير خار




.. سقوط 3 صواريخ بالجليل الأعلى واعتراض آخر في إيلات