الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلّاج ويسوع!

ناني واصف
شاعرة وروائية مبتدئة

(Nany Wasif)

2019 / 12 / 4
الادب والفن


ما بين الحلاّج و المسيح

قد لقب الحلاّج لكشفه أسرار القلوب ب( حلاّج القلوب) أو مسيحي الشوق
و سنقارن بين حياته و حياة و أقوال يسوع المسيح خاصة في موته على الصليب و نستنتج أن حياته و أقواله قريبة من
المفهوم المسيحي للألم و الفداء و الحب الإلهي و الحياة.

فعلى الصليب أهدى الحلاّج "مهجته ودمه"، وعلى الصليب أيضًا طلب المغفرة لقاتليه، لمّا قال: "قد اجتمعوا لقتلي تعصّبًا لدينك، وتقرّبًا إليك، فاغفر لهم، فإنّك لو كشفتَ لهم ما كشفتَ لي لَما فعلوا ما فعلوا". وكلام الحلاّج هذا على الصليب يذكّر بما قاله يسوع المسيح على الصليب: "يا أبتاه اغفر لهم، لأنّهم لا يعلمون ما يفعلون".

كان الحلاّج على قناعة ذاتيّة في أنّ صلبه وعذابه هما من مشيئة ربّه، وقد خاطبه قائلاً: "فاعفُ عن الخلق ولا تعفُ عنّي، وارحمهم ولا ترحمني، فلا أخاصمك لنفسي، ولا أسائلك بحقّي، فافعل بي ما تريد". ودعاؤه هذا يماثل في جوهره ما قاله المسيح لأبيه السماويّ: "يا أبتاه، إن أمكن الأمر، فلتبتعد عنّي هذه الكأس، ولكن لا كما أنا أشاء، بل كما أنت تشاء"

هكذا أحبّ الحلاّج ربّه حبًّا صرفًا منزهًا عن أيّة غاية، لا طمعًا في الجنّة ولا خوفًا من الجحيم، ومثله مثل رابعة العدَويّة حين قالت: "ربّي، إذا كنتُ أعبدك خوفًا من النار فاحرقني بالجحيم، وإذا كنت أعبدك طمعًا في الجنّة فاحرمنيها، أمّا إذا كنتُ أعبدك من أجلك فحسب، فلا تحرمني يا إلهي وجهك الكريم".
ولا عجب أن يتبنّى التقليد المسيحي هذه الصلاة ، ليستعمله في فعل الندامة بصيغته المختصرة، الذي يقوله التائب بعد استقباله الحلّة من الكاهن .

عاش الحلاّج حياة كلّها عذاب وقهر، ولكنّه عاشها بملء إرادته ورضاه، وتوّجها بالموت صلبًا وتقطيعًا وحرقًا، فقال عنه جلال الدين الرومي: "لقد بلغ الحلاّج قمّة الكمال والبطولة كالنسر في طرفة عين.
و أيضاً يعتبر سبب موته بإعتباره زنديق أو مُجدف خارج عن شريعة الله لأنه قد قال" أنا الحقيقة " و شبيهه لما قاله يسوع المسيح للحاكم الروماني بيلاطس البنطي :"لهذا قد ولدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق. كل من هو من الحق يسمع صوتي. قال له بيلاطس: ما هو الحق؟" (يو18: 37، 38). و أيضاً قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ (يو 6:14).

وأهمّ ما في الحلاّج، بالنسبة إلينا، هو ما اكتشفه المستشرق ماسينيون عن وجود بعض ملامح يسوع المسيح، ليس فقط في موته على الصليب، بل في أقواله في التضحية والفداء والمحبّة التي لو لم نعرف صاحبها لكنّا قلنا بأنّها تعود حتمًا إلى أحد الآباء القدّيسين. هذا ما تظهره أيضًا هذه الصلاة التي قالها الحلاّج في سجنه، ليلة إعدامه، ونقلها خادمه الأمين، الذي كان معه في السجن ذاته، والتي تعيد إلى أذهاننا ما قاله يسوع المسيح في صلاته الكهنوتيّة"وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ. يو 5:17








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو