الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الحب والثورة

هشام عبد الرحمن

2019 / 12 / 4
الادب والفن


إن الثورة كامنة تخمد ثم تتفجر ولكنها لا تموت. تمامًا كالحب، هو كامن وإن لم تشعر به، يومًا ما يحيا فيك وتحيا به .. واولئك الذين يتكلمون عن تجربتهم في الثورة بفخر واعتزاز لماذا يخجلون حين الحديث عن تجربتهم في الحب ؟.. ألم يكن الحب الملهم الاول لمحمود درويش حين تغني في الثورة وفي عيون ريتا التي عشقها بكل كيانه .. الم يكن الحب اروع ما كتب غسان كنفاني في رسائلة الى غادة السمان .. الذى قال هل هناك ما هو أكثر رعباً في حياة إنسان كان يخبئ الحب
في جيبه كسلاح أخير للدفاع عن نفسه؟ الحب يجعلك تقوم بأشياء لم تكن تتخيل أن تقوم بها في يوم من الأيام، تمامًا كما الثورة
بين الحب والثورة قواسم مشتركة، منها أن كليهما ينهض على توقٍ لتجاوز حالِ قائم إلى حالٍ مُشتهى. الحب، أيا كانت طبيعته، طاقة جوّانية تشع من إنسان وتصبو إلى تماهٍ في آخر، أو حاجة لجوجة لا تنصرف حتى تجد إشباعها في الآخر. والثورة، أيا كانت طبيعتها، خروج على وضع لم
يعد مقبولا، وفعلٌ يهدف إلى خلق وضع آخر
ان أصحاب الثورة غالباً ما يُداسون تحت أقدام تلك الثورات التي تصيبهم بإحباطات لا نهائية، وقاصمة أيضا .. كما يداس العاشق تحت اقدام الحبيبة ونار الهجر , الحب والثورة وجهان لحلم واحد.. الحرية .. و لطالما كان هنالك خيط رفيع بين الحب والثوره ... فكلاهما فعل رومانسي وتوق
وحلم في نيل واقتطاف ثمار الاجمل والافضل ,, بالرغم من المصاعب والمشاكل الجمه التي قد تعيق طريقهما , اذا لاحب بدون ثوره ولا ثوره بدون حب .
لذلك نستطيع الادعاء ان حالة التشابه بين الحب والثورة يجعل من الأول ثورةً، على قياس الفرد الواقع فيه، ويجعل من الثانية حبا على قياس الجماعة المنخرط فيها. وعليه لاشيء يمنع من الاستطراد حتى القول بأن الحب لا يكون حقيقيا إن لم يكن ثورة، ولا الثورة حقيقية إن لم تكن حبا.
في بلادنا الثورة والحب يعاملان كما لو كانا أفعالاً، أو بالأحرى أحداثاً جنونية منفلتة من كل عقال. ولذلك فإن الثورة "تنفجر" أو "تندلع" مثلما البركان دون خطة واضحة، وتسير على غير هدى خبط عشواء إلى أجلها المحتوم .
الحب أيضاً حدث مفاجئ لا علاقة له بالعقل. وتختصر فكرته ب "الوقوع في الحب" من النظرة الأولى , وهو اندفاعة للمشاعر بلا حساب , أن كليهما يحتاج إلى قدر من الجرأة والشجاعة ..
تحن نتحاج إلى الحب كي نحتمل سماء هذا الوطن الملبدة بغيوم الكراهية والحقد ، وطائرات الموت التي لا تفارق سمائنا.
نحتاج إلى الحب حتى نتمكن من متابعة نشرات الأخبار وتتبُع التعداد اليومي للشهداء وتقفي أثر المعتقلين في غياهب السجون، وكم من حبيب غاب او دفن تحت التراب ,,
نحن نحتاج الحب كي نبقى نقدم الورود لأوطانٍ تدخر من قوتنا ثمن الرصاصةِ التي تقتلنا بها ، نحتاج إلى حبٍ ينتصر بنا على الاختناق والموت ، الحب الذي يمنحنا اليقين بأن ثمة فجراً سيزور قريباً بلادنا وأن الحق الذي حملناه بين أيدينا منتصرٌ لا محالة وأن ضريبة الدم الذي
بذلناه كانت ثمناً عادلاً كي يأتي نهارٌ لا تُرى فيه الموت والزنازين ...
ان معركتنا الأساسية هي مع الظلم الذي وضعنا أمام خيارين اقتلاع كرامتنا أو اقتلاعنا من أرضنا، ونجاحنا في هذه المعركة مرتبط بنجاحنا في العمل معاً، وهذا بدوره مرتبط بنجاحنا في الحرص على حب بعضنا البعض وبالصراحة والتسامح والتراحم فيما بيننا مهما اختلفت الطباع وتباينت وجهات النظر .. في صفاء رؤيا الجماهير تكون الثورة جزءاً لا ينقسم عن الخبز والماء ونبض القلب.
الثورة تجربة غالية إن انتصرَت أو انهزمَت (الانهزام والانتصار زيف كبير) فهي تعلمنا أشياء لم نكن لنتعلمها لولاها. تمامًا كالحب، تجربة تعلمك عن الحياة أشياء لن تنساها ..
ان المفكر والاديب هو بوصلة الثورة والمقاتلين هم مدفعها .. والثورة بحاجة إلى بوصلة وإلى مدفع في آن واحد .. ويتقدّم وعي الجماهير بالثورة... وبالوعي وبالحب ... وبين الوعي والثورة والحب ، علاقة جدليّة واضحة .. لأن حركة الوعي المحصِّن للثورة حركةٌ قاعديةٌ المرتكزِ رأسيةُ الاتجاه قابلةٌ للتعطيل ككل حركة لكنها رافضةٌ للتوقف والنكوص وبدون الحب هل تنتصر الثورة ؟
يسود الموت والصمت وتبقى الثورة والحب.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق


.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس




.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي