الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا تزاحمنا وأرقنا... وتعبنا وقوفاً، على شفتي الكلام

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2019 / 12 / 5
الادب والفن


كانت تحدثني عن البحر، فأعرف أنها غاضبة..
تسحبه ليلامس أصابع قدميّ، وهي تحدثني عن صمته، ساعة نزول الشمس إليه، فأعرف أنها في منتصف الطريق لإعادته لمبتداه النار...
وكانت غيورة حد إضرام ثلاث مراحل من دمها لتصرخ............
كانت ساحرة كسر معبد قديم، عندما ترتديني كمعطف يقيها برودة الكلام..
كانت شرسة كقطة برية يحصارها الضوء، وتحرق ما تحت قدميها حين يستبد بها الغضب الأزرق أو الشجن..
في نوبات غيرتها، كانت تعض كتفي بشراسة، وأنا أحتضنها، فتقول: سأقتل بضاضتك بعضة لأقتل سحرها... ولكنها كانت تنهي الشوط بدمدمة شاهقة: لا تستحق التقبيل!
كانت تقول، وهي تركز عينيها في عينيّ: تستحق القتل كأي ذئب مخذول، فأنت تعضني كل يوم... ولكني كنت أرى تلك النظرة تعج بهبوط سحيق... للوعة الألم..
كم كنت قصياً إذ لم أنصت لصوت بكائها وهي تغرز وردة شفتيها في وقيعة وجعي؟
وكم كنت مستوحشاً إذ لم أنتبه لطراوة لحم أسنانها على شقوق جلدي المحصن بتمائم أوشامها؟
وفجأة تدحرجنا بجلدين صدئين كأشرعة المراكب الممسوسة بملح الذاكرة... والأفق..
هل دفنت جثتي في إحدى الليالي الباردة، أم كممت أذنيها عن عواء الفراء الأبيض؟
لم نعد نتكلم عن الغناء، ولا عن الطيور المقتولة رمياً بالسكوت، ولا عن أشكال الموت الباهرة.. ورغم أن قطار الصعود كان بعيداً، أو مسكوناً بأوهام تعاليه، أمضينا وقتاً طويلاً في الإنصات لهديره، وكل منا يتمسك، بإحكام، بقضيب السكة الذي يجاور أصابعه.. هل إمتصت أصابعنا برودة تلك القضبان الصامته؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي