الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احذروا ثلاث! ( كيف نحافظ على ثورة اكتوبر)

طلال الحريري
سياسي عراقي

(Tallal Alhariri)

2019 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


تصاعد الحديث وتضاربت الاراء في الفترة الاخيرة حول مستقبل الثورة وبحث امكانية نجاحها ومكتسباتها أو فشلها من العدم. فهل ستنجح الثورة في ظل بيئة ايرانية معادية، وسلطة تابعة، ومليشيات ارهابية مارقة؟ وكيف سنحافظ على وجودها وهويتها وبقاءها؟

مازالوا يحاولون ضمن خطط وبرامج في غرف عملياتهم السرية التي يديرها الحرس الثوري والمخابرات الايرانية في بغداد والبصرة لتفكيك الثورة وانهاء وجودها والسيطرة على الاوضاع الاجتماعية والسياسية والأمنية للوقاية من استئنافها في المستقبل.

محور الشر سيستخدم ثلاثة خطط تجمعها اهداف واحدة:
الأولى: تشويه القيم المدنية والمبادئ السلمية للثورة وتحويلها الى قيم شعوبية فوضوية متطفرفة، وجرها الى صدامات ومواجهات كي تبدوا اعمال عنف وشغب تهدد الدولة والمجتمع كما سيُسَوقون لذلك اذا نجحوا. ثم يعلنون حالة الطوارئ للسيطرة على الاوضاع واستعادة الاستقرار كما سيزعمون. واذا وصلوا لهذه المرحلة ستنتقم المليشيات شر انتقام وتفتعل المجاز والمذابح تحت غطاء قانون الدولة التي تسيرها ارادة الايرانيين وتتحكم بها المليشيات الإرهابية. الفاعل في هذه الخطوة هو استغلال خطاب الكفاح المسلح، والانتقام للشهداء، وجر العشائر الى الوسط الجماهيري.ثم تحويل الثورة من خطاب الوعي الى خطاب العقل الجمعي لتسهيل السيطرة عليها وتوجيهها كما تتطلب خطتهم ونواياهم العدائية. ومن اجل اكتمال هذه الخطة وتغذية الروح العدائية والانتقامية ستعمل المليشيات والفرق الخاصة بعمليات قمع واشتباكات واستفزازات خطيرة سيصدرونها الى وسائل التواصل الاجتماعي ليقوم الناشطين والمتظاهرين والمواطنين وكل صفحات وتجمعات الثورة بالترويج لها بلا وعي وتتعالى الاصوات للرد والانتقام والمواجهة.
في الوقت الحالي يتبعون هذه الخطة القذرة بكل تفاصيلها ومازالوا يحاولون خاصة بعد ان اثبتت السلمية قوتها وتعاطى معها المجتمع الدولي ووصلت الى كل العالم. وما رافق ذلك من تصريحات دولية وقرارات وعقوبات امريكية.

الثانية: عامل الوقت: اذا استمرت الثورة وافشلت مخططهم الأول سيلجأون الى عامل الوقت حيث سيعملون على منهج (سياسة الاستنزاف) سيجعلون التعاطي الحكومي شبه معدوم ومبهم مع التظاهرات، ويتلاعبون بالمطالب، ويفتعلون ازمات سياسية وامنية، لتفتيت الثورة وإلغائها كأولوية وطنية وسياسية. يتخلل ذلك صناعة الاكاذيب، ووعود لا حصر لها، وتوفير فرص عمل وهمية، يرافقها اتباع سياسة التشكيك بالثورة بإعتبارها مدفوعة من الخارج واصبحت خطر يعطل عمل الدولة وحياة المواطنين!. سيعملون ضمن سياسة استنزاف فكري وزمني واجتماعي ويجعلون الاضراب العام قضية خاسرة ستضر بالطلبة والموظفين لتقليص البعد الجماهيري للثورة. انها سياسة قذرة تعمل على تدمير الثورة وتشظيها ذاتياً وموضوعياً، وتعزز فكرة التشكيك واليأس عند الجماهير.

الثالثة: وهي الورقة الرابحة التي جُربت سابقاً ونجحت خلال ثلاثة تجارب سابقة. وهي الورقة الصدرية والتي ترتبط بالنقطة الثانية وتعتبر امتداد لها. سيجرون مقتدى الصدر الى الساحات سواء بإتفاق مباشر معهُ او مع معاونيه ومناصريه وحاشيته المقربة. اذا دخل الصدر مرة اخرى الى التظاهرات وسوَّق نفسه زعيما للثورة ستتحول الثورة الى مطلب اصلاحي مستهلك، وتَمُر بعدة مراحل من التصعيد والمواجهات، ثم وعود واصلاحات شكلية وبعدها سينسحب ليعطي الحكومة فرصة لتحقيق المطالب المستهلكة والمتفق عليها. اذا حدث ذلك فأن ثورة اكتوبر ستموت بأعتبارها قضية وطن ومستقبل امة وتضحية جيل، وستلتحق بالسّابقات حتى تذبُل وتموت. واذا حصل ذلك سيتضرر الشعب وتسيطر المليشيات على كل مفاصل الحياة والدولة ويبدأ عهد للإرهاب والاستبداد وان كان لفترة محدودة لكنه سيخلف اضرارا لا حصر لها.

كيف نحافظ على الثورة ونتصدى لكل هذه الاجندة والمؤامرات التي تُسيرها قيادات ايرانية بإدوات عسكرية واعلامية وسياسية في الداخل؟
الحل يتضمن رؤية من خمسة نقاط ينبغي العمل من خلالها والتمسك بها:

١. التمسك بالسلمية ورفض العنف والمواجهات وعدم التعاطي مع اي دعوة او رؤية تحاول جر الثورة الى مسلحة وتخرب منهاجها الحضاري وعمقها الفكري والاجتماعي.
٢. تنمية الخطاب المدني للثورة والحفاظ على مفردات خطابها السياسي المتمثلة بالتغيير الشامل ورفض الاسلام السياسي وتغيير النظام ومنهجية ادارة الدولة، والثبات على العمق الانساني والديمقراطي للثورة.
٣. تنظيم آليات التظاهر والتحكم بالوقت وتنويع النشاطات الجماهيرية والتركيز على الاعلام لتثبيت قضية الثورة داخليا وخارجيا. وضبط الترويج والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي واستثمار المواقف الدولية.
٤. حصر العدو والحفاظ على عمق اجتماعي مؤيد للثورة( نقل المحايدين الى حلفاء ومؤازرين، ونقل الاعداء الى خانة الحياد) لا عدو للثورة الا الاسلام السياسي واحزاب السلطة والمليشيات فقط. ومن الضروري جدا كسب القوات الامنية خاصة الجيش وضمان عدم تحوله الى المحور الايراني في اي عملية مواجهة في المستقبل. التزام الحياد على اقل تقدير.
٥. الحفاظ على مبدأ ( الارادة العامة) والتي تعني ارادة الشعب بصفتها مصدر الشرعية والوجود والسلطات. وان تسود الارادة العامة كممثل وقائد للثورة تعكس تطلعات الفرد الثائر، والمجتمع الرافض، والقيم العليا للثورة. وهنا ينبغي التعاطي مع العشائر والصدريين كتنوع طبيعي للآبعاد الشعبية للثورة ضمن ضوابط ومعايير الثورة دون السماح لفكرة التسيد والقيادة والفوضى. ينبغي على الارادة العامة ان تفرض امرا واقعا ولا تسمح لأي جهة باستغلالها وتحريف اهدافها وتطلعاتها. وفي هذه النقطة يتجلى دور الفرد بإعتباره نواة الارادة العامة ومحركها.
وفي الختام نقول: ثورة اكتوبر نمت وتصاعدت وتجذرت بصفتها قضية وطن، ومستقبل امة، وامال وتضحيات جيل. لقد تحولت اهدافها الى قيم اجتماعية ومفاهيم سياسية ومبادئ جامعة شكلت هوية حضارية جديدة للشعب تتمسك بجذورها الحضارية وتطلعاتها المدنية. ثورة بهذا الحجم يصعب مواجهتها ولن تستطع اكبر قوة ازالتها اذا التزمت بهذه المعايير والقيم والمبادئ، وحافظت على وجودها وعمقها الحضاري والوطني والاجتماعي.
#طلال_الحريري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف