الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مديح النسّاجة

شفيق الجندوبي

2019 / 12 / 8
الادب والفن


مستهتـِرٌ.. هَــتِـــرْ..
ذاك هو حذائي المغـتــرْ..
لا يستحي من وطئه غـِـلالــَة القمرْ..
هل غشيته سكـْرة الغـَـجـَـرْ ؟
أم يا ترى منعوله قد سُلـِب النّظرْ ؟
يدوس غير آبه أو سائل ِ
دوْسا على الأنامل ..
يتيه تيه جاهل ِ
وأخرق.. وغافـل ِ
على يديْ نسّاجة الزَّهَـرْ..
تـُدَوْزِنُ الألوان بالوترْ..
وتخلس من قزح المساء ما بهرْ..
تحوك للعشّاق حلما خضِــلاً
من قوس ذاك القـُزَحِ،
مسبّحا..مهلّلا .. مبتهلا
آياته الألوان والأشكال في صلاته
وسورة قدسيّة الصّوَرْ
******
نسّاجة رغم الغياب لم تغبْ
حشاشة من روحها ألفيتها
في رقصة الخيطان تضطربْ
وتسخر من شيبها فالقلب لم يشبْ
وعشقها مستعـر ككبّة اللـّهبْ
نسّاجة عميقة..
رشيقة أنقية...
مرهفة رقيقة..
نبيلة الإحساس..
رائعة الأثـرْ...
لـُحْمتـُها في نسْجها من كَبـِــدٍ
تصطبر في عشقها
تثابر في كَـــبَــدٍ..
تستودع مهجتها في نولها كي تبتكرْ..
منسوجَها الغضّ النّضِــــــرْ
إذا التقت لُحمتها مع السّدى..
من فرجة مفتوحة على المدى
تبسّمتْ لآلئ ُ وانتثرت دُررْ
********
لكنّما في غـفلة قد داسها الهَــتِـــرْ
لم ينتبه.. لم يحتفلْ..لم يختلج ..لم يذّكرْ
هل نعقد الرجاء في الحذاءْ ؟
و قد قضى في التّفه منتعل الحذاء؟
في زمن الغباءْ
أترعت الرؤوس بالخواءْ
وصديت رياضنا للماء والرّواء
وجدبت أرواحنا..لا ظلّ..شجرْ
وماتت النخلات في الواحات..
وجفّت المآقي وحبّنا انتحرْ
********
تداخل المرجان والحجرْ
وشائك الأسلاك والقيثار والوترْ
فأنّى لي بقدرة التّفريق ِ
في زمن التّهجين والتلفيق ِ
والرّأس من فراغها دنت من الحذاءْ؟
واختلطت أشياء بالأشياءْ..
تداخل الجليل بالحقير ِ..
والخيْشُ بالحرير ِ..
وبعرة البعير..
بحبّ الكستـناءْ
سيّان في أيّامنا الرّأس والحذاءْ
وشائك الأسلاك والقيثار والوتـرْ
و قرمز المرجان وحمرة الصّديد
والحمإ المسنون وأكرم الحجرْ
استوطن الكلال في نفوسنا
و احتلّنا في كوننا الضّجرْ
*********
يا أيّها الحـــــــــــــــــــذاء..
يا جــِــلــْـدة ً ميّتة ً
مصبوغة التّمويه والبياضْ
عمياء في شعورها
خاوية الوفاضْ
مزهوّة بحمقها
خرقاء تفــتخـــــــرْ
ماذا يزيد عنك ملاّكك البشر؟
*********
إنّ الذي تدوسُ، لو دريت، في النّسيجْ..
في صخـّة الغبار و العجيجْ..
و صولة النّشاز والضّجيجْ..
مَوْسقة للـّوْن والأريجْ
زغردة الأفراح والحنّاء..
و فتنة مكنونة في حمرة الضّريجْ..
من كوكب الآهات والسّهـرْ
لم يغنم الغاوون رغم غيّهم في حبّها وطرْ
*******
يا أيّها الحذاءْ..
يا جلدة ميّتة
ودبغة صفيقة..
عديمة الحياة والحياءْ
لم تحتف بموكب الألوان في الخيطان ِ
ورقصة الأشكال تنتشي من حوْكها البهيجْ..
و خلجة الفؤاد في التّسهاد
وشوقه المَـهـِـيجْ..
وغصّة الأشجان في الولهان ِ..
وأنّة النـّـشيجْ..
لا تبتئس كثيرا يا أيّها الحذاء
فصنوك مزدهر في معـشر البشر
إذ حربهم ماحقة لا تبقي...لا تذرْ
********
يا أيّها الحذاءْ
إنّ الذي تدوسُ، لو دريت، بالنّعالْ
روائع النفيس من شطحة الخيالْ
ومطلق البديع والجمالْ
فخيطه وصوفه..
ولونه وضوؤه...
وسحره وقدّه..
مبرومُ نور ٍ من بــصـــرْ
فمن ترى يا أبله قد طمس النّظــرْ؟
كيف السّبيل لعذرك؟
ومن سيمحـو ذنبك؟
يا واطئ القلوبْ
ومالئ الألواح بالذنوبْ
ومؤذنا للرّوح بالغروبْ
إذ دست غير آبه أو سائل ِ..
وتهت تيه جاهل ِ
وأخرق.. وغافــل ِ
هزئت بالأناملِ...
أنامل العاشقةِ الهيفاءْ
نسّاجةِ الأفياء والأضواء والزَّهَرْ..
والآن جئت يا غشيم تعتذرْ؟
كم من مآثم في شرعة الغفّار تغـتفـرْ
فالزّلل مؤصّل في طينة البشرْ
إلا ذنوب الأخرقِ ِ الهَـتِـــرْ..
هيهات تغتفـــرْ
من داس غير آبه..
أو سائل ِ أو حافل ِ..
وتاه تيه جاهل ِ
وأخرق.. وغافــل ِ
يستمهن جلالة الأناملِ...
أنامل العاشقةِ الهيفاءْ
نسّاجةِ الأفياء والأضواء والزَّهَـرْ..
واهبةِ اللآلئ ِ ناثرة ِ الدّرَرْ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب


.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو




.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق


.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس




.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم