الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا عذر لنا ...الجبن هو المشكلة

خالد الصلعي

2019 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


------------------------------
الرهان صعب ،وصعب جدا ، والعوائق كبرى ، وكبرى جدا . وخندق كبير يحيط بنا من كل جانب يغلي نارا وأهوالا . لكن الانسان من طبيعته ، بل متعته ان يقارع المستحيل ويهزم الأقدار .
المغرب بما يملكه من تزاوج وامتزاج بين مكونيين اساسيين ، لا يمكن ان يكون هذا مصيره البتة . وعار ، وأشدد على كلمة عار ، أن يحكمه مثل هؤلاء ، بل حتى ان يعبروا ولو خفيفا على تلك المناصب . فماذا لو كان بعض ، وبعض كثير من أبنائه من أنجب خلق الله . دعونا من خطط المخزن والمستعمر . فتلك خطاطات بالية وقديمة . نحن الآن امام جيل الحركة الخامسة للثورة الصناعية ، نحن امام علماء ومخترعين مغاربة لهم بصمتهم في الكون كله . نحن أمام أساتذة محترمين ، نبغاء في الأدب والسياسة والفكر والفن .
فكيف اذا انتبهنا الى عنصري المكان والزمان ؟ . ان مجرد الانتباه الى هذين العنصرين يمنحنا قوة ويرفد رهاناتنا نحو آفاق لا حدود لها . على بعد كيلمترات قربية تطل علينا أورويا بما تمثله من ثقل حضاري وتطور تاريخي ، تشربنا الكثير من قيمه وسماته الراقية . وعلى هذه الرقعة الجغرافية مرت الحضارة الاسلامية وأنارت اوروبا زهاء ثمانية قرون . وكانت حدود المغرب قبل قرون قليلة تمتد الى عمق افريقيا . وها نحن نتلقى شتى ابتكارات واختراعات العلوم ، وما يمنحه العقل البشري من جميع اصقاع المعمور من ابداعات واضافات نوعية تدفع الانسانية أماما وفي زمن قياسي عبر الثورة الرقمية .لا عذر لنا اذن .
فهل نستحق مثل هؤلاء الذين يحكومننا ؟ . هل فعلا هذا قدرنا ؟ أم هو ترتيب فوقي ، طبقي وعنصري ، تعود ممارساته البائدة الى عصر السيد/العبد ؟.
الشعب المغربي تكسرت عند شكيمته وعزيمته كثير من صلف وعنجهية قوى دولية عالمية . وعلى مر تاريخه الطويل لم يأنس للذلة والمسكنة . ولم يطأطئ رأسه للضباع والجياع . فكيف صار على ما هو عليه الآن . الى درجة ان بعضا ممن وجب ان يقدم له الاحترام والعرفان يسبه ويشتمه علنا ، سواء من قبة البرلمان او عبر لقاء سياسي عابر . وينعته بأقذع النعوت ، ثم لا يكون الا مكافاته أجزل المكافأة ، وترقيته الى أعلى المناصب . شيئ ما خطير يجوس فينا وحولنا . شيئ لا يمكن ان أسميه الا كما سماه "ألان وودي " المخرج الأمريكي الشهير ب "الجبن " . نعم في احدى مقابلاته الصحفية عزا ما حدث له ولأفلامه بالولايات المتحدة الأمريكية ، بكل بساطة الى "الجبن " . Le probleme c est de la lacheté.
لكن عذرا ألان وودي . ما صنعه أحرار الريف لم يكن جبنا ، كان قمة الشجاعة والاقدام . لا هو ليس جبنا هو خيانة . كما اسماها ادوارد سعيد . أو هو صناعة حيوانية رديئة كما اسماها محمد جسوس؛ الضبعنة ، او كما اسماها المهدي المنجرة خسة المروءة .
ولكن برغم كل هذه الأوصاف والنعوت ، فان شعبا يفوق تعداد سكانه أربعين ملوين نسمة لا يمكن ان يركن كله للولولة والحسرة والبكاء . هذا ما لا يقبله منطق ، ولايستصيغه عقل . ربما نخطئ توجهاتنا واهدافنا و صناديق رسائلنا ، ربما كنا مرضى أو صرعى أمراض نفسية فتاكة . نرجس لم يكن جميلا كما ظن ، لكن صناعه ورطوه بمرآته ، فأطال النظر . كما قال محمود درويش .
فلسفة الأوراسيا تنهض أساسا على فهم طبيعة الجغرافيا ، حدودها ، علاقاتها ، تمازجات ثقافة أبنائها ، وروسيا تغزو العالم اليوم من هذا المنطلق ، من منطلق الفهم الجيد لطبيعة الجغرافيا وتوظيف معطياتها الايجابية لصالح البلد صاحب الفكرة . وعلم الجغرافيا من هذا المنظور ، تنبه اليه كتاب عرب ، كما صنع جمال حمدان المصري ، حيث استقرأ جيدا عوامل الجغرافيا وارتباطاتها الايكولوجية ، وسمات حدودها وطبيعة تضاريسها ، مياهها ، بحارها انهارها ، رمال صحرائها جبالها .
لن أركز على الصيغة العروبية ، كما صنع جمال حمدان مع مصر الناصرية ، لأن ناصر في نظري لم يكن الا عميلا للغرب ، بعد اقتناعي بما ساقه محمد جلال كشك من حقائق ودلائل . كما أن المقاربة العرقية مقاربة فاشلة بكل المقاييس . والمغرب متعدد الأديان والأعراق والثقافات ، ولا يمكن النهوض به الا ضمن هذه البوثقة الهائلة من التنوع والاختلاف ، في اطار ائتلاف الاختلاف .
لابد اذن من الانتباه ونحن نروم نهضة المغرب الى المجال الجغرافي كما حدده فرناند بروديل . الأرض لا تشيخ ، الأرض لا تموت ، يموت الناس وتبقى الأرض . لكن الأرض لمن يحميها ، يزهرها ويبنيها ويحرثها . فهل انتبهنا الى هذه الوظائف الواجب قيامنا بها ؟ .
أرض المغرب أرض غنية ، ثرواتها وحدها قد تنقذ المغاربة جميعهم وتحسن من حياتهم وترفعهم الى أعلى اذا نحن وازينا بين ثرواتها وعلمنا ، فهمنا ، ارادة الوجود ، ارادة أن نكون لا كما نحن ، بل كما نرغب ونشتهي ، كما نخطط ونرسم . من هنا يمكن أن نبدأ بعيدا عما صنعه بنكيران والعثماني وأخنوش ومن وراءهم من عملاء الغرب المستعمر .
ان جهلنا بطبيعة جغرافيتنا ، يدفعنا الى جهل عامل الانتاج وعلاقات الانتاج . ويبقينا حبيسي منتوج العبد والسيد . دون ان نفتح أعيننا على النهب الكبير الذي يطال خيرات البلاد ، دون أن ننتبه الى السرقات الضخمة التي يقوم بها من يفترض فيهم حماية ثرواتنا وخدمتنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا