الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون المالية بين: المزايدات السياسية والحسابات الحزبية

سامر أبوالقاسم

2019 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


ما وقع بخصوص المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2020 داخل المؤسسة التشريعية، وما شاب ذلك من خلط للأوراق بخصوص التموقف من بعض مواده، يعري على مجموعة من الحقائق ذات الصلة بالممارسة السياسية، ويطرح العديد من الأسئلة بخصوص مآلات الفعل السياسي بالبلاد.

فكل أشكال الهروب إلى الأمام ما عادت تفيد أصحابها في محاولة حجب الشمس وإبطال مفعول أشعتها في الواقع. وهذا هو حال حزب العدالة والتنمية الذي يقود اليوم الأغلبية الحكومية ويتحكم في تدبير السياسات العمومية، والذي كان يتوهم أن مصداقية أدائه السياسي تكمن خارج نطاق الفعل السياسي ذاته، وكان متيقنا من أن توظيف أساليب الورع الأخلاقي والديني بإمكانه الحيلولة دون النيل من مكانة الحزب سياسيا، ودون التأثير في قدراته التنافسية.

وقد وقف المغاربة على عمق التحليل الذي قمنا به قبل أن يتمكن هذا الحزب من قرصنة الأغلبية الانتخابية، بالركوب على الحراك الاجتماعي في بداية هذا العقد. وها هو تسييره للعمل الحكومي يقود إلى الفشل في تدبير السياسات العمومية، ورهن مزانيات الدولة للموازنات المالية الكبرى، دون القدرة على إعطاء قوانين المالية بعدا سياسيا واجتماعيا يجيب عن حجم الاحتياجات والانتظارات المجتمعية.

وها نحن نقف اليوم على حقيقة هدر هذه الحكومة للزمن السياسي، من حيث عدم تمكنها من تقديم خدمات اجتماعية للمواطنين، بل وتطبيعها مع كل أشكال الفساد السارية المفعول في مفاصل المؤسسات والإدارات، وعدم تحليها بالوضوح والشفافية حتى في الإعلان عن فشلها في الالتزام بما وعدت به المغاربة منذ سنة 2011 إلى اليوم.

فالرأي العام المغربي، يستغرب موقف الحزب الذي يقود الأغلبية الحكومية، والذي يعمل على تغييب متطلبات المصلحة العامة التي تقتضي الابتعاد ما أمكن عن تصفية الحسابات الحزبية الضيقة داخل مؤسسات الدولة، أو فيما له صلة بعدم تقديره لمسؤولية قيادة تدبير السياسات العمومية وضمان حقوق وحريات المواطنات والمواطنين وتفادي إسقاط هذه المؤسسات في مستنقع التهافت الانتخابي السابق لأوانه.

إضافة إلى أن السقوط في التناقض في التعبير عن موقف هذا الحزب يعري ويكشف عدم قدرته على الالتزام سواء مع المجتمع أو الدولة، خاصة وأنه صاحب مشروع القانون المالي الحالي الذي حظي بالاتفاق والمصادقة عليه داخل المجلس الحكومي، وهو الذي قدم المشروع داخل المجلس الوزاري، ليخرج بعد ذلك أحد وزرائه ليقول فيه ما لم يقله مالك في الخمر، في تملص سافر من أي التزام مع مؤسسات الدولة ومع الفرقاء السياسيين داخل الأغلبية.

وهو ما يطرح السؤال عن هذا الحزب الذي صوت بالامتناع على المادة 9 منه داخل مجلس المستشارين، بعد أن صوت بالإيجاب عليها داخل مجلس النواب. وهو ما لا يمكن اعتباره في هذه المرحلة إلا شكلا جديدا من أشكال ابتزاز الدولة، التي ألف هذا الحزب القيام بها قبيل أية محطة سياسية أو انتخابية.

كما أن الرأي العام يتابع جر هذا الحزب لبعض مكونات أغلبيته إلى التصويت بالامتناع. وهو سلوك إن كان له من تعبير اليوم فهو يدل على نوع من التخبط والتردد المصحوبين بعدم الالتزام السياسي والأخلاقي أمام الشعب ومؤسسات الدولة.

ومثل هذه هي الممارسات "السياسية والأخلاقية" لا تليق بما تتطلبه المرحلة من نضج وتعقل واتزان فيما يرتبط بتقدير الأمور من موقع التدبير الحكومي، والتي ينبغي للرأي العام الوطني الانكباب عليها بالدراسة والتحليل. وهذا دون استفاضة الحديث طبعا عن عدم الانسجام بين مكونات الأغلبية، وعدم التقائية الرؤية السياسية لتدبير شؤون الدولة والمجتمع، والمزايدات السياسية الفارغة بين مكوناتها سواء داخل القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية أو على صفحات الجرائد والقنوات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يفسره ذاك التسابق المحموم والتنافسية غير الشريفة استعدادا للمحطات الانتخابية المقبلة.

إن الأداء السياسي داخل مؤسسات الدولة لا ينبغي أن تحدده، من حيث التموقع والتموقف، سوى الاختيارات السياسية المعبر عنها في مرجعيات وأدبيات الأحزاب. لكن ما نلحظه اليوم للأسف، هو الإغراق في السقوط في فخ الانسياق وراء مزايدات سياسوية أو تسابقات انتخابوية محمومة، وتهميش لأولوية دمقرطة الدولة والمجتمع كخدمة عمومية لمصلحة التوازن والاستقرار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي