الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع براغ ... انموذج للثورات العظيمة في العالم ...مقاربة حية مع ثورة تشرين السلمية

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2019 / 12 / 13
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


وهو مرحلة من تاريخ تشيكوسلوفاكيا حاول خلالها الحزب الشيوعي ان ينتهج نهجا اصلاحيا اقرب للديموقراطية عرف بتسمية "الاشتراكية ذات النهج الانساني" وذلك في 5/1/1968 اذ انطلقت المرحلة بوصول الاصلاحي الكسندر دوبتشيك للسلطة وانتهت في 21/8/68 باجتياح عسكري للبلاد من طرف حلف وارسو واهم اصلاحاته:
1- حرية الصحافة والتعبير
2- حرية التنقل
3- لامركزية الاقتصاد.
وصرح دويتشيك انذاك عن نيته استبدال نظام الحكم باشتراكية ديموقراطية خلال عشر سنوات واجهض التدخل السوفيتي هذا الربيع مع ذلك فقد ساهم في خلق وعي بضرورة الاصلاح وتأثير في المخيال الثقافي العالمي اذ اثرت فيما بعد بالحركة الطلابية البولندية وغيرها.
وقد اوضحت الصور للمواطنين التشيك العزل الذين واجهوا صفوفا من الجنود المدججين بالاسلحة ولسانهم يقول "انه خطأ فظيع" وهكذا عندما دخلت القوات السوفيتية الغازية اطلقت النار على مدنيين عزل تجمعوا في مظاهرة وتحول الذهول سريعا الى غضب ويأس وتجمع عشرات الالوف من الوماطنين من الشباب وتجمهروا في الميادين الكبرى في براغ وبراتيسلفا.
لم يكن لديهم اية اسلحة ،فقط ملكوا روح التحدي والارادة والحرية وجاءت الاحداث الاكثر عنفا خارج محطة راديو براغ وهي المنبع الرئيس الوحيد لروح المواجهة بالمدينة ، في محاولة لمواصلة البث ، نقل المتظاهرون الحافلات لتحيط المبنى، واضرموا النيران بها، وعندما ضربت الدبابات السوفيتية الحصون اشعل بعضهم النيران في انفسهم وقتل وجرح المئات اثناء الغزو وقد بدأ اليأس في مظهره الاسوء في 16/1/1969 عندما ذهب جون بالاش وهو طالب في براغ الى ساحة ويتسيلاس واضرم النار في نفسه، احتجاجا على الاوضاع، وهي لحظة صورت في مقطع فيديو ثم توفي بعدها، ولكن لم يقدم هذا الحدث بعدها شيء وانتهى ربيع براغ الا انه كان شاهدا على العنف والتسلط الستاليني المقيت تجاه التشيك. ونلاحظ هنا ان السمة البارزة ما بين ربيع براغ والثورة البرتقالية في اوكرانيا 2004 هو العنف المسلط تجاه المتظاهرين والذي وصل بالسلطات والميليشيات في العراق اليوم الى ان تزج سيارات دفع رباعي في ساحات التظاهر في يوم 6/12/2019 في الخلاني بالتحديد وجسر السنك وتقتل بدم بارد المتظاهرين السلميين الذين خرجوا للمطالبة باصلاح النظام وبديمقراطية حقيقية ،لا ديمقراطية تفصلها الاحزاب على هواها ورؤاها ومصالحها ، لقد اراد منتفضو براغ مع زعيمهم ان ينقذوا حقوق الانسان والحريات من قمع البوليس السري واجهزة الاستخبارات واراد منتفضو تشرين ان يعطوا لمبادئ حقوق الانسان مجالا حقيقيا وللحريات شأن كبير بعيدا عن قمع الميليشيات والاحزاب المسلحة التي انقضت على النظام الديمقراطي في العراق وانقلبت عليه. وحولته الى اسوء ديمقراطية مشوهة في العالم .
وهكذا نجد ان روح الامل انعدمت لدى الشباب العراقيين وهم يرون الطبقة السياسية الفاسدة تتحكم بكل شيء في البلاد وقد سرقت كل شيء وحرمت الشباب من ابسط حقوقها. فما هي ابرز صور انهيار الامل في المجتمعات يقول اريد فروم" نجد رد الفعل الهدمي الناجم عن انهيار الامل، عادة لدى اولئك الذين يحرمون لاسباب اقتصادية او اجتماعية من امتيازات الاغلبية ، ولا يعرفون كيف يتوجهون اجتماعيا او اقتصاديا،ان ما يقود الى الحقد، والى العنف ليس بصفة رئيسية هو الحرمان من حق اقتصادي ،فالذي يقود الى العنف والى نزعة الهدم هو الوعود التي تحطم على الدوام ووضع ميئوس منه، وما من شك بان الجماعات المعدمة والتي تعامل بقسوة بالغة ، لا تبلغ حتى درجة ان تكون يائسة لانها لا تملك اية بارقة من امل، فهي اقل عنفا من اولئك الذين يلجون امكانيات في ان يؤملوا، ولكنهم يتحققون في نفس الوقت من ان املهم مستحيل ،فالنزعة الى الهدم هي بلغة بسيكولوجية البديل للامل، تماما كما يكون الموت بديلا لحب الحياة ، والفرح بديلا للغم، وان الفرد ليس هو الوحيد الذي يحب ان يعيش بالامل، فالامم والطبقات الاجتماعية تعيش كذلك بالامل، والايمان وقوة الروح، ولو فقدت هذه الطاقة الكامنة لاختطفت بما يتطور فيها سواء من نقص في الحيوية ام من نزعة الى الهدم ، وان تنمية الامل او اليأس عند الفرد تكون محددة على مدى واسع ، بحضور الامل او الياس في مجتمعه او في طبقته، وايا ما كانت الزعزعة التي يتعرض لها امل الفرد في طفولته ، الا انه لو عاش في حقبة من الامل ومن الايمان لبعث رجاؤه وفضلا عن ذلك فان الشخص الذي تقوده تجربته الى الامل غالبا ما يكون لديه ميل الى الاكتئاب والى اليأس اذا لم يبق للمجتمع او للطبقة اللذين ينتمي لاحدهما من امل"
وهكذا يتبين ان اريك فروم يتحدث عن ان الذي يولد العنف ليس الحرمان فحسب بل الوعود التي تطلقها الجهات الحاكمة والتي تحطم على الدوام. وهذا اخطر ما يكون .
كما يتبين لنا المقاربة الحية بين هذه الانتفاضات وبين ثورة تشرين السلمية فالمشاركون في ربيع براغ كانوا سلميين الا ان استبداد السوفيت قتلهم وواجههم بالدبابات وهكذا ثوار تشرين تمت مواجهتهم بأسوء مواجهة عنفية وباستخدام الاسلحة المحرم استخدامها تجاه المتظاهرين السلميين، واستطاعوا بسلميتهم ان يفرضوا استقالة الحكومة البائسة التي تتحكم بها الميلشيات والاحزاب وفضحوا ممارسة الاحزاب الحاكمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكلات عيد الأضحى مع الشيف عمر.. لحوم بنكهة مميزة ????


.. إسرائيل من أوحال غزة إلى أوحال لبنان.. دُر! | #التاسعة




.. دعما لغزة.. المعركة بين أنصار الله وأمريكا وصفت بـ-الأكثر كث


.. على كرسيه المتحرك.. جريج من غزة يؤدي تكبيرات العيد بمشاركة م




.. شاب جزائري: -تعرضت للتنمر وكنت أشعر بالنقص وأنا اليوم لاعب ق