الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب عراقي في النقد السينمائي

حسن عبد الرزاق

2006 / 5 / 27
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


إصدارات جديدة
عالمنا في صورة
لم يبق مجال العلاقة بين الفيلم السينمائي ومشاهديه محتفظا بالجاذبية ذاتها التي تكونت بسببها الاصرة القوية بين الطرفين . فالقبضة الاقتصادية التي جعلتها مستجدات ظروف عالمنا المعاصر تحكم سيطرتها على الوجود الانساني وتتلاعب بمصيره اضعفت تلك الاصرة خصوصا لدى اجيال السينما المثقفة بعد إن سلبت ما هو جوهري من الفيلم وابقت على مغريات الشكل فيه انطلاقا من قانون العرض والطلب الذي يتسم به سوق البضائع .
إن (تسليع) الفن السابع من خلال التركيز على عناصر المتعة المجردة فيه ..أي التركيز على اللغة البصرية فقط وما تحمله من إغراءات حسية تخاطب الجوانب الدونية في الذات الإنسانية كالقتل والاغتصاب وممارسة العنف أو في إدخال عناصر الدهشة الخيالية عبر تناول إحداث مفترضة تقع خارج الواقع وتقترب من عالم الخرافة .. إن هذا الاسلوب كان بمثابة عملية تفريغ للفيلم السينمائي من مضامينة الاخلاقية والسياسية والاجتماعية املتها – اذا اردنا التعامل مع الامر بحسن نية – ضرورات التنافس بين الشركات المنتجة من اجل الوصول إلى (صناعة) غير مسبوقة فنيا تحقيقا للربح المادي اولا وقبل كل شيء.
لكن السينما العالمية لم تزل رغم كل ذلك التحول الغريب الذي ساعد عليه التطور الهائل في تكنولوجيا صناعة الأفلام تستأثر باهتمام الأجيال الحالية .. اجيال البحث عن المتع السريعة العابرة ، كما لم تستطع الفكاك من قيود سحرها الظاهري .. كما انها ( أي السينما ) لم تتخل بالكامل عن طرح المواضيع المهمة ذات الصلة بالحياة الانسانية عموما .
وانطلاقا من هذه الحقائق .. ومن حقيقة اخرى مهمة تتمثل بالعلاقة ما بين الرواية كفن سردي له لغته الأحادية ( المكتوبة) والفيلم كفن بصري له لغته المزدوجة (الملفوظة والمرئية) .. قدم لنا الناقد السينمائي المثابر ( احمد ثامر جهاد ) قراءاته الخاصة للبنى الجمالية والفكرية لعدد من الافلام السينمائية المهمة في كتابه الجديد (عالمنا في صورة) الصادر عن دار الشؤون الثقافية عام 2006.
والذي يطلع على هذا الكتاب يلمس مقدار الجهد المضني الذي بذله المؤلف في متابعة افلام تفصل بينها فوارق زمنية طويلة ، كما يلمس القيمة (التثقيفية) له لما تضمنه من افكار مهمة وعميقة تتعلق بمسالة التذوق السليم لهذا الفن الجماهيري وهي بمجملها افكار حداثوية تمتلك رصيدها الجيد من الرصانة مما يتيح لها القدرة في التاثير على وعي المتلقي خصوصا ذلك الذي يتعامل مع السينما تعاملا استهلاكيا.
فعلى امتداد مائة وخمس وسبعين صفحة تطالعنا في هذا الكتاب قراءات تحليلية متتابعة لعدد من الافلام ، بعضها مأخوذ عن نصوص روائية وأدبية كتبها أدباء عالميون وأخرجها للسينما مخرجون يحملون الصفة ذاتها . وقد كان فيلم (surviving picasso) الذي تناول حياة الرسام الاسباني الشهير بابلو بيكاسو للمخرج ( جيمس ايفري) أول المواضيع المتناولة من قبل الناقد حيث وجد المؤلف إن حياة بيكاسو كانت ( الدليل إلى مفردات التكوين الفيلمي ) في إشارة منه إلى اهمية ثراء التجربة الحياتية ودورها في جعل المخيلة الاخراجية تحلق في عوالم الابداع .
وبعد ذلك الفيلم تتوالى قراءاته لافلام اكتسبت شهرتها العالمية من خلال التوافق ما بين قوة مواضيعها واشكالها الفنية مثل فيلم فرانكشتاين المأخوذ عن قصة الاسم ذاته للكاتبة ماري شيللي وفيلم بيردي للمخرج الان باركر وحرب النجوم للمخرج الاميركي جورج لوكاس الذي هو من نمط الافلام التقنية المذهلة والمريض الانكليزي للمخرج انطوني منغيلا الماخوذ عن رواية شاعرية للكاتب مايكل اونداتج والحائز على تسع جوائز اوسكار وافلام مهمة اخرى تتناول موضوعة الحرب ومواضيع سايكولوجية واجتماعية متعددة.
لقد ركز الناقد احمد ثامر جهاد بشكل خاص على تلازمية العلاقة ما بين الخطاب الروائي والخطاب السينمائي في حالة التعامل مع السينما من قبل المخرجين أو المنتجين كفن يريد تقديم محمولات فكرية مهمة لا كفن يراهن على نجاحه من خلال معطيات التكنلوجيا التي تخلق ادهاشا بصريا لايتعدى تاثيره حدود شبكية عين المشاهد .
ووجد أن اكتمال الروعة الفنية لا يتحقق إلا من خلال موضوع يتأسس على ما هو بصري ومثير في الخطاب السينمائي مستشهدا بقصة( ايمي فوستر) للكاتب الشهير جوزيف كونراد حيث حولها المخرج بيبيان كادرون إلى فيلم ذي طابع اجتماعي كشف سرده عن (بشاعة الروح المحافظة للانكليز). بعد إن أجاد إحكام عناصر الحبكة الدرامية من ترقب وتشويق وتصاعد في إيقاع الأحداث.
كما انه في مكان آخر نجده يركز على أهمية تلازم مجموعة من العناصر التي تخلق فيلما على درجة مقنعة من النجاح وهذه العناصر هي ( السيناريو والمونتاج المؤثرات الصوتية والبناء السردي ونجومية الأبطال واعتماد المفاجئة والغموض) متخذا من المخرج العالمي (هيتشكوك) مثالا في هذا الجانب .
إن هذا الكتاب السينمائي المهم هو من الكتب القليلة التي تخوض في مجال الفن السابع وذلك بسبب قلة المشتغلين في هذا الميدان من المثقفين على اختلاف اهتماماتهم .. كما إن هذا العرض الذي نقدمه له لم يمر على جميع ما جاء في الكتاب من تحليلات وتأويلات لأفلام أسست لها حضورها المتميز والخالد في ذاكرة السينما العالمية ، فربما يحتاج ذلك لتحقيقه إلى صفحات طويلة من التعليق والاستشهاد لكي نفيه حقه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا