الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لاتدع الاطفال يرقدون

سمير عبد الرحيم اغا

2019 / 12 / 15
الادب والفن


احبت الموصل ، كانت طفلة تركض في ازقة الدواسة ، تشرب جسدها من شجرة الكاردينيا طولها بطول مقاسها في الجدار ، تركض الى المدرسة ، وهي ترقص في اراضي الغابات في كل رحلة مدرسية ، الاطياف التي تتجول في قلبها لا تعرفها ، وهي شغلي وانشغالي في هذا الكوكب ، اسعى في مداره ، بين اضلعي يجري مياهه ،(الغربان السود ) تتجول في الازقة والشوارع ، تأخذ ما تشاء من كل نهج ، يطيب لها ان تقترب من الكون ، وترنو الى مواسم الاولاد المتروكة في موكب الحب ، تتمنى ان تكون موسما واحدا في اي دار .
في حديقة منزلها .. ابيها .. واخوتها يركضون خلف منازل مهدمة ، ( والغربان السود ) دارت في دوار البيت بحجم دائرة كاملة ، تسرق الموت من عيون الناس ، وهي تجهل لم هذا الشي يحوم في شوارع الموصل ، منع اللعب ، فاين تركض ..؟ وكل المحطات تنتظر موعد السفر الى الحياة ، وكل العيون تزحف حين تراه ، في المسافات الطويلة . كانت تكبر الدمع بالهوى ، كانت تحسب اقدام العابرين على جسدها ، صنعت من الغار تلاوة ، علموها ان مجرى الارض في كف الموصل علموها انه سبحانه يحي ويغني ما يشاء ، علموها ماذا قتلوا التعساء ..؟والخوف اذا جاء المساء .
تعلمت الرسم للجدران شجرة الكاردينيا ، صنعت من السيقان عائلة كاملة ، ومن الاغصان .. اطفال تلهو . رسمت لتلك الاشجار شمسا وطيورا وفضاء ، ملائي صبابا ، ودواليبا وغابات مداخن ، وعشرات الابواب والنوافذ ، رسمت خنادق .. وثغور مفتوحة بين كل شمس وشمس ، عندليب وسوسنة , وكتاب ومئذنة ، تهدم ظهرها تحت القنابل وانقاض المنازل .
كل مساء في طريق عودتها الى البيت ، تغني " معكم .. معكم في وجه الغربان " تغني مع اخوة يبكون والف طفل ضائع ، وبائعا يرتد صداه في الموصل ، " من يشتري المسيح بحفنتي طين " حين صر الباب في بعض السجون ، قبل ميلاد الصباح قالت امهات عند باب البيوت المهدمة ، وبيدها زيتون وحمامة تحمل البشرى الى اهل الموصل : عودي يا حمامة امها شاءتها احلى صبية ، شاءتها اسما وشكلا فدعاها الوالد : ليلى
يبحث عنها " الغربان " حين يحل آذان العشاء ، يرتعش الجيران من اصواتهم ..من نعيقهم .. تغلق الابواب والنوافذ ، يتوقعون مجيئهم من اي اتجاه ، تدس جسمها النحيف في وسك الاكوام ، تمشي الموصل خرابا وموتا ، تبحث عنها الغربان ، تحاول ان تمسك ذيل فستانها المبلول ، نشعت منه بقعة حمراء ، فكفت عن الركض وضحكت ، امسكت ذيل فستانها المخضب وقالت : كفى اومأت براسها ثم جلست ، وكان الحمام الذي طار يأخذ اماكنه على الياسمين العالي ، يدس راسه تحت جناحيه ، ويغمغم ، والناس خلف الحائط مزقوا كل شيء ، يتوالى البحث ، حلمهم ان يحملوا (ليلى ) سبيه .
تهدر الريح عن طفلة تمضي مستفزة ، يتوالى البحث ، دم دافئ وقان ، اغنيات الصبايا معها تهاجم ، وهن يغنين بخوف وغنج عن غياب الدورة في عودتهن المتعبة من العمل في اطراف الموصل ، وينتظرنها فلا تجئ : لم والدها رافعا كالنخيل يوالى البحث ، ترقب الاعداء في صمت الكمائن ، سمعنا ولم نر ، ولم يكن لدينا استعداد ان نقبل غير ما تصورناه ، تتذكر امها ، عادت مع الصوت ، قعدت تبكي في الزقاق ، كان الخوخ نيئا وصغيرا ، وقطوف العنب خضراء ، ومدلاة ، والنبق والبلح ، لم يكن وحده الليمون يتناقص في الحدائق ، الصغار يتناقصون يوما بعد يوم ... بقي من ينشد ":
ليلى .. ليلى سبيه ...
في السطح اعشاشهن ، وفي الافق سنونو ، وقلب وعيون ، يتوالى البحث ، هربت ليلى الى فتحة الباب : ياالله .. الغربان تركض في شوارع الموصل ، وانفض يوم ، ويومان، يتوالى البحث ، والصغار يتناقصون كلما نادى المعلم اسمائهم من الكشف الذي بيده ، والفناء يصير اكثر اتساعا ، يتوالى البحث ، والاب ممدد ، تندب الشمس عليه ، وليلى سبيه .
...................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف


.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??




.. عيني اه يا عيني علي اه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو




.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد