الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القلادة(7)

حسين علي الحمداني

2019 / 12 / 15
الادب والفن


في اليوم التالي كانت ترتدي البلوزة الجديدة وتحمل الحقيبة الجديدة،نظرت لها سهام وقالت لها ما هذه الأناقة،ضحكت سلمى وقالت الجو بارد وهذه البلوزة تنفع،قالت لها صحيح والحقيبة أيضا جديدة،هذه اشترتها لي أمي في زيارتي الأخيرة لها وفضلت أن احملها اليوم لأنها تتناسب مع ملابسي هذه.
شاهدت خالد وهو يمشي في الممر ربما سيتوجه لغرفتهما،اقترب من الباب وألقى التحية الصباحية نهضتا معا فيما واصل هو جولته على باقي غرف الدائرة،قالت في سرها لعله كان يريد أن يرى سلمى بالزي الجديد،لا أدري هل كنت أنيقة أم لا؟استدارت نحو سهام وقالت لها هل ملابسي اليوم مناسبة،ضحكت سهام وقالت أنت أصلا اليوم طالعة بنت بالعشرين.
ارتفعت معنوياتها ومضت يومها سعيدة جدا،عند انتهاء الدوام خرجت متأخرة قليلا،ظلت تمشي بهدوء وتلقي النظر على المحلات في طريقها،ربما كانت تنتظر وقوف سيارة خالد هذه المرة أيضا، عندما اقتربت من الزقاق الضيق أسرعت وفتحت الباب ودخلت البيت،لم يعد عبد الحكيم ربما يظل يوما آخر.
نظرت من جديد للمرآة فعلا إنها جميلة جدا،هكذا تقول المرآة التي لا تكذب،أطالت البقاء أمام المرآة هذه المرة،سمعت صياح وعويل في الزقاق الضيق،كانت مشاجرة بين رجل وزوجته يسكنان بجوارهما،أسرعت وفتحت الباب،كان الرجل قد ضرب زوجته كثيرا سحبتها لداخل البيت وأغلقت الباب بوجه الرجل الذي ظل يطرق عليها ثم غادر.
كانت المرأة في الثلاثينات من عمرها،تسكن البيت المجاور مع زوجها وولدين، أخذتها من يدها وغسلت وجهها ونفضت التراب من ثيابها وأجلستها على كرسي وقالت لها ما بكما،قالت المرأة بصوت باكي،كلما يفلس يضربني من أين أجلب له الفلوس.قالت لها سلمى وهو لا يعمل؟قالت لها يعمل وكل ما يأخذه يضعه على النسوان.
ضحكت سلمى وقالت لها لأنك رعناء لا تعرفين كيف تكسبين زوجك وتجعليه لا يفكر بغيرك،طأطأت المرأة رأسها خجلا وقالت وماذا يمكن أن اعمل له،قالت لها أنت لسه صغيرة لا تتذمري متى يطلب منك استجيبي وحينها لن يجد القوة لأن يذهب لهن.
كانت سلمى تسخن الأكل وضعت على الطاولة وطلبت منها أن تأكل رفضت المرأة وقالت تغديت سأذهب الآن لبيتي،قالت لها سآتي معك،مسكتها من يدها ودخلت بيت الجيران،كان زوجها يبدو أكبر منها كثيرا،الشيب منتشر في رأسه شاربه طويل،يدخن السيجارة بشراهة،الصغار كانوا يلعبون في الزقاق الضيق مع بقية الصبيان، البيت لا يختلف كثيرا عن بيتهم،حتى الرطوبة نفسها،قالت له سلمى يا رجل امرأتك طيبة القلب هيا قم صالحها،تردد في بداية ألأمر لكنه استجاب في النهاية قبل أن تخرج قالت لك وأنت أيضا اعتني به جيدا.
عادت للبيت لتجد عبد الحكيم قد وصل قال لها ماذا حصل؟قالت جارنا هذا تشاجر مع زوجته ولجأت لي وصالحتهما.سألته كيف حال أخته،أجابها بخير هي تسلم عليك كثيرا كانت تتمنى رؤيتك،قالت له في المرة القادمة سنذهب معا.
فضل عبد الحكيم أخذ قسط من الراحة قبل أن يذهب لصاحب السيارة،لكن سلمى قالت له أذهب الآن ربما ينتظرك،وجد الأمر أفضل وخرج من البيت بعد أن وضع حاجياته في الغرفة.
بدأت تشعر إن الحياة ممكن أن تكون أفضل الآن،خالد لا زال يحبها،لكن عبد الحكيم أيضا يحبها وهو زوجها منذ ربع قرن،طردت الأفكار من دماغها وفضلت أن تقوم بإعداد العشاء لتتناوله مع عبد الحكيم.
تذكرت جارتها التي تشاجر زوجها معها،وتذكرت وصايا أختها هناء التي تعتبرها خبيرة في فهم الرجل،دائما تجعل زوجها مطيعا لها ينظر إليها إن تحدثت أو مشت أو سكتت،عندما سألتها ذات مرة عن سر تعلق زوجها بها ضحكت وقالت هذا سر حبيبتي عليك أن تتعلميه بنفسك مهما شرحت لك لن تفهمي.
هناء الآن في الخمسين من عمرها وزوجها أكبر منها بعشر سنوات،ومع هذا لازالت تحتفظ برونقها ولازال هو يتابعها بنظراته لدرجة لا يستطيع المكوث في البيت إن لم تكن موجودة.
ضحكت سلمى مع نفسها وقالت حتى عبد الحكيم استفاد كثيرا من وصايا هناء لي هذا الرجل محظوظ جدا.
عندما عاد عبد الحكيم في المساء كانت سلمى ترتدي ثوبا يبرز ملامح صدرها ظل عبد الحكيم ينظر إليها قالت له ما بك تسمرت عيناك عند صدري،ضحك وقال إنه جميل،قالت هيا تعشى يا حكيم ماذا عملت مع صاحب السيارة،قال لها كان ينتظرني فعلا استلمتها فعلا وهي تقف الآن في بداية الزقاق غدا أباشر عملي من جديد.
مرت أيام عديدة لم تتح لها فرصة اللقاء بخالد الذي كان مشغولا جدا بعمل الدائرة حتى بعد نهاية الدوام،هي كانت تعرف هذا الأمر من خلال ما تراه من حركة الدائرة وانشغال الجميع بالعمل،لازالت تتذكر جلسة الغداء التي جمعتها بخالد تمنت أن تتكرر هذه الجلسات،فكرت أن تذهب يوم الجمعة لزيارة أم خالد،ستطلب من عبد الحكيم أن يوصلها ستقول له إنها جارتهم القديمة وصديقة أمها وهو لن يعارض ذلك.
طرحت الفكرة عليه صباح الجمعة وهو يهم بالخروج للعمل أرشدته إلى بيتهم،قال لها لكن الوقت مبكرا الآن،وضعت يديها على قبته وقالت له يا حبيبي تعال لي عند الساعة العاشرة لتوصلني فأنا في كل ألأحوال سأستأجر سيارة وطبعت قبلة على شفتيه كانت كافية لأن يعود إليها في الساعة العاشرة لتقف السيارة عند باب البيت.
نزلت سلمى وترددت في طرق جرس الباب قد لا يكون هو البيت بالضبط،قرأت لوحة معلقة على الجانب الأيمن من الباب مكتوب عليها المهندس خالد عبد الرحيم،وضعت أصبعها على الجرس وانتظرت،ضربت الجرس مرة أخرى،سمعت وقع أقدام قادمة نحو الباب،هو خالد سيفتح لها الباب،كانت مفاجأة له دخلت كانت فرصة لأن تصافحه بحرارة وتبقي يدها بيديه حتى دخلا البيت من باب كبيرة،سحب يده وهو يقول أحزري يا أمي من جاء إلينا الآن.
لم ينتظر جوابها وقالها إنها سلمى،حاولت أم خالد النهوض لاستقبالها لكن سلمى سبقتها في ذلك وانحنت تطبع القبلات على وجهها.
كيف وصلتني إلينا وعرفتي بيتنا قالت لها سلمى عندما كنت في العرس قبل شهر عرفت عنوانكم وقلت أطل عليك فأنت عزيزة جدا عندي يا خالتي،خالد كان يستمع لسلمى وهي تتحدث مع أمه،تركهما وذهب للحديقة التي يعتني بها أيام الجمعة فيما ضلت أم خالد وسلمى يتحدثان وهما في المطبخ.
بعد ساعة أو أكثر جاء خالد ليقول لأمه أتركي سلمى الآن أنا أيضا أريد أن أتحدث معها،ضحكت سلمى وقالت تعال أجلس هنا من الذي منعك.
كان ثالثهما،بدأ الحديث مبهم للأم التي فضلت أن تقول لهما أذهبا تحدثا في الحديقة ولا تشغلوني لأنني أعد الغداء، في الحديقة بقيا يتحدثان،قالت له كنت أحاول الحديث معك في الدائرة،قال لها في الدائرة صعب جدا وبيتنا ليس بعيدا يمكن أن تأتي لخالتك أنا أحتاج الحديث معك يا سلمى.
لم يكتب لنا أن نتزوج لكن من الممكن أن نبقى أصدقاء،ضحكت وقالت في أوربا أصدقاء ممكن لكن في مجتمعنا يا خالد صعب،أنا يكفيني أن أراك،رغم إن لدي أمنية قديمة لازالت أحلم بتحقيقها،قال لها ما هي؟قالت أبوسك،بهت وضحك في نفس الوقت وقال لها وما الذي يمنعك من ذلك،قالت لا أعرف ربما ترفض ذلك، قال لها لا أرفض قبل أن يكمل الكلمة كانت شفاهها قد طبعت قبلة على شفتيه أتبعتها بثانية.
كان وجهها قد أحمر كثيرا وأسرعت بالدخول للمطبخ وهي تنادي ها خالتي أم خالد هل أساعدك قالت لها أكملت المهمة،تبعها خالد وقال لأمه رائحة الطعام بدأت تظهر،كانت سلمى جالسة على كرسي جلس بجانبها وسألها منذ متى هذه الأمنية لديك،قالت له منذ سمعت خبر نجاحي في الثالث المتوسط وودت أن افعل ذلك حينها، ضحك وقال لها ربع قرن والله أنت رائعة يا سلمى،بدت أم خالد لا تفهم ما يقولون كأنها ألغازا.
تركت المطبخ لهما بعد أن أطمئنت على الطعام،قالت له لازلت أحتفظ بالقلادة التي أهديتها لي عندما نجحت،كانت نظراته متجهة صوب رقبتها شعرت بذلك فتحت زر قميصها الأعلى لتظهر القلادة أبعد نظره جانبا وهو يرى مقدمة صدرها فتحت الزر الآخر لازال هو شاردا في الجانب الثاني أعادت تنظيم الأزرار ثانية.
سألها كأنه يتهرب من النظرات،هل أخذت سيارة أجرة؟قالت لا زوجي أوصلني إلى هنا بالسيارة التي يعمل عليها،في العودة انتظره إن لم يأت استقل سيارات ألأجرة أو أمشي المسافة ليست بعيدة يا خالد.
شعر إنه خذلها عندما أبعد نظره عن صدرها استدرك قائلا،جميلة القلادة والأجمل إنك تحتفظين بها شعرت إنه ربما يحاول تعويض هروبه من النظر لصدرها،قالت له كنت أتمنى أن تلبسني أنت هذه القلادة،قال لها حاضر أنا مستعد لذلك،ضحكت وقالت أقصد في ذلك الوقت.
حتى في هذا الوقت أنت لازال عمرك خمسة عشر سنة فقط،أحمر وجهها ثانية وقالت هل هذا غزل،قال لها أنت لازالت فتاة صغيرة جميلة وجهها يحمر خجلا.
أنا أحسد زوجك عليك، قالت لكن لا تحسدني عليه أرجوك،قال لماذا قالت دائم التنقل من بيت لآخر ومن عمل لآخر لكنه منذ فترة بدأ يتحسن ويحاول ألاستقرار في عمله ويلتفت للبيت،لكن أنت كان يجب أن تتزوج،قال لها دعك من هذا أنا هكذا أفضل.
قالت له زميلتي سهام تقول إنك صديق زوجها، ضحك وقال يبدو إنني وضعت على طاولة التشريح في الدائرة؟قالت لا ليس الأمر هكذا لكن سياق كلام،أجابها نعم صديق مقهى وأحيانا نتبادل الزيارات في المناسبات أعرف إنك كتومة لن تقولي لسلمى على إننا جيران.
قالت له طبعا لن أفعل هذا،كانت يدها تفتح الزر الأعلى من القميص ظل هو يحدق وفتحت الزر الآخر بان صدرها ونهاية القلادة التي استقرت بين كفتي عفريت.
ألم أقل لك يا سلمى لازالت بعمر خمسة عشر سنة، قالت له كيف؟ضحك وقال أنا أكبر وأنت تصغرين،ضحكت بخجل ونهضت بعد أن دخلت أم خالد لتهيئة وجبة الغداء،قال لها أفضل أن نتناوله في الحديقة،كانت الفكرة جميلة جعلت سلمى تطلب منه أن يساعدها في حمل الطاولة لتضعها في الحديقة، أصرت على ترك أزرار القميص العليا مفتوحة وتركت لنظرات خالد حرية العبث وهو يحمل الطاولة من الجانب الآخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتكلم عربي.. إزاي أحفز ابنى لتعلم اللغة العربية لو في مدرسة


.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ




.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ


.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال




.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ