الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك الجماهيري وأسئلة الحاضر.

محمد بلمزيان

2019 / 12 / 16
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


الحراك/ الإنتفاضة/ الثورة/ العصيان/ التظاهر السلمي ، هي مفاهيم بلا شك أسالت الكثير من الحبر خلال السنوات القليلة الماضية، واكتسحت بلا منازع جميع الواجهات الأمامية للصحف والدوريات والقنوات الإعلامية وجميع وسائل التواصل الإجتماعي بكل اللغات في العالم ، بل وشكلت مواضيع دسمة للخوض فيها من قبل جمهرة من الصحفيين االمحترفين والهواة والكتاب والباحثين من مختلف التصنيفات والتيارات الإديولوجية والمذاهب الفكرية ، كل طرف حاول أن يقدم تصورات حول دواعي هذه الحراكات خاصة في المجتمعات العربية التي لم تسلم جميع بلدانها تقريبا من هذه الرجات الإجتماعية المفاجئة والتي تبانيت في حجمها وقوتها،وفي مآلاتها أيضا، رغم أن شراراتها ما تزال ممتدة في الزمن والجغرافيا العربية، ولا أحد يمكن يتكهن الى أين تمضي، أو يجزم بمصيرها النهائي في القريب المنظور أو البعيد، أو ما ستحمله من متغيرات وإرهاصات أخرى في المشهد المحلي والإقليمي .
فبغض الطرف عن ما تشكله هذه الرجات الإجتماعية من تنفيس اجتماعي وانفجار غضب جماهيري بجميع شرائحه ومكوناته بعد غفوة طويلة، فإن ذلك يطرح علامات استفهام عريضة وتترك وراءها بياضات كثيرة تتطلب مقاربات شمولية ، لعل أولها يتعلق بمدى توفرها على قابلية للإ ستمرار والمواكبة في ظل تجاذب واضح بين العناصر التي تنخرط غالبا بشكل عفوي في هذه الأشكال الإحتجاجية سلمية كانت أو ما يتخللها من طابع عنفواني في بعض اللحظات الغاضبة، لا يجمعها أي ضابط تنظيمي أو إطار نقابي أو سياسي ، بقدرما تنصهر جميع الجموع في شعارات ذات حمولة مطلبية اجتماعية صغيرة أحيانا أو ذات صبغة مطلبية سياسية، وشعارات أخرى فضفاضة لا يجمعها بالأولى سوى عامل الجموح الجماهيري الواسع الذي يسعر ويوسع من حجم المطالب، الشيء الذي يؤدي أحيانا الى تيهان حقيقي في متاهة استنزاف القوى الجماهيرية في اشكال رتيبة لا تخلو من تكرار بعض الصيغ في غياب القدرة على إنجاز طفرة نوعية في اختراق العمق الإجتماعي بما يجعله قادرا على التحرر من الذهنية التقليدية أحيانا أو القبلية أحيانا أخرى أو حتى بعض الإختراقات الإيديولوجية في أحايين ثالثة، لإحداث تغير في الثقافة العامة السائدة، والتي يطوقها التوجس وعدم القدرة على انتهاج الفرد لسلوك الإنتقاد للأوضاع، إلا بمعية حضور الجماعة كقوة الظل يختفي فيها الفرد، ويبقى هذا الأخير طرفا سلبيا في غالب الأحيان غير قادر على الرفض والإحتجاج عن مطلبه إلا حينما ينصهر في الكل، الشيء الذي يؤدي الى نوع من الإنفجار الغضب في التعبير عن الرأي حينما تتماهى الأصوات وتتداعى الذوات وتتناغم في الساحات المفتوحة، بوتيرة سريعة، ولعل هذه الطريقة في الحشد السريع هو سر اضمحلال أغلب الحراكات واصطدامها بالجدار السميك في غياب الأفق، فحسب المثل الإنجليزي، كل ما يأتي سهلا يذهب سهلا
easy come , easy go ، شأنه شأن بعض النباتات التي تنمو في الظل سريعا، لكنهات تموت بمجرد تعرضها لأشعة الشمس في أول وهلة، ذلك أن الحراك المنظم بإطارات معروفة برواسبها اليسارية رغم أن طريقة اشتغاله البطيئة إلا أن انغراس ثقافة الإنضباط يجعل تتلمس طريقها نحو تغيير الأوضاع الإجتماعية ولو في الأمد المتوسط والبعيد، في ظل موازين قوى مضادة تقاوم أي جديد وتناهض كل القيم الحداثية، رغم ما يعاب على هذا اليسار من ترهل الخطاب وعدم تجديد الوسالئل القادرة على النفوذ الى تطلعات الشباب الحالية في ظل هذه الفورة الإعلامية الهائلة، التي بفضل خربشة بسيطة في زاوية من الكون على وسائل التواصل الإجتماعي أن تحدث غليانا وانفجارا في زاوية كون آخر، بغض الطرف عن المستوى الثقافي والوعي السياسي الذي يحمله صاحب أو أصحاب هذه الفكرة المكتوبة أو الفيديو المسجل، وبدون احتساب المضاعفات التي يمكن أن تترتب عن هذا الفعل وعن ما ستؤول إليه الأحوال في المستقبل.
إن الإحتجاج كظاهرة اجتماعية سلوك حضاري ينم عن وعي جماهيري لحجم مطالبه الدنيا والقصوى، لكن السؤال يبقى في تفاصيل ترجمة هذه المطالب على الأرض وهل القوى اليسارية التي تتزاحم في الساحات قادرة فعلا على اجتراح المعجزات لجمع جميع المكونات وفسيفساء الأطراف في وضعها الراهن، في ظل التشتت والتشرذم العام في الخطابات السياسية والتصورات حول كيفية صياغة المطالب للوصول الى الخلاصات التي تشكل شبه إجماع مع القوى المناضلة،وهو بناء دول الكرامة وا في تجلياتها المختلفة، بعدما أصبحت وسائل الميديا الجديدة تقوض كل محاولة جديرة بالإستلهام، بعدما أصبحت ملاذا للجميع، ومنصات مفتوحة للحديث باللغات المتاحة قادرة على إيصال رسائل معبرة في زمن قياسي والتأثير على المشهد السياسي بتحويل الأنظار وتضبيب الرؤى وحتى تأليب الرأي العام ضد أو مع طرف دون آخر لتسويق آراء معينة وتحشيد أكبر عدد ممكن من المعجبين والمفتتنين بهذه التقنيات الجديدة والساحرة من منصات التواصل الإجتماعي التي تستهوي الفئات العمرية المختلفة، بغض
عن محتوياتها ومضامينها الإجتماعية وآثار ذلك على المجتمع بشكل عام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصام لطلاب جامعة غنت غربي بلجيكا لمطالبة إدارة الجامعة بقط


.. كسيوس عن مصدرين: الجيش الإسرائيلي يعتزم السيطرة على معبر رفح




.. أهالي غزة ومسلسل النزوح المستمر


.. كاملا هاريس تتجاهل أسئلة الصحفيين حول قبول حماس لاتفاق وقف إ




.. قاض في نيويورك يحذر ترمب بحبسه إذا كرر انتقاداته العلنية للش