الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تريد غزال تأخذ أرنب

جعفر المظفر

2019 / 12 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


ما زال بعض الأخوة يصرون على أن الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات السابقة كانت دعوة غير صائبة لأنها أعدمت فرص فوز الوطنيين المخلصين مما جعلها تصب في صالح قوى النظام التي كانت غذّت من وراء ستار تلك الدعوة لتضمن عدد الأصوات المطلوبة لفوز مرشحيها.
ليسمح لي هؤلاء القوم أن أسأل : لو أن دعاويهم كانت صادقة ؟ أما كان الأجدر بثوار تشرين أن يصبروا حتى الانتخابات القادمة لكي يذهبوا إليها حشودا حشود فيضمنوا ما يريدوه بدلا من الشهداء الذين قدموهم على مذبح (نريد وطن) والذين جاوز عددهم حتى كتابة هذه المقالة الخمسمائة شهيد بالإضافة إلى ما يقارب العشرين ألف جريح ؟!.
أجزم أن العديد من مصائب العراق لم يكن سببها حاملي رايات العراق من الشباب الثائر الذي ملأ ساحات العراق المنتفض وشوارعه بل ثلة المثقفين من ذوي الحسابات التقليدية الذين يحسبون الأمور دون أن يأخذوا بنظر الإعتبار مجموعة العوامل التي إن دخلت على علم الحساب قلبت قوانينه وجعلت نتائجه تماما عكس المتوقع ليصير عندها الواحدُ صفرا والصفرُ واحد.
في ظل نظام عادل للإنتخابات, ومفوضية مستقلة ونزيهة, وغياب لتأثير رشى الفساد, وإنحسار هيمنة الميليشيات, وتحييد كامل لتدخل الجيران وبخاصة الإيرانيين منهم, يمكن للواحد أن يظل واحد وللصفر أن يبقى صفرا.
أما في غياب تلك الشروط فإن قوى الفساد وأذرع الميليشيات هي التي ستتحكم بنتائج الحسابات, وذلك هو الذي حصل حينما إستطاعت تلك القوى أن تحسم نتائج الإنتخابات الأخيرة وسابقاتها, على الشكل الذي أرادته, وعلى الشكل الذي توقعناه, مستعملة كل الوسائل ومختلف السبل, فالعراق هو الدجاجة التي تبيض ذهبا, وليس من المتوقع مطلقا من القوى المهيمنة عليه, ومن إيران المستفيدة منه إلى أقصى حد, أن تتخلى عن السلطة فيه إكراما لعيون الديمقراطية.
إذا كان أصحاب الحسابات التسطيحية قد حسبوها لنا بطريقة تُحَمّلنا نحن الذين دعونا إلى المقاطعة سبب نقص عدد ممثليهم في البرلمان, وكان ذلك قبل الانتخابات, فلماذا نراهم يصرون على أن دعوتهم كانت هي الصائبة حتى بعد المهازل التي رافقت الانتخابات الأخيرة, وهي إنتخابات كانت قد جرت على قاعدة (تريد أرنب خذ أرنب تريد غزال خذ أرنب).
لماذا لا يذهب هؤلاء المثقفون المتنورون إلى ساحة التحرير في بغداد وإلى ساحة الحبوبي في ذي قار وإلى الجوار من مبنى محافظة البصرة وإلى إلى .. لكي يشجعوا عراة الصدور هناك على إحترام الديمقراطية و إنتظار فرصة أن يحصلوا بالمشمش على حقوقهم من خلال صناديق الإقتراع.
إن هؤلاء المتفضين الأفذاذ يؤكدون بثورتهم السلمية أنهم الأنصار الحقيقيون للديمقراطية وإنهم لم يخرجوا إلا لغرض إصلاحها,بعد أن تأكد لهم أن ديمقراطية المليشيات لا يمكن لها حتى لألف سنة قادمة أن تسمح بوصول غير العدد الذي يصلح لمكيجة النظام الطائفي الفاسد والعميل.
والحال إن المقاطعة كانت قد أعطت ثمارها الحقيقية حينما وضعت في يد المتظاهرين وثيقة للتأكيد على لاشرعية النظام الحالي من خلال التشكيك بشرعية الإنتخابات الأخيرة كون نسبة المشاركين فيها كانت نسبة قليلة جدا ونسب التزوير فيها كانت عالية جدا.
وفي حقيقة الحال لم تكن المقاطعة موجهة ضد الديمقراطية وإنما كانت ممارسة ديمقراطية بحق لأنها كانت إستفتاء شعبيا على النظام, فالذين كانوا يطمعون بزيادة عدد مقاعدهم في مجلس النواب تحت مسمى (التجمع الديمقراطي المدني) كان لهم حق التطلع ذاك ربما قبل الإنتخابات الأخيرة.
لكن السنين السابقة كانت قد أكدت أن القوى الميليشياوية صارت تعض على السلطة بأسنان, قواطعها دستور مهين لكرامة الوطن والمجتمع, ورحاها قوانين ومؤسسات إنتخابيه كانت قد تمت سباكتها على طريقة (تريد أرنب تأخذ أرنب وتريد غزال تأخذ أرنب).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي يحذر من خطورة عمليات إسرائيل في رفح| #مراسلو_سكاي


.. حزب الله يسقط أكبر وأغلى مسيرة إسرائيلية جنوبي لبنان




.. أمير الكويت يعيّن وليا للعهد


.. وزير الدفاع التركي: لن نسحب قواتنا من شمال سوريا إلا بعد ضما




.. كيف ستتعامل حماس مع المقترح الذي أعلن عنه بايدن في خطابه؟