الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إميل حبيبي.. فلسطيني منفي عن إبداعه

نائل الطوخي

2006 / 5 / 28
الادب والفن


رفضت أن أراه باعتباره شخصا, إميل حبيبي, رجل السلام الذي جاء إلي مهتما بما يحدث, و أصررت علي التوجه إليه باعتباره ممثل الأقلية العربية في إسرائيل و التي خرج مخرب من بينها و قتلنا.
هكذا يقول ليفي أمنون عن حوار أجراه مع الكاتب الفلسطيني الكبير إميل حبيبي, و الذي تمر هذه الأيام ذكري وفاته العاشرة, و في إطارها مؤخرا أعلن عن إطلاق اسمه علي شارع من شوارع حيفا و طبع أعماله الكاملة في نسخة فلسطينية محلية. لم ير أمنون إميل حبيبي و إنما رأي فيه المجتمع العربي الذي جاء منه. ليس فقط أن اختلافه قد تحطم هنا, و تم البحث عن إطار صارم يعلب فيه, بل أيضا إبداعه, ففي مقالته المنشورة في يديعوت أحرونوت الإسرائيلية, لا يهتم أمنون مطلقا بكون حبيبي كاتبا فلسطينيا, و إنما يكون في أفضل حالاته رجل سلام. و المقالة المعنونة بسامحني يا إميل لا تعتذر عن خطأ نسيان إبداعه و إنما عن خطأ نسيان فرديته السياسية. وفق هذا الخط يمكننا أن نلاحظ, عبر استخدام أي محرك للبحث, أن معظم المواقع العبرية التي تتحدث عن حبيبي لا تهتم بإبداعه, فليس من مقالة نقدية هامة عنه, و لا تحليل لأعماله, هناك فقط ذكريات شخصية قليلة, و هناك الكثير من رؤيته في إطار الأقلية العربية التي يمثلها. في النهاية, ليس هذا خطأ, أو أنه خطأ ليس كبيرا بما يكفي لإدانته, في ظل دولة لا تعرف أي شيء عن الآخر و احترامه بوصفه إنسانا, يتم هنا حصر الحديث في عضو الكنيست العربي الذي رفضه العرب و اليهود علي حد سواء. يقول البروفيسور يوسي شفارتس في موقع حاجز اليساري:
ليس من شك في أن إميل حبيبي مبدع كبير, إلي جانب مبدعين وشعراء فلسطينيين آخرين حصلوا علي شهرة عالمية مثل غسان كنفاني, محمود درويش و سميح القاسم, و لكن من الناحية السياسية ينبغي الإشارة إلي أن كتابته الأدبية تفوق بمراحل إسهامه السياسي. هكذا يبدأ شفارتس حديثه بالقيمة الأدبية الهائلة لأعمال حبيبي و لا يعود إليها مرة أخري, كأنها ضريبة تمت تأديتها, في النقاش, النقاش الذي يحتدم بينه و بين قارئ آخر يتهمه بتجاهل الحديث عن الأدب, و ينتهي بأن كليهما لم يقرأ حبيبي, فيما عدا ترجمة رواية المتشائل الشهيرة. هذا بينما يدور في نفس الموقع نقاش آخر حول دور حبيبي في حزب ماكي, و هو الحزب الشيوعي الإسرائيلي, و هل كان هو المساهم الأول في بناءه أم لا, و حول انصياعه لأوامر الحزب الشيوعي السوفيتي برئاسة ستالين أو تمرده عليها. سواء هنا أو هناك, يبدو هناك تعاطف مع حبيبي في هذا الموقع اليساري, تعاطف مشروط بعدم التطرق للجانب الإبداعي له, أي أن الأمر يحتم رؤيته وسط مجموع, في سياق ما خارج الكتابة, و هو ما فعله أمنون أيضا, رآه جزءا من العرب الذين يقتلون الإسرائيليين, و لا يمكن أن يخرج عنهم ليكون رجل سلام.
في نموذج أكثر تطرفا يقوم البروفيسور أوري شتندل بتحليل دور عرب إسرائيل في دراسة معنونة بعرب إسرائيل بين المطرقة و السندان. يتحول إميل حبيبي في الدراسة إلي الرجل الأقوي بين أعضاء الحزب الشيوعي الإسرائيلي , المحارب الغاضب لأجل تحقيق أهدافه, و في هامش يقدم فيه البروفيسور الكاتب العربي الكبير لا تذكر كلمة عن كونه كاتبا: إميل حبيبي, البروتستانتي المولود في حيفا, نشر الإعلان التاريخي الذي صدق علي التقسيم القومي في الحزب الشيوعي بإدانته الحادة لأساليب أعضاءه اليهود. بعدها ترك قائده ليشارك في إقامة الرابطة. كذلك ترأس نادي الشعب و هو منظمة للمثقفين اليساريين. في نهاية طريقه السياسي اصطدم مع قيادة القائمة الشيوعية الموحدة و التي برزت في الثمانينيات و تحول إلي عنصر معارض حتي تم إبعاده مع مؤيديه بعد انتخابات الكنيست الثانية عشرة. لا يمكن أن يطلب من مقال سياسي أن يهتم بالأدب, و لكن علي الأقل فكلمة كاتب إن وضعت في هامش يعرف بحبيبي ستكون ضرورية هنا, و إذا كانت كل المقالات التي تهتم بإميل حبيبي لا تنظر إلي كتابته نهائيا, فإن هذا يشير إلي وعي قوي, صهيوني بالأساس, يقسم الناس بحسب أصولهم التي جاءوا منها, و يحطم اختلافاتهم بقوة, كذلك يرفض رؤية أي إبداع لدي العرب, فهم يصبحون في أحسن الأحوال أقلية تطالب بحقوقها.
شيء قريب من هذا يحدث في فيلم أخرجته الإسرائيلية داليا كربل عن إميل حبيبي, فيه يحكي إميل حبيبي عن فكرة ألمته طوال حياته هل هو متعاون؟ و ينهي كلامه بالقول: لا. لست متعاونا. و لكن من المشروع أن يكون هناك عرب, و بل و يهود, متطرفون, سيرونني متعاونا. يحكي حبيبي, و هو عضو الكنيست الشهير, عن وضعه كعربي في إسرائيل, في حيفا التي طلب أن يدفن فيها. يتم هنا النظر إلي حبيبي كممثل للعرب في إسرائيل فحسب, و يستجيب هو كذلك لهذا, في الدولة التي تعلم من يعيشون فيها أن يعموا عن الفروق الفردية بينهم, ألا يروا إلا الفروق الإثنية في دولة الطوائف تلك. علي العموم فداني روبنشتاين, و هو الناقد السينمائي في هاآرتس, يحل معضلة حبيبي هذه بقوله عن فيلم محمد بكري من يوم ما رحت و المهدي لإميل حبيبي:
غرست المونولوجات الشهيرة للممثل محمد بكري في فيلمه المأخوذ عن رواية حبيبي المعروفة المتشائل في وعي سكان رام الله و نابلس العالم الإشكالي لعرب 48 , كما يسمونهم. و باستثناء الأحاديث التي تقال علي النواصي فإن أحدا لا يعتبرهم متعاونين.
ليس فقط أن روبنشتاين هنا يقوم بتشجيع العرب علي الانخراط في العملية السياسية لدولة إسرائيل, العملية السياسية التي تدعو قطاعات من اليسار الإسرائيلي, عربا ويهودا, إلي الامتناع عنها. بل ثم أيضا مشكلة جمالية: لا يصبح من دور لرواية المتشائل سوي غرس الوعي لدي العرب الذين يعيشون في الأراضي المحتلة, لا تكون الرواية مفتتحا جديدا لأسلوب القص و لا تطويرا لأساليب قديمة, مثل المقامة بالأساس, في إطار قص حداثي تماما, لا يصبح للرواية هنا من دور إلا دور الإذاعة الموجهة, و حتي و إن تم إطلاق اسم إميل حبيبي علي شارع من شوارع مسقط رأسه, حيفا, كما أعلن رئيس بلديتها ، المحامي يونا ياهف، في الأمسية الخاصة عن إميل حبيبي و المقامة في نفس البلدة, فإن هذا سيكون مثيرا للتوقعات, أي إميل حبيبي سيطلق اسمه علي الشارع و سيلتصق اسمه بذاكرة الناس, المبدع الخلاق أم عضو الكنيست, الممثل للأقلية العربية الملعونة التي خرج مخرب من بينها و قتلنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي


.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-




.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر


.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب




.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند