الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا سلمية التظاهر؟

إبراهيم ميزر الخميسي

2019 / 12 / 17
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


لأنها الطريقة الديمقراطية والحضارية للتعبير عن ما يريده الناس من اصلاحات وتغيير. إضافة الى ان الدستور يقر ذلك أيضاً. كما ان التظاهر السلمي يمنح الفرصة لأعداد متزايدة من الجماهير للتعرف على المشاركين في التظاهرات وعلى مطاليبهم، وبالتالي يمكن ان ينضموا اليهم. وهي فرصة لا تعوض لكي تنطلق خلالها فعاليات ثقافية، فنية واجتماعية متنوعة، تجذب بعض شرائح المجتمع، حيث يشعرون انهم بحاجة روحية لها. وفي ساحات التظاهر تنشأ علاقات جديدة وحميمية بين الناس، ويشعرون بعضد بعضهم الآخر مما يزيد من قوتهم. وخير مثال على ذلك ما يحدث في ساحة التحرير وسوح النضال في المدن العراقية . في هذه الساحات تجد مجتمعات مصغرة تربطها أسمى أنواع العلاقات الإنسانية، وتكفي الإشارة هنا الى انعدام التحرش بالنساء وتقدير دورهن الرائع واعتبارهن أخوات وأمهات؛ الأمر الذي ساعد على اشتراك المرأة بكل جدارة في هذه التظاهرات التي عكست الوجه المشرق لبلد الحضارات الأولى!
وسلمية المظاهرات والتجمعات تعطي امكانية كبيرة للحوار والمناقشات وتبادل الأفكار وكسر العوائق المصطنعة بين مختلف فئات وشرائح المجتمع، الأمر الذي يفتح أفاقاً لزيادة الوعي وتطويره والإستفادة من مختلف الخبرات المتواجدة في الساحة. وقد شاهدنا المحاضرات والمداخلات حول الدستور وغيره من الأمور المهمة في ساحة التحرير، مثلاً.
يسمح التظاهر السلمي بإبراز الطاقات الخلاقة للشبيبة، ويمنحهم الوقت ليمارسوا ويطوروا على أرض الواقع أشكال نضالية جديدة تساهم في تصاعد كفاحهم السلمي ليأخذ مدايات أرقى وأوسع. وقد حقق شباب العراق وشاباته أروع الإنتصارات في هذا الشأن، حيث تشترك اليوم في ساحات التظاهر عشرات أو مئات الألوف من بنات وابناء الشعب، مصممين على نيل مطاليبهم العادلة والمشروعة. وتشير الأحداث الى ان اعداد المنتفضين في تزايد مستمر وفي طريقها الى المليونية، كما بدأ التعاطف الدولي يزداد شيئاً فشيئاً مع قضية شعبنا.
وفي مثل هذه التظاهرات يكتسب التنسيق والتنظيم ووضوح الأهداف، التي تتظاهر الجماهير من أجلها، أهمية بالغة لديمومة الحراك الجماهيري. وعلى الحراك الإستفادة من كل جهد ينسجم مع أهداف المتظاهرين، ومحاولة تحييد أكبر قدر من جهات قد يكون لها قدم هنا وآخر هناك، وبذلك يكون التركيز على المطالب المهمة أكبر وأوضح، وفي نفس الوقت يؤدي ذلك الى تضييق المجال الذي يتحرك فيه الفاسدون الطائفيون، الذين بيدهم السلطة وأدوات القمع.
وعندما تتعاظم التظاهرات وتصل أعداد المشتركين فيها الى الملايين، ستصبح قوة التظاهر السلمي عصية على الإنكسار، وتغرق في بحر الجموع السلمية كل أنواع الأسلحة، ولن يستطيع أحد الوقوف أمام السيل الجماهيري الجارف. وسيساعد ذلك على انجذاب فئات مختلفة الى جانب الشعب، بعد ان تتخطى ترددها.
كما يمكن ان يأخذ النضال السلمي أشكالاً أخرى كالإضرابات العامة والعصيان المدني السلمي، الذي يتعب السلطات الدكتاتورية والدموية ويصل بالجماهير الى تحقيق مطالبها.
ولهذا يخشى الفاسدون والمتسلطون من سلمية التظاهر، ويحاولون بشتى الطرق حرفها عن هذا الطريق مستخدمين كل ما لديهم من امكانيات المال والسلاح ووسائل الإعلام، إضافة الى القتل والإغتيال والخطف والتهديد والتعذيب وأساليب الإندساس ومحاولة خلط الأوراق والأمور ليبدو كل شيء معقد ومرتبك.
هم يرتعبون من امكانية ان تنخرط في التظاهر السلمي الجماهير المليونية، لذلك يحاولون بكل ما أتوا من قوة ومكر وخداع تحويل وجهة الجماهير الى حمل السلاح لتكون فرصتهم الذهبية لكسر ارادة المنتفضين قبل ان تتعاظم وتكون قوة جبارة. لذلك ينبغي عدم منحهم هذه الفرصة ليوقعوا خسائر كبيرة في صفوف المتظاهرين لعدم تكافيء القوى، فهم يملكون كل أدوات الدولة القمعية، بينما ليس للشباب غير صدورهم العارية!
يمكن الإستنتاج من ذلك ان الخسائر أقل بكثير في حالة استمرار وتعاظم السلمية، كما ان النصر أكبر احتمال بكثير!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع