الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرائة دستورية لأزمة التكليف الرئاسية

أسعد تركي سواري
مفكر إستراتيجي

2019 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


1 - كنا قد حذرنا من دخول العراق في عدة متاهات ، في حالة إقالة الحكومة العراقية ، وقلنا ماقاله المثل الشعبي ( سلة العنب أهم من قتل الناطور ) ، فالمهم التعديل الدستوري ، والنظام الإنتخابي العادل ، والمفوضية المستقلة ، ويمكن لهذه الحكومة تحقيق ذلك تحت الضغط الجماهيري السلمي الكثيف والمرجعي الشديد ، وها قد بدأت بمتاهة أزمة التكليف الجديد لرئيس مجلس الوزراء ، ولكن ما يمكن إفادته من هذه المتاهات والأزمات ، هو إنتاج سوابق قضائية بصيغة تفسيرات من المحكمة الإتحادية ، لترميم النواقص الدستورية ، أو تلمس مواطن الضعف الدستوري الذي يتجلى عند كل أزمة سياسية ، وتلافي تلك النواقص والمطبات في التعديلات الدستورية القادمة .

٢ - درجت اللغة الدستورية على إعتماد مصطلح ( خلو المنصب ) لتضمنه الإشارة إلى حالات الموت والإستقالة والإقالة والأسر والعجز عن الأداء الوظيفي ، وبذلك يمكن الإرتكان إلى المادة ( ٨١ ) أولا ، من الدستور العراقي لعام ٢٠٠٥ ، لا سيما مع قرينة تذييل النص الدستوري بعبارة ( لأي سبب كان ) ، إذ تنص المادة الدستورية آنفة الذكر على أنه (( يقوم رئيس الجمهورية مقام رئيس مجلس الوزراء ، عند خلو المنصب لأي سبب كان )) ، ولكن البند ثانيا من المادة الدستورية ذاتها ، يوجب الإحتكام إلى المادة ( ٧٦ ) من الدستور لرسم خطوات التكليف لرئيس مجلس الوزراء الجديد .

٣ - أوجبت المادة الدستورية ( ٧٦ ) على رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة البرلمانية الأكبر ، إذ تنص في البند أولا على أنه (( يكلف رئيس الجمهورية ، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا ، بتشكيل مجلس الوزراء ، خلال خمسة عشر يوما ، من تاريخ إنتخاب رئيس الجمهورية )) ،
ومع أن البند ( ثالثا ) ، والبند ( خامسا ) من المادة ( ٧٦ ) ذاتها ، قد أوجبا على رئيس الجمهورية ، تكليف مرشح جديد ، في حالة إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة ، وحالة عدم نيل الوزارة ثقة البرلمان ، من دون أن يشترط النص الدستوري في البندين ( ثالثا ) ، و( خامسا ) على رئيس الجمهورية في أن يكون المكلف الجديد مرشحا من الكتلة النيابية الأكبر ، إلا أنه من البديهيات المطوية في الفقه الدستوري ، أن تكون المادة الدستورية السابقة حاكمة على المادة الدستورية اللاحقة ، مالم يرد نصا صريحا خلاف ذلك ، وبذلك قطعا سيكون البند ( أولا ) حاكما على البندين ( ثالثا ) و ( خامسا ) ، بما يوجب على رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة النيابية الأكبر .

٤ - بعدما تقدم نصل إلى إشكالية توصيف الكتلة النيابية الأكبر ، وهنا لا بد من الرجوع إلى تفسير المحكمة الإتحادية الذي أجاب على إشكالية توصيفها حينما تردد بأنها الكتلة التي فازت بالإنتخابات ، أم الكتلة التي تشكلت بعد المصادقة على النتائج وترديد اليمين الدستوري للنواب ، فجاء جواب المحكمة الإتحادية ب:
(( أنها الكتلة التي تُشكل داخل قبة البرلمان في الجلسة الاولى واذ لم تُعلن فيُصار الى الكتلة الفائزة بأكبر عددٍ في الانتخابات) ) ، وبذلك يمكن القول بأنه يتوجب على رئيس الجمهورية تكليف الكتلة النيابية التي تعلن الآن عبر جمع تواقيع النواب المتوافقين على مرشح جديد لرئاسة مجلس الوزراء ، وفي حالة عدم إعلان تلك الكتلة ، يتوجب الرجوع إلى الكتلة البرلمانية التي حصلت على أعلى المقاعد النيابية لحظة إعلان النتائج ، وفي حالة تخلي تلك الكتلة البرلمانية عن ترشيح مكلف جديد تنصلا من المسؤولية في هذا الظرف الدقيق والحرج ، يتوجب الرجوع إلى الكتلة البرلمانية التي تليها في عدد المقاعد النيابية لحظة إعلان النتائج .

حفظ الله تعالى العراق العظيم وشعبه الكريم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى