الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الإلتباس الى الوضوح : الأردن وإسرائيل علاقات في أسوأ أحوالها .

ميساء المصري
(Mayssa Almasri)

2019 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


يقول المثل العربي أنه رجل يعرف من أين تؤكل الكتف ..بالمقابل هنالك حالة مرضية مؤلمة جدا لصاحبها تعرف بما يسمى جمود الكتف ..تصل بالمصاب الى درجة لا يستطيع بها ممارسة حياته العملية, فهو نمط غريب من التكلس في المفاصل...يشبه تماما ما يسمى بالتكلس السياسي والجمود الإقتصادي الذي يؤدي الى تآكل الدولة .

ومع الحديث عن التآكل يحضرني تصريح وزيرة الطاقة الأردنية عن إكتشاف حقل نفطي بقيمة إنتاج تصل الى حوالي 3 ملايين قدم مكعب يوميا. وقد سمته الوزيرة (بالإنجاز) الذي يسجل لشركة البترول الوطنية الأردنية.مع أنه في عرف القطاع النفطي لا يعترف بهذه الكمية كرافد إقتصادي وتتخذ إجراءات بإغلاق البئر, لكننا هنا نتحدث عن واقع الأردن المختلف, خاصة وأن الوزيرة لم تفيدنا بمعلومات عن الحقل وآباره من حيث الضغط، الحرارة، العمق وأكبر كمية يمكن أنتاجها AOF وهل هناك دراسة عن تناقص ضغط البئر مع الزمن؟؟ ومدى الأستفادة ؟.

وبعيدا عن التصريحات ,أرفض أن أسلم بأن الأردن يخلو من النفط أو الغاز المتوفر خاصة وكافة الدول المحيطة به غارقه في بحره. لكن نفهم سياسة التعمد بإبقاء ثرواتنا دفينة وإدمان المساعدات ، وبيع حقوق إستثمار المكتشف منها بسعر زهيد وفي صفقات غريبة كما جرى للبوتاس والفوسفات. أو الكهرباء التي بيعت شركاتها الرابحة. وربما هنا نعي مدى ربط هذه المصادر بسياسة الدولة والتحكم بها وتفريغها. وهذا ما ستفعله بنا حتما إسرائيل إن أصبحت مزودنا بالغاز.
صفقة الغاز الإسرائيلي أكثر صفقة إتسمت بالغموض والمواربة ، صرح أننا سندفع مليار دولار سنويا ثمنا للغاز الذي سنولد به 20 بالمئة من حاجتنا للكهرباء! وهذا المبلغ يخضع للتغيرات العالمية والقيمة السوقية لسعر برميل النفط ، والإتفاقية تتحدث عن حوالي 15 مليار دولار لمدة تراوح من 10 ألى 12 سنة. و في حال تعثرت الشركة الأردنية في الدفع أو تنفيذ إتفاق شراء الغاز، ستحول واشنطن جزء من أموال المساعدة الأمريكية للأردن إلى إسرائيل , لا بل ينص الإتفاق على أنه في حال اكتشف الأردن حقول غاز او نفط ، فهو لا يستطيع خفض معدل الشراء من "إسرائيل" لأكثر من 20 في المئة، كما أن عمان لا تستطيع الإنسحاب من إتفاق الغاز، وفي حال رغبت في ذلك، عليها دفع غرامة تصل إلى 1.5 مليار دولار، إذا تم الإنهاء في السنوات الخمسة الأولى؛ و800 مليون دولار بين 5 - 10 سنوات، و400 مليون دولار بعد السنة العاشرة.
ولا نغفل هنا ان من يسدد ذلك دافعي الضرائب الأردنيين ومستهلكين وزبائن الكهرباء والذين سيدعمون خزانة إسرائيل بشكل مباشر ، وكذلك إحتلالها العسكري للأرضي الفلسطينية.
وكون الإتفاقية تخدم العدو نشير هنا الى ان الدستور الأردني في المادة 32 ينص على : المعاهدات والإتفاقيات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات أو مساس في حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة، ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو إتفاق ما مناقضة للشروط العلنية.
ومن هنا أنطلق من الإعلان الملكي الصريح والواضح بعد سلسلة أزمات من المعتقلين الأردنيين وأراضي الباقورة والغمروالمتسلل اليهودي وضم الأغوار حتى صفقة المياه , بأن العلاقات مع اسرائيل " بأسوأ أحوالها "مما يجعلنا في تساؤل عن العد التنازلي لصفقة الغاز الإسرائيلية التي يرفضها الشارع و مجلس النواب .
لكن الحقائق على أرض الواقع مختلفة أولها مساعدات بقيمة مليار دولار من الولايات المتحدة الأمريكية ونصف مليار من الإتحاد الأوروبي و 300 مليون من الإمارات و في أقل من أسبوع !.

ثم تقرالحكومة الأردنية مخصصات في موازنتها 2020 المقدمة لمجلس النواب بقيمة نحو 8 ملايين دينار أردني لغايات صفقة الغاز، وظهور الأردن كشريك إقليمي بعد قرارها الإنضمام لنادي غاز شرق المتوسط الذي ترعاه مصر وتنافس به تركيا بعد قرارها بشأن ليبيا وترسيم الحدود البحرية.
ومع ما يشهده إقليم الشرق الأوسط من تحالفات يريد الأردن إيجاد موضع وموطئ قدم قد لا يكون في صالحنا , خاصة مع تحالفات خليجية مصرية حول دول شمال إفريقيا من تونس وليبيا والمغرب , أو ما يخص صفقة القرن وما يدور حول نقل الوصايا على المقدسات الى السعودية , وما تدبره إسرائيل والمغرب من حصة مغربية كذلك , أو حتى ما تلعبه الأن تركيا من إيقاف تسلسل في تولي القيادات الفلسطينية .وربما هنا يجب أن نشير الى الإعلام الصهيوني الذي يكتب أن الأردن لا يستطيع أن يكون شرسا لكنه صديق مخلص . وهذه المقولة يجب ان نقف عندها مطولا أمام التعنت الإسرائيلي , وعند إتخاذ القرارات , ونتأكد أن في جعبتنا أدوات رابحة نستطيع إستخدامها كأدوات ضغط اذا أردنا تغيير المعادلة لا المزاج الشعبي أو ما يسمى بالضغوط الدولية والعربية.
ولا يشمل القرار هنا صفقة الغاز بل يتعداه الى ما هو أخطر مثل مشروع مطارتمناع بالقرب من مطار الملك حسين الدولي في العقبة والذي يخالف إتفاقية شيكاغو 1944، ومتطلبات السلامة العامة, وكذلك مشروع (سكة حديد السلام) من حيفا حتى مسقط , أو مشروع (قناة السلام قناة البحر الميت /الأحمر) . او كما تقول الصحافة الإسرائيلية ان الأردن ممر جيد لخضار الكيبوتسات نحو الرياض ومدن الخليج ، ومع عملية التطبيع ربما سيتم إزالة الملصقات الإسرائيلية عن المنتجات العابرة من الأردن نحو الخليج العربي.وربما تأتي الان المنافسة الخليجية كذلك في ميناء حيفا الاستراتيجي.
و بهذه الصورة، هنالك أمور أساسية للتعامل مع الكيان الصهيوني . لكن المشهد معقد ضبابي خاصة بتحديد المعيار الاقتصادي في الأردن والذي تجاوز الخطوط من مديونية وبطالة في خانة رقمين وإنكار الحكومة لمعادلة ان المساعدات الخارجية لا يمكن أن تحل محل الإقتصاد وكذلك المعيار السياسي الذي يزداد تذبذبا .
لذلك مع الوقت ستصبح المطالب الشعبية خيارا شديد الصعوبة، فالعلاقات الإسرائيلية في أسوأ احوالها اليوم ليست ضمن معتقلين او سياحة دينية فقط ، بل ستكون عما قريب ضمن الكهرباء والمياه في بيوت الأردنيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الحالة الرابعة لنزع حجاب المتظاهرات.. هل تتعمده الشرطة ا


.. استشهاد طفلين وإصابة آخرين إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا




.. طلاب جامعة بيرزيت يطردون السفير الألماني من المتحف الفلسطيني


.. نتنياهو: سنواصل الحرب حتى تحقيق أهدافها كافة بما في ذلك تنفي




.. باتيل: إذا لزم الأمر سنحاسب مرتكبي الجرائم بقطاع غزة