الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقدة الانتخابات الفلسطينية لا تكمن فقط في الممانعة الإسرائيلية

إبراهيم ابراش

2019 / 12 / 18
القضية الفلسطينية


المشهد السياسي الفلسطيني في جانبه المتعلق بالانتخابات يشي أو يوحي وكأن إشكال الانتخابات قد حُل وطنياً وأن الكرة في ملعب إسرائيل لتوافق على مشاركة المقدسيين في الانتخابات في مدينة القدس ،بل إن حركة حماس التي كانت متَهَمة برفض الانتخابات أو التهرب منها أصبحت وكأنها الأكثر حرصا على أجراء الانتخابات بل وتتهم الرئيس والذي دعا بداية للانتخابات بأنه يتهرب من الانتخابات ومن إصدار مرسوم رئاسي بشأنها بذريعة انتظار الموافقة الإسرائيلية !.
نأمل بداية أن تكون الموافقات الحزبية على الانتخابات تعبيراً عن نية صادقة بإجرائها والالتزام بنتائجها ،كما نتمنى أن تكون الموافقة تعبيراً عن إرادة وطنية خالصة وليس انصياعاً لمطالب خارجية لها علاقة بتسوية قادمة تتطلب تجديد وتحديد الشرعيات التي ستكون طرفاً رسمياً في صفقة القرن ،هذه الصفقة ومن خلال ما تسرب منها أخيراً ستتعامل مع عنوانين للشعب الفلسطيني ،واحد في غزة والآخر في الضفة ،وحتى إن نجحت الانتخابات في توحيد النظام السياسي في الضفة وغزة ،وهذا ما نستبعده إلا في سياق تسوية سياسية ومصالحة وطنية ترضى عنهما إسرائيل ،فإن صفقة القرن ومن ورائها واشنطن ستتعامل أيضا مع عنوانين أو شرعيتين ،واحدة تمثل فلسطينيي الضفة وغزة وهي التي ستفرزها صناديق الانتخابات والأخرى تمثل كل الشعب في الداخل وفي الشتات وهي منظمة التحرير ،لأن تسوية أو تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي تحتاج لموافقة من يمثل الشعب دولياً وقد تستغني الصفقة عن العنوان الثاني –منظمة التحرير الفلسطينية-إن تجاوب العنوان الأول مع كامل شروط التسوية ،وقد لاحظنا أن كثيرا من مشتملات الصفقة يتم تطبيقها فعليا دون أخذ موافقة أي طرف فلسطيني .
بالعودة للانتخابات وانتظار الموافقة الإسرائيلية ،يبدو أن تعطيل صدور المرسوم الرئاسي إلى حين أخذ موافقة إسرائيلية وربط إجراء الانتخابات بهذه الموافقة يطرح أكثر من سؤال منها :ماذا لو رفضت إسرائيل إجراء الانتخابات في القدس هل سيتم التراجع عن الانتخابات وبقاء الأمور على حالها ؟ وهل عند القيادة خطة بديلة لتجديد الشرعيات وإنهاء الانقسام وإعادة توحيد النظام السياسي بعيداً عن الرغبوية الأمريكية وعن الشرط الإسرائيلي ؟وماذا لو وافقت إسرائيل على إجراء الانتخابات في القدس ؟.
لو صحت توقعاتنا التي عبرنا عنها مباشرة بعد خطاب الرئيس في الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي دعا فيها لإجراء الانتخابات حيث قلنا بأن الدعوة للانتخابات جاءت بطلب أمريكي أوروبي للتمهيد لتمرير صفقة القرن ،في هذه الحالة فإن اشتراط القيادة الموافقة الإسرائيلية المسبقة قد يكون محاولة للتهرب من انتخابات خارج السياق الوطني وترمي لتمرير صفقة القرن ،ولكن هذه المحاولة وهذا التفسير قد يبدوان غير مقنعين لأن إسرائيل لن تقف في مواجهة انتخابات تعلم أنها جزء من صفقة القرن ومخرجاتها تخدم مصالحها ،وبالتالي نتوقع أن توافق إسرائيل على إجراء الانتخابات في القدس وهي لن تعدم الوسيلة لتجعل انتخابات المقدسيين تخدم مخططاتها لتهويد القدس .
هناك تفسير آخر لتأجيل صدور المرسوم الرئاسي وهو أن القيادة الفلسطينية تعرف أن إسرائيل ستوافق في النهاية على إجراء الانتخابات بشروطها ،والقيادة الفلسطينية تريد التخفيف من هذه الشروط وإشراك الأوروبيين في الأمر لضمان عدم تلاعب إسرائيل وتهربها في آخر لحظة ،وربما أن القيادة تعلم بموافقة إسرائيل في النهاية ولكنها تريد أن تجعل من هذه الموافقة وكأنها انتصار لها .
في اعتقادنا أن إشكال أو عقدة الانتخابات لا تكمن في الموقف الإسرائيلي من الانتخابات فقط بل في تخوفات عند القيادة من إجراء انتخابات في ظل عدم نضوج الوضع الفلسطيني الداخلي بما في ذلك حزب السلطة "حركة فتح " للانتخابات سواء التشريعية أو الرئاسية ،وما يعزز هذه التخوفات التحركات المكثفة لقيادة حماس لإنجاز هدنة طويلة المدى وما يُشاع من أخبار عن حلول استراتيجية لمشاكل غزة بمعزل عن السلطة ومنظمة التحرير ،أيضاً استمرار التراشق الإعلامي والاتهامات المتبادلة بين الطرفين .
وبالعودة لموقف إسرائيل من الانتخابات ،لا نستبعد أن تسمح إسرائيل للمقدسيين المشاركة في الانتخابات ،وليس صحيحاً أن مشاركة المقدسيين يعني التشكيك في السيادة الإسرائيلية على القدس والتي يرفضها الفلسطينيون والعالم ، أو امتداد الولاية الفلسطينية لمدينة القدس ،فالأمر سيكون مشابها للكيفية التي يشارك فيها مواطنو أية دولة مقيمون في الخارج في انتخابات تجري في بلدهم الأم ,مثلا مشاركة التونسيين المقيمين في فرنسا بالانتخابات التشريعية أو الرئاسية في تونس لا يعني التشكيك بالسيادة الفرنسية ،وما قد يدفع إسرائيل للموافقة أن غالبية الفلسطينيين المقدسيين يحملون بطاقة إقامة في القدس ،كما من مصلحة إسرائيل وفي سياق سياستها لتهويد القدس والتخلص من الفلسطينيين فيها أن تحول ولاء المقدسيين للسلطة أو للأردن في مراهنة منها أن يساعد ذلك على ترحيلهم طوعاً أو بالإكراه ،أيضا فإن وضع مدينة القدس حسب خطة الطريق أنها مكانا مشتركا للفلسطينيين والإسرائيليين ،وبالتأكيد ستضع إسرائيل شروط ومحددات حتى تجري الانتخابات ،منها أن تكون تحت إشراف مراقبين دوليين .
وأخيرا فإن تأجيل صدور المرسوم الرئاسي حول الانتخابات وبغض النظر عن مسبباته سواء تعلق الأمر بالأسباب التي أشرنا إليها أعلاه أو بما له علاقة بالوضع السياسي غير المستقر في إسرائيل وبوضع ترامب غير المستقر في الرئاسة الأمريكية ،هذا التأجيل قد يكون فرصة لتعيد كل الأطراف مراجعة مواقفها وحساباتها والبحث عن حلول إبداعية لإنقاذ الحالة الوطنية سواء بالانتخابات أو بدونها ،وخصوصا أن دول العالم وعلى رأسها الدول العربية والإسلامية لم تعد تُرهن مواقفها وسياساتها تجاه الصراع في المنطقة وتجاه خطة خارطة الطريق بالمهاترات والمناكفات الفلسطينية الداخلية حول الانتخابات وحول الانقسام ،وهي في النهاية ستجد في غياب التوافق الفلسطيني ذريعة للتجاوب مع الضغوط أو الإغراءات التي تجابهها للموافقة على صفقة القرن ،أو إدارة الظهر للفلسطينيين الذين لا يعرفون مصالحهم الوطنية من وجهة نظرها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كا?س العالم للرياضات الا?لكترونية مع تركي وعلاء ???? | 1v1 ب


.. فـرنـسـا: أي اسـتـراتـيـجـيـة أمـام الـتـجـمـع الـوطـنـي؟ •




.. إصابة عشرات الركاب بطائرة تعرضت لمطبات هوائية شديدة


.. حزب الله يحرّم الشمال على إسرائيل.. وتوقيت الحرب تحدّد! | #ا




.. أنقرة ودمشق .. أحداث -قيصري- تخلط أوراق التقارب.|#غرفة_الأخب