الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخف الوطني

كامل عباس

2006 / 5 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الخف الوطني
قصة قصيرة مهداة الى الصديق فاتح جاموس – فك الله أسره –

الحب ألوان وضروب , وليس بالضرورة ان يكون عشقا مبنيا على انفعالات ومشاعر وعواطف قد تتغير فجأة فتنقلب الى النقيض , إن حب الوطن مختلف عن ذلك , وهو ما برهن عليه صديقنا وعزيزنا وحبيب قلبنا عادل عبد اللطيف , لعادل طريقة خاصة به في حبه لوطنه , نبعت من صميم معاناته داخله , فهو ابن أسرة فقيرة في قرية متواضعة لا تبعد عن المدينة أكثر من ستة كيلو مترات , وقد تمكن أبوه من تامين مصدر إضافي للرزق غير الأرض بعمله آذنا في مدرسة القرية الابتدائية , وعلّم أبناؤه الذكور فنالوا جميعا الشهادة الثانوية , لكن عادل بضغطه نفقاته شجع أباه على تعليمه فأكمل دراسته الجامعية , يعرف أبناء القرية أن عادلا طيلة فترة المرحلة الثانوية كان يذهب الى مدرسته سيرا على الأقدام توفيرا للأجر , ويتذكرون كيف وافته الحمى مرة من جراء الإرهاق وإصراره على عدم ركوب السيارة تلك الفترة , منعا لأي ضعف تجاهها في السنوات القادمة , ومع ان المرض كلفه أكثر من الأجر طوال العام الا انه لم يندم على ما فعل فيما بعد .
تلك الحياة الخاصة جعلته يحلم بوطن قوي مقتدر يحقق كل الخير والطمأنينة لعماله وفلاحيه ومنتجيه ويحرم منها مستغليه , ومن أجل ذلك آلى على نفسه ألا يأكل او يشرب او يلبس الا مما تنتجه سواعد أبناؤه , يروي عنه اصدقاؤه الطرفة التالية , زار أحدهم فجأة فوجد عنده شلة من الأصدقاء متحلقين حول مائدة عامرة بالطعام والشراب , ومع ان عادلا لايدخن ,لكنه مع الشراب يمكن ان يدخن علبة كاملة في السهرة الواحدة , المشكلة أن أصدقاءه جميعا كانوا يدخنون تبغا أجنبيا (مالبورو ) وهو لايدخن الا التبغ الوطني (حمراء ) . بدأ بمحاضرة في الفلسفة عن ازدهار الوطن فيما لو سلك كل منهم مثله , تم إيقافها بتامين علبة حمراء من خارج المنزل . للإنصاف جميع أصدقاء عادل يحبونه ويحترمونه ولو اختلفوا معه .
كبر عادل وكبر معه في قلبه حب وطنه , وأصبح يفكر بتأليف قلوب أصدقائه ومعارفه في كل المحافظات السورية من اجل نهضة الوطن , وعادل يملك طاقة حركية غير عادية تتركز في قدميه يشهد بها العدو قبل الصديق , لطالما سببت له مشاكل مع أساتذته ظنا منهم انها شيطنة , ولكنهم بالنهاية تفهموا الحالة .
مشكلة عادل الجديدة هي في إيجاد خف ملائم لأصابع قدميه ينشطها بدلا من ان يثبطها , وقد اقترح عليه اصدقاؤه صرف جزء يسير من طاقته في التفتيش داخل محلات أحذية ( البالة ). فلابد ان يجد فيها خفا يلائم رحلاته المتعددة بين السهول والجبال والوديان , ثارت ثائرة عادل من هذا الاقتراح , فأحذية البالة علاوة عن أنها أجنبية مستوردة , فهي من مخلفات الأوروبيين ولا يليق بنا نحن الذين نفوقهم حضارة ان نحتذي نفاياتهم .
ولكنه أخذ من الاقتراح ما يوافق قناعاته فشرع بالتفتيش على خف وطني ذي جلد رقيق وناعم وطري , وقد وجده أخيرا في احد متاجر مؤسسة - باتا - للأحذية بدمشق ,
لكن الخف الجديد تكمش بأصابع قدميه وظن عادل ان ذلك من طبيعة الأمور في البداية , لا بل ان جودة الجلد تعرف من قساوته وخشونته أول انتعاله
جرت الرياح عكس ما تشتهي السفن , حتى وصلت الحالة حد ظهور كتل لحمية في قدميه تسمى - مسامير لحمية - أصبحت بحاجة الى عمل جراحي كي يستطيع مزاولة نشاطه السابق , ولقد ادخل المستشفى من اجل العلاج رغما عنه .
عزيزي القارئ شاركنا في الرأي وأدلي بدلوك . هل تعتقد ان صديقنا عادل سيخرج من المستشفى أكثر إصرارا على انتعال الخف الوطني ام أقل ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحذر من -صيف ساخن- في ظل التوتر على حدود لبنان | #غر


.. البيت الأبيض: إسرائيل وحماس وصلا إلى مرحلة متقدمة فى محادثات




.. تشاؤم إسرائيلي بشأن مفاوضات الهدنة وواشنطن تبدي تفاؤلا حذرا


.. هل يشهد لبنان صيفا ساخنا كما تحذر إسرائيل؟ أم تنجح الجهود ال




.. بسبب تهديد نتيناهو.. غزيون يفككون خيامهم استعدادا للنزوح من