الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطيب سالونيكا

عبدالرحمن حسن الصباغ

2019 / 12 / 20
كتابات ساخرة


حدثنا سلمان الفصيح عن الحكيم الكاوري بالكاف المعجمة عن عبدالرحمن الحالم قال قال في تلك السنة المليئة بالأخبار السيئة والحوادث المريرة في نهاية شهر حزيران من سنة ألفين وأثنين قررت أن أرتب حقيبتي الصغيرة وأغادر محل إقامتي الغربية إلى محطة شرقية فإخترت أثينا آلهة البحر العلية حصراً أصطاف بها شهراً شعباً عريقاً وبلداً عتيقاً عساني أمضي أياماً أهنأ بها بطراوة سواحل الجزر الأيونية فأمتع عيني بالمناظر الطبيعية وأتذوق المأكولات الأغريقية من سلطات فخمة الغارقة بالعصائر النومي حامضية والدهون الزيتونية وأسماك مشوية وفواكه وأخطبوطات بحرية وحلويات وبقلاوة عسلية، أعيش أمسيات زوربوية وأسهر مع موسيقى أوتار البوزوكي الشعبية.من الطائرة يبدو لك البلد بلدان أحدهما البحر والثاني يونان ....ومن المطار مباشرة للفندق بتكسي أحسن مادوخ رأسي .واجهة الفندق ومكتب الأستقبال متوسط ومقبول الحاصل صعدت لغرفتي وكان الطقس حاراً بل قل قائضاً خانقاً حقاً.الغرفة نضيفة ،ولما كنت قد وصلت عصراً فلقد بقيت في الفندق ولم أخرج وجاء الليل وخماً ثقيلاً ففتحت المروحة وكانت سقفية تخرج أصواتاً زعيقية برقصة إهليليجية.في الصباح حزمت أمري بمغادرة أثينا وحرها واللجوء لسلونيكا شمالا،يسمونها هم تسيلونيكا ،وما أن وصلتها حتى أستأجرت غرفة في فندق أشترطت أن يكون فيها تبريداً جيداً وما أن تأكدت ووضعت حقيبتي حتى خرجت أتمشى في المدينة التي كانت يوماً ما تعتبر من أجمل مدن الأمبراطورية العثمانية،ولازالت تحتفظ بالكثير من معالم الفترة العثمانية،هذه المدينة التي كانت مسقط رأس الزعيم التركي أتاتورك.تجولت حتى الظهر لحين مررت أمام مطعم رأيت من خلف فترينة عرضه أنواعا من المرق والمأكولات الشرقية التي أستهواني منظرها ويتوسطها بالذات قدر باميا وقدر الرز بجنبه.دخلت المطعم وطلبت بعد السلام بلغة الأشارة طبقا من الباميا والرز وشيئا من السلطات،بعد قليل جائني المضيف وكما هي العادة عندنا بصحنين منفصلين مترعين بالباميا والرز وطبقاً من السطة المتنوعة والجميلة،وجبة شرقية بمعنى الكلمة ألحقتها بكوب شاي وبقلاوتين بالعسل،وتفاجئت فعلا برخص ثمن تلك الوجبة الملوكية.قررت بعدها أن أتمشى على كورنيش البحر الزاهي بعديد المقاهي المطلة عليه.كنت قد ذهبت لنهاية البلاج ثم نزلت الشاطئ أمشي مرطبا قدمي بماء البحر وأجلس لفترة أرقب الشفق وأحلم ثم قررت العودة فلما وصلت بالقرب من المكان الذي بدأت منه جولتي جائني من بعيد أصوات عزف كيتار ورأيت سرادقا كبيرا وأناسا متجمهرين فقلت لابد وأنه حفلاً موسيقياً عمومياً،فالناس يتوافدون ليأخذوا مكاناً لهم على الكراسي العديدة المرصوفة أمام السرادق.أنا من عشاق غناء وموسيقى أهل اليونان فهي أقرب لنا منها للغرب الأوربي ببعيد وتتميز بحنان النغم الشرقي وعذوبته وخصوصا تلك التي يكون فيها البزوكي سيد الآلات أو لوحده،وبالمناسبة فلقد أشتريت قبل عودتي واحداً من أجملها وأجودها صوتاً لأضمه لباقي مجموعتي من الآلات الموسيقية.أخترت مكاناً وسطاً وجلست أرقب الموسيقيين وهم يعدلون ويظبطون آلاتهم تهيئاً لتقديم وصلاتهم.بدأ النظارة بالتهافت على الكراسي جماعات وأفراد وحمدت ألله أني قد دخلت قبيل ذلك إذ لم يبقى بعد دقائق من جلوسي كرسياً واحداً فارغاً،ثم جاء غيرهم فتحلقوا وقوفاً حول القعود فأمتلأت الساحة بهم،فقلت في نفسي لابد وأن الموسيقيين والمطربين هم من المشاهير.لاحظت أن أكثر الحظور هم من كبار السن فقلت أنه لشيئ رائع فالوصلات ستتضمن موسيقى وغناء أصيل وربما فلكلوري لوجود سواح بين الحظور مثلي.كان الوقت عصراً والشمس مازالت ساطعة ونحن تحتها جلوس.بعد حوالي نصف ساعة من الأنتظار الممل هب القاعدون وقوفاً بالتصفيق مع مجيئ وفداً من الرجال المتأنقون الذين يرتدون ملابس رسمية مع ربطات عنق رغم حرارة الجو مع نسوة يرتدين أنواعاً من الفساتين الفاقعة الألوان وهم يحيطون برجل خمسيني بدين يوزع الأبتسامات والتحيات على الجمهور، ثم أنه أعتلى وقسم من مرافقيه المسرح وترافق ذلك مع إنسحاب الموسيقيين دفعة واحدة ثم تقدمتت أحدى المرافقات الجميلات وأخذت سماعة المذياع وبدأت بالكلام وهي تتوجه بإبتسامة عريضة تارة للجمهور وأخرى للرجل الخمسيني فقلت بنفسي أنه ربما هو من تبرع بهذا الحفل المهيب أو هو ربما المطرب الرئيسي الذي سيحيي هذه الأمسية رغم أنه لايبدو عليه من أهل الفن.أنتهت المرأة من الكلام وتقدم الرجل البدين وأخذ السماعة بعد أن شكرها وسط عاصفة من تصفيق الجمهور،ثم راح الرجل يتكتك بسبابته على المايكرو ثم أشار لأحد مرافقيه بأن يصلح الصوت مع أنه كان مرتفع نسبيا .قلت الآن سيبدأ الطرب اليوناني اللذيذ ....ثم وأنا سارحاً جاء صوته هادراً،وكاد يقلعني من مكاني ويثقب طبلة أذني،جعاراً جهاراً تارة يرفع وأخرى يكبس وأنا أطمن نفسي كل لحظة بأنه سينتهي بعد هنيهة فهو على مايبدو من علية القوم وهو من تفضل وأقام الحفل، ولكن بعد أكثر من ربع ساعة من شلال الكلمات الخارق للطبلات الأذنية قررت أن أتخذ إجراآت الحماية الذاتية،ولما لم يكن عندي قطنا أضعه في أذني أخرجت كيس المناديل الورقية وقطعت نتفا منها لأحشوها في قعرأذناي وبنفس الوقت كنت أتطلع بالجمهور حولي لأرى ردود أفعالهم وكيف تعاملوا مع زعيق هذا الرجل الذي هو حتما مصابا بالطرش الثقيل،فإذا بي أتفاجئ بأن كل أنظارهم تتجه نحوي أنا....كانت نظرات نارية تنذر بما سيعقبها مع كل نتفة قطن أضعها في أذني ....فما كان مني سوى إسترجاع الفلم للوراء ومحاولة إخراج النتف من أذني ولكنها كانت قد إستقرت بعيداً ولن تخرج إلا بملقط ....فقررت الأنسحاب قبل وقوع المحذور.نجوت بنفسي ونظراتهم الحاقدة تكاد تقطعني إربا .بوصولي للفندق أستفهمت من المديرعن ذلك الحفل الكبير فأخبرني بأنه حفل إنتخابي لحزب يميني متطرف يتميز بكراهيته للأجانب والجمهورهم من حزب ذلك الرجل.حينها فقط فهمت سبب نظراتهم القاسية والمتوعدة فلقد حسبوني يسارياً مندساً أتعمد إهانة زعيمهم البدين الذي من فرط شحمه سد عليه منافذ أذنه بعد أن أتم أحتلال ذهنه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس