الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
صهيل القلم
ميساء البشيتي
2019 / 12 / 21الادب والفن
لا صوت يعلو على صوت الألم، لا الصداح بحناجر البلابل، أو النفخ بقلب الناي الحزين، أو الترنم على أنغام الجاز؛ صوت الألم يبقى مدويًا، مجلجلًا، مزمجرًا، ترتعد من زئيره قمم الجبال وبواطن الكهوف، وكل ما فوق الأرض وما تحت الثرى.
قبل أن يعلو صوت الألم على صوت القلم كان هذا القلم خيمة كبيرة تأوي إليها القلوب اللاجئة... كان بيمينه يهزَّ الغيمة الحبلى فتمطر، وبيساره يهزُّ الشجرة الممتلئة نعمة فيتساقط الثمر، وفي ساعات المساء كان يداعب الموج حتى تخرج عرائس البحر تتمايل وتتراقص على ضوء القمر... كان هو السماء والأرض والوطن!
هذا الألم علا صوته، وطغى، وزمجر كالرعد في الأرض الجَدْب، وتفجر قنابلَ من اللهب تناثرت سهامها وأصابت صدرالقلم فسقط طريح الصمت! أُوصد قلبه بوجه الفارين من إشعاعات الغضب، سكن كطير ذبيح يلعق جراحه، ثم انكمش كغيمة فارغة في جيوب السماء الملآى بالسحب.
لم يكن يخيفني كل هذا الدمار المنتشر كالنار في الحطب، ولا امتلاء الأرصفة بالخطوات العابرة، ولا طول الليل وقِصَر الأحلام، ولا لفظ البحر لأسماكه حين تزاحمت عليه أقدام الهالكين من بني البشر!
تملكني الخوف فقط حين أصبح هذا القلم لاجئًا برسم الشتات... لا رصيف ترسو أقدامه عليه، لا غيمة عاشقة تمطره زيتونًا وعنبًا، لا نخلة يهزُّ جذعها فتُساقط عليه رطبًا جَنِيًا، ولا عرائس البحر ترقص على أغنياته وتثمل.
لم أشعر بالذعر عند هجري لوسائد الطفولة، أو لحظة هروبي من أيام الصبا، أو حين غرقي في بحر الصمت والعوم فيه فيه كسمكة عوراء، ولا من ذلك الثقب في سماء الوطن الذي يجرنا مكبلين إلى دائرة العدم... لم أكن أعرف معنى الذعر إلى أن رأيته يتملك هذا القلم، وينال منه، ويسقطه طريح الصمت... فزئير الألم أعلى بكثير من صهيل القلم.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص
.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة
.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس
.. ليلى عباس مخرجة الفيلم الفلسطيني في مهرجان الجونة: صورنا قبل
.. بـ«حلق» يرمز للمقاومة.. متضامنون مع القضية الفلسطينية في مهر