الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكرى الأربعون لانتفاضة الفلاحين الفقراء بنواحي قصبة تادلة- المغرب

ابراهيم أحنصال

2019 / 12 / 21
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


كثيرة هي المحطات الكفاحية التي قدم فيها شعبنا آيات رائعة من المقاومة والصمود، لا سيما معارك وانتفاضات الفلاحين الصغار الفقراء التي ما يزال أغلبها مطمورا ومجهولا حتى لدى أوساط المناضلين المهتمين، ولعل واحدا منها الانتفاضة التي شهدتها ثلاث جماعات ترابية (أولاد سعيد الواد، كطاية، سمكت) التابعة لدائرة قصبة تادلة إقليم بني ملال. حيث توجد منطقة رعوية (الحنزوزي) التي تقدر مساحتها بأكثر من عشرين ألف هكتار، وهي أراضي الجموع.

ونظرا لشساعة هذه الأراضي فقد كانت محط أطماع السلطة وإقطاعييها بالمنطقة، حيث أن أحد الإقطاعيين الذي كان من العملاء المتعاونين مع الاحتلال الفرنسي، والذي عين بعد الاستقلال الشكلي عاملا على عمالة بني ملال أوائل الستينيات والمنحدر من منطقة القصيبة، أخذ يتسلل إلى هذه الأراضي ويقوم بقضمها قطعة تلو قطعة عبر إنشائه لاسطبلات وإنزال عشرات الآلاف من رؤوس الماشية المملوكة له ولأصدقائه من الإقطاعيين. ومن هنا أخذو يحتلون هذه الأراضي حتى أصبح الأهالي الفلاحين الفقراء في حصار وانحسار داخل أراضيهم التي تعرضت للسطو والنهب والاحتلال.

وأمام هذا الواقع المفروض تقدم الفلاحون مرارا وتكرارا بالشكاوى والاحتجاجات إلى السلطات بمختلف مستوياتها، سواء عندما كان هذا الإقطاعي عاملا في جهاز السلطة ببني ملال أو بعد إلحاقه بالمصالح المركزية لوزارة الداخلية، حيث طالبوا بتحرير أراضيهم من المحتلين واسترجاعها دون جدوى. وبدل الاستجابة لإرادة الفلاحين، قام هذا السلطوي الإقطاعي بمعية مسؤولين بعمالة الإقليم في شهر دجنبر 1979 بإجراء اتصالات مع أعضاء المجالس الجماعية الثلاثة، قصد فرض "أحقيته" وباقي الإقطاعيين في تلك المراعي، وهو الشيء الذي لم يستطع تمريره رغم ضغوطات عمالة الإقليم.

أمام هذا الوضع، فوجئ الفلاحون يوم الأربعاء 26 دجنبر 1979 بإنزال لعناصر القوات المساعدة ومعهم سيارة (جيب) مجهزة بلاقط اللاسلكي، مما يبين أن أجهزة النظام القمعي عازمة على فرض الأمر الواقع بتجريد الفلاحين من أراضيهم بالنار والدم. فأعلن الفلاحون النفير في صفوفهم وهبوا للدفاع عن أراضيهم وحمايتها، حيث ذهبوا يوم السبت 29 دجنبر 1979 بالمئات إلى عين المكان للتصدي لهذا الاحتلال البغيض، فهاجمتهم أجهزة النظام بوحشية كما أحرقت جرارا في ملكية أحد الفلاحين، فنشب الاشتباك وعم السخط ودبت الحماسة فيهم، هنا قام النظام الفاشي بتعزيز قواته القمعية عبر استقدام قطاعات أخرى من خارج الإقليم، فسقط الكثيرون من الجرحى واعتقل العشرات. كما أطلق العنان لوحوشه من أجل البطش والتنكيل ومطاردة المنتفضين، فخرج في أولاد سعيد الواد حوالي ثلاثة آلاف متظاهر لردع هذه الاستباحة.

لقد حضر عامل إقليم بني ملال شخصيا ومسؤولي الأجهزة القمعية على عجل للإشراف والإدارة المباشرة لهذا العدوان، وكانت الحصيلة اعتقالات بالجملة وصلت 180 معتقلا، تم نقلهم جميعا في شاحنات مغطات إلى ثكنة (أورير) ببني ملال، ناهيك عن الجرحى والمعطوبين الذين صعب حصر عددهم. وبالموازاة لجأت قوات النظام الفاشي إلى نهب وسلب الدكاكين التجارية والسطو المسلح على رؤوس الماشية ومن تم نحرها، حتى تتغذى منها وكذلك لإشاعة الرعب والانتقام من جماهير الفلاحين المنتفضين.

لقد كانت الانتفاضة باهظة التضحيات وجسيمة، حيث بلغت الأحكام الصادرة عن محاكم النظام ب"اسم جلالة الملك" ثلاثة سنوات لبعض المعتقلين؛ لكنها في المقابل حررت الأرض ودحرت المحتلين، حيث اضطرت المصالح المركزية لوزارة الداخلية إلى إنجاز محضر يوم 04 يناير 1980 بمقر العمالة ببني ملال تقر فيه بجلاء الدخلاء من أرض آيت الربع وبني معدن. إنها معركة مشرقة من تاريخ شعبنا جديرة أن تدرس وأن تكون ملهمة في الحاضر، سيما في هذا الزمن الذي تتعرض فيه أراضي الجموع لشتى أنواع السطو والاحتلال من طرف مافيات العقار من الطبقة الحاكمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي


.. United Nations - To Your Left: Palestine | كمين الأمم المتحد




.. تغطية خاصة | الشرطة الفرنسية تعتدي على المتظاهرين الداعمين ل


.. فلسطينيون في غزة يشكرون المتظاهرين في الجامعات الأميركية




.. لقاءات قناة الغد الاشتراكي مع المشاركين في مسيرة الاول من اي