الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا خَلاصَ للقَتَلة

امين يونس

2019 / 12 / 22
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


قد يتساهَل معتصمو ساحات الإحتجاج في بغداد والمحافظات [ بعد أن يُحققوا مطالبهم المشروعة ، سواء بعد شهر أو سنة أو أكثر ] مَعَ مَنْ قامَ بِرَشِهم بالماء الحار بواسطة الخراطيم .
قد يتسامح الثوار المعتصمون ... مع قُوى الأمن والشرطة الذين إكتفوا بِرَمي القنابل المُسّيِلة للدموع في الهواء فقط .
قد يتفهم معتصمو الحِراك ... المُمارسات التقليدية لقوات مُكافحة الشغَب من الذين نفّذوا التعليمات بِحرَفية ولم يتسببوا بإيذاء أحدٍ من المعتصمين أو المتظاهرين .
لكن أصدقاء الشهداء ، لن يُسامِحوا المجرمين الذين أطلقوا الرصاص الحَي على المتظاهرين السلميين ..
لكن أهالي الشهداء ، لن يهدأ لهم بال ، حتى ينال القَتلة الذين أطلقوا القنابل المسيلة للدموع على رؤوس أبناءهم مُباشرةً ، جزاءهم العادل .
لكن أُمهات وأخوات الضحايا السلميين الشباب ، لن ينسوا بالمّرَة ، القناصين الذين إعتلوا سطوح البنايات وإستهدفوا الشباب العُزَل وقتلوهم بدمٍ بارِد .
نعم ... كُل ضَحِية سقطتْ في ساحات التظاهُر والإعتصام ، لهُ قيمة كُبرى ، فهو ليس فقط إنسان ، لكنهُ إنسانٌ واعٍ مُتمرِد على واقعه المُزري ، مُسالمٌ يُطالب بإسترجاع كرامته المثلومة ووطنه المُختَطَف ... كُل ضَحِية سقطتْ برصاصٍ حَي أو قنبلة مُسّيِلة للدموع أو بِطلقة قّناص ، خسارةٌ فادِحة ومصدَر ألمٍ كبير لأهله وحسرة لزملائه وأصدقاءه . ويا لها مِنْ مسرحيةٍ مأساويةٍ لا معقولة : في جانبٍ من المسرَح ، آلافٌ من الشابات والشباب ، المسالمين ، المعتصمين والمتظاهرين ، الذين يريدونَ وطَناً .. وفي الجانب الآخَر ثُلّة من عديمي المشاعِر الذين يستلمون أوامَر من قادة ميليشيات وقادة أمنيين مُجرمين .. أوامر بالقتل العَمد العشوائي .
والأدهى والأمَر من كُل ذلك ، هي حالات الإغتيال وحالات الخطف والتعذيب ورَمي الجُثَث . فإذا كان معظم شُهداء ساحات التظاهُر والإعتصام في بغداد والمحافظات ، من ضحايا الرمي العشوائي ، فأن الإغتيال والخطف حالتان مختلفتان ، فأن هنالك جهات متخصصة تُراقِب وتُشخِص الناشطات والناشطين والمثقفين والفاعلين والمتبرعين ، فتغتال قسماً منهم بمسدسات كاتمة وتخطف قسماً آخَر وتعذبهم وقد تقتلهم وترمي جثثهم في الشارع ، بُغية ترويع الآخرين وردعهم عن الإستمرار والمواصلة .
كُل الأنظمة القمعية حول العالم ، تشترك في صِفة ، تصفية المعارضين ، جسدياً ، و السلطة في العراق وحتى بعد 2003 ، وحُكم أحزاب الإسلام السياسي والأحزاب القومية ، ليست إستثناءاً ، فهي لم تتوقف عن إغتيال النشطاء المدنيين والصحفيين والمثقفين ، في عموم البلد من زاخوه إلى فاوه .
قد تكون مسؤولية قتل المتظاهرين والمعتصمين السلميين ، مسؤولية عامة ، تتحملها قيادة القوات المسلحة وقيادة الحشد الشعبي والميليشيات المنفلتة ... لكن على ثُوار ساحات بغداد والبصرة والناصرية والنجف وكربلاء وغيرها ، توثيق حالات الإغتيال والخطف والتعذيب ، وتشخيص الأطراف المتورطين بهذه الأفعال الشنيعة .. فهذه الجرائم لا تزول بالتقادُم ، ولا مناص من مُحاسبة المجرمين غدا ً أو بعد غَد .
لو حاكمتْ سُلطة ثورة 14 تموز ، الغوغاء الذين قاموا بقتل وسحل الملك ونوري السعيد .. ولو حاكمتْ سعيد القزاز ورموز العهد الملكي في محكمةٍ أكثر رصانةً من محكمة المهداوي .. ولو قام أنقلابيو 8 شباط ، بمحاكمة عبد الكريم قاسم ورموزه محاكمة عادلة ، ولو قام عبد السلام عارف بمحاكمة مجرمي الحرس القومي على كُل ما إقترفوه من جرائم شنيعة .. ولو ولو ولو ... إلخ . لما أصبحَ العُنف المنفلَت والإنتقام غير المنضبط ، صفة مرادفة لل " العراقي " .
واليوم هذه فُرصة ، لكي نُصّحِح المَسار : فهذه الإنتفاضة / الإحتجاج الشعبي / الثورة الشبابية .. سّمِها ماشئت .. وحتى لو تلكئتْ مؤقتاً .. فأنها ستنتصر في النهاية . وعلينا إستثمار سلمية الحراك ورُقي الوعي المُرافِق له .. وعلينا أن نتجاوز أرث الإنتقام العشوائي والتطرف ، ونجعل القانون يأخذ مجراه ويُعاقب المجرمين والقتلة ويُنصِف أهالي الضحايا .
بعد مرور 80 سنة على جرائم النازية الألمانية والفاشية الإيطالية ، مازال القانون يُلاحق بعض المجرمين القتلة الهاربين ... فأين المَفَر يا قاتلي المتظاهرين ويامُنفذي جرائم الإغتيال والخطف ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأجهزة الاستخباراتية الأميركية تحذّر من تهديدات خارجية في ا


.. مناظرتان بين ترامب وبايدن في يونيو وسبتمبر | #أميركا_اليوم




.. أردوغان يتحدث عن أطماع إسرائيلية في الأناضول ويجدد دعمه لحرك


.. كتائب القسام تعلن قتل اثني عشر جنديا في عملية مركبة شمال الق




.. متظاهرون في أستراليا يحيون الذكرى 76 للنكبة الفلسطينية