الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلسلة مقامات ميمون الواليدي : المقامة البنفيرانية

ميمون الواليدي

2019 / 12 / 24
الادب والفن


حدثنا علال بن قادوس قال:

"ساقتني الأقدار إلى حاضرة سلا، فنزلت سوق الكلب لأرى، أين كل شيء يباع ويشترى، بدء من التراب والرمل والحصى، مرورا بأدوية أمراض القلب والكلى، وانتهاء بضمائر بعض أبناء الزنا. جلست القرفصاء أناظر الباعة والمشترين، أتطلع أحيانا للواقفين وأحايين للسائرين، أنصت بحزن لدعوات المتسولين، أراقب بطرف العين تحركات النشالين، وأتساءل، كيف اجتمع كل هؤلاء المجانين؟ فجأة لمحت بين الجموع الوزير بن فيران، وقد كان كبير قبيلة بني جرذان، مصاصي دماء بني الإنسان، ولاعقي أحذية أردوغان. قوم انتقلوا من ركوب الحمير والأتان، إلى قيادة سيارات فورد ونيسان، ومن بيع البخور والكتان، إلى التحكم في مصائر الشيوخ والصبيان. قوم كل همهم تبادل النسوان، التنقل بين أحضان الإيماء والغلمان، الضحك على البسطاء باسم الخير والإحسان، بيع الدين والتجارة في الإيمان، النوم وملء البطون كالحيوان، تحويل الموظفين إلى عبيد وأقنان، كنز الأموال في البنوك بالأطنان، والبكاء كالتماسيح أمام رعايا السلطان. وقف المنافق بخبث وسط العامة، وزع ابتسامات صفراء على المارة، سلم على شيخ متسول بحرارة، ضم إلى صدره بائع البصارة، ثم همس في أذن رئيس الحراسة: انتبه، قد يكونون عفاريت من المعارضة.

توقف عند بائع الملابس القديمة، بشعبوية جرب بعض السراويل العريضة، تحلق حوله بعض المريدين من العشيرة، صفقوا والتقطوا كثيرا من الصور الجميلة، بعثوها للذباب المختبئ في الحظيرة، لينشرها بسرعة على الشبكة العجيبة، حتى يرى العالم زعيم القبيلة، يمشي في الأسواق ويقتر في المعيشة، وهو الذي اشتكى من غرغرة الأمعاء الغليظة، أياما قبل حلوله بالمكاتب الوثيرة، وسطوه على الأجور والميزانيات السمينة. انتصبت واقفا وسرت نحوه، صرخت باسمه لأشد انتباهه، استدار ورفع تجاهي رأسه، وقف الجالسون ليتبينوا ملامحه، وتوقف السائرون ليسمعوا رده. قلت: "يا زعيم الدجالين. يا كبير المهرجين. يا محرر أثمنة البنزين. يا آكل أموال المساكين. يا ناكر حقوق المعطلين. يا قاهر الأساتذة والمعلمين. يا مصاص دماء المتقاعدين. أي مؤامرة جاءت بك إلى سوق الدراويش؟ كيف تركت موائد المرابين وتجار الحشيش؟ ألم تكتف بعد من الصياح ونفخ الريش؟ مهما اشتريت من السراويل القندريسية، وسرت في الطرقات الشعبية، وقبلت رؤوس باعة الملوخية، ستظل ذئبا لا يؤتمن جانبه، ومخادعا لا يصدق قوله، ومنافقا لا يعتد بفعله. ككلب أجرب سيتفاداك الشحاذون، ستذكر فقط إذا ذكر السل والطاعون، سيتبول على قبرك المتشردون، وسيلعنك التاريخ والمؤرخون." نظر إلي ببرود وقال: " أتمساح أنت أم من العفاريت؟ أنا هنا لرؤية أصحاب الحوانيت، والحديث لبائعات أعواد الكبريت، والإنصات لشكاوى النساء والكتاكيت، وأكل بعض البيض بالفريت، ثم الصلاة في مسجد ذائع الصيت، فأنا رجل يحترم المواقيت، على أمل أن ينفعني ذلك يوم التصويت. أما أنت فلا فائدة من حديثك، أنا لن أتأثر بأسلوب من أساليبك، لن أشارك في لعبة من ألاعيبك، فمصيري أفضل بكثير من مصيرك، وبالتأكيد، قضيبي أطول من قضيبك." بينما علت قهقهات كل المريدين، وبعض من المغيبين، وكثير من المتملقين، أمسك بائع كتب بيدي وهمس في أذني: "لا عليك يا رجل، نحن قوم فاتنا أن نرى بطولات الإسكندر ذي القرنين، وفاتنا الإنصات لموشحات ابن الخطيب ذي القبرين، لكننا ابتلينا بتذوق مؤامرات ابن فيران ذي المعاشين.

#خوذ_الصرف
#مانعطلوكش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | على الهواء.. الفنان يزن رزق يرسم صورة باستخدا


.. صباح العربية | من العالم العربي إلى هوليوود.. كوميديا عربية




.. -صباح العربية- يلتقي نجوم الفيلم السعودي -شباب البومب- في عر


.. فنان يرسم صورة مذيعة -صباح العربية- بالفراولة




.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان